الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش وجاهلية القرن الواحد والعشرين ..

محمد البورقادي

2015 / 11 / 22
الارهاب, الحرب والسلام


عصابة ماكرة تقبع في أنحاء العراق والشام روعت العالم بمجازرها وطرق قتلها لضحاياها حتى صارت ذكرا على كل الألسن في الشرق والغرب ..لم يسلم نظام من مكرها الذي طفا عفنه في أرجاء الأرض ..
بدأت بالغزو على مناطق بجوار نفوذها في العراق مستفيدة من حرب الطوائف التي تعرفها بلاد الشام وضواحيها ..ذلك أن الزخم الطائفي المعقد شكل لها أرضية خصبة تبني عليها مخططاتها وتنفذ من خلال ذلك انقلاباتها وهجماتها ...حيث أن تلك البلاد تعرف حروبا أهلية بين مختلف طوائفها الشيء الذي زعزع استقرار النظام وأخل بموازين التحكم الأمنية لحساب الطائفة الأقوى نفوذا وأكثر عددا ..فقد كان لهاته العصابة هدف استعماري إمبيريالي بغية نهب ثروات المنطقة والإستفادة من خيراتها لدعم نفوذها وتمويل طاقاتها من عتاد عسكري وبشري ومجالي ..
كانت تهاجم المناطق التابعة لنفوذ الدولة وتبسط سيطرتها عليها من خلال قتل المدنيين الأبرياء والسطو على أراضيهم ..بل الأدهى من ذلك ..تقوم باحتلال المنازل وقتل الرجال واستحياء النساء ..استحياء النساء وأخذ البعض منهن كسبايا تعطى للجنود الداعشين كغنيمة وجزاء على عملهم الحربي الشريف ..والبعض الآخر يُعرض في الأسواق كجواري لمن يدفع أكثر من الأمريكان والكرد والطاجاكستانيين ..تقدم تلك النسوة كسلع للإستهلاك اليومي والعنيف من قبل تلك الذئاب البشرية ..إنه منطق فرعون يتجدد في القرن الواحد والعشرين ..قال الله تعالى :وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ...
إننا نعيش في الجيل الثاني من الجاهلية..
جاهلية القرن الواحد والعشرين ..
ولكنها جاهلية متعلِّمة تستفيد من أقوى وأذكى المعدات الحربية وتفيد من أحدث الوسائل التكنولوجية التي توظفها في غسل أدمغة الفضوليين من كل دول العالم ..توظفها للتجنيد الإفتراضي لكل من حاول الإطلاع على خفاياها وفهم أهدافها ..فهي لا تتهاون في نشر قيم البراءة والوفاء للدين بغطاء ات إرهابية متطرفة وأقنعة إيديولوجية محبكة لدجة تغري القادمين إلى صفوفها من مريديها وأتباعها ..
إنها السم المغلف بالعسل ...والنار المكسوة بغطاء الجنة..
هؤلاء العصابة امتلكوا من الدهاء ما جعلهم يقومون بتنويم مغناطيسي لكل من أُلقي في قبضتهم على الصعيد الإفتراضي ..إنهم يسحرون عقول الناس ويجمدون فكرهم عن التبصرة والتعقل ..فلا يكادون يدركون في أي واد يهيمون حتى يجدوا أنفسهم منقاذين طائعين مستسلمين لنواياهم وأفكارهم ...فإذا هم بساحة التجنيد الواقعي بعد الإفتراضي.. وإذا هم بقلب معركة الجهاد المزعوم والقتال المشرعن باطلا وعدوانا بإسم الدين ..حتى إذا تم اعتقال بعض المنضمين الجدد لهاته العصابة ..سئلوا عن ماذا يفعلون فيردوا ..في بله وبلادة كأنهم ثملوا حتى الغثيان ..بأنهم يقاتلون الكفار !! وأي كفار تقاتل وهم من دينك ومن أهلك ووطنك ..وأي كفار تقاتل وهم في المسجد عاكفون ..
إنهم لا يعرفون حتى من يقاتلوا ولم يقاتلون وفيم يقاتلون ..إنهم خشب مسندة أغشيت عقولهم وقلوبهم قطعا من الفكر والظلال مظلما ..
إنهم لا يقاتلون باسم الدين بل يقاتلون الدين ويحاربون الدين وينتصرون للدم والقتل ولو على أنفسهم ..فكم من قتيل قُتل وهو من جيشهم ومن أتباعهم وكم من أسير ذُبح.. وكم من أنثى اغتصبت وضربت ثم قتلت ..فبأي ذنب قتلت !!
إنهم فراعنة انتصروا للشهوات والمنكرات ..وجُرّدوا من كل معاني الإنسانية والحيوانية أيضا حتى صاروا أعجاز نخل خاوية لا ينكرون منكرا ولا يعرفون معروفا ولا يهتدون سبيلا إلا سبيل سفك الدماء والوحشية ...
إنهم آلات تحركها عقول خفية وأيد دهية تأسس لزعزعة استقرار العالم وتأليب الدول على بعضها واستنفار جهودها وطاقاتها لقتالها حتى تخور قواها وتنضب مؤونتها فتجد نفسها قد قتلت وشردت بعضها البعض في سبيل حشرات قابعة في أركان الجبال وقلب الصخور ..وهذا كمن يرمي بقطرة ماء على الزيت من بعيد وينظر الأثر لذلك فإذا به ضاحكا مستهزء ا..
وهل يستعصي على أووروبا وأمريكا القضاء على هؤلاء الزبانية وهم يمتلكون من الأقمار الإصطناعية ما تُدرَك به أنواع الأتربة في باطن الأرض ..أفيعجزون على القضاء على حصون جلية للعيان في وسط أرض خالية بالعراق وسوريا !!
إن فخاخ هاته الدولة المزعومة باتوا الآن منتشرين في كل مكان بفضل شبكة الإتصال المحيطة بالأرض ..إنهم قنابل موقوتة في انتظار الإشارة من بعيد.. وأعضائهم في تزايد مستمر ..وعتادهم في ازدياد تبعا لذلك ..
والغزو الآن هو فكري ..وليس عسكري ..والحرب الآن تنتصر للرمزي قبل المادي ..
كيف لأحد أن يقنع شخصا في مقتبل العمر بأن يضحي بنفسه في سبيل الدخول للفردوس الموعود ...إن فكر داعش الآن أشبه ما يكون بصكون الغفران التي تغيث من النار وتغفر الذنب وتشتري المقاعد في الجنة ..إنها كنيسة المسلمين ..ورجالاتها هم قسيسين من نوع آخر ..فمن دخل التنظيم وبايع الأمير فقد ضمن مقعده ..
إنها خرافة لا يؤمن بها إلا مجنون أو صبي ..فكيف يؤمن بها من انطوى على سر العالم كله !!
ألا يمكننا القول بأننا لا نعلم جهلنا وسوء فهمنا ..ألا نفيد من الواقع والحياة بقدَرٍ يغنينا عن الضياع والإنصياع لغير المعقول ..ألا يعنينا التأمل والتدبر عوض التسرع والتعجل ..أم أن فتنة هذا القرن وتسارعه اللامعهود قد طبع فكرنا معه فصرنا لا نعير اهتماما لأي طريق نسلك ونتبع ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران