الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يدقون طبول الحرب، فنرفع رايات الإقليمية

ناجح شاهين

2003 / 1 / 17
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 


رام الله ـ فلسطين المحتلة

اكتشف الأمريكان بعد ذوبان الثلوج، ما كانوا يعرفونه بالفعل، ونعني بذلك أن العراق لا يمتلك أسلحة من أي نوع من طراز " ذوات الدمار الشامل ". وعلى الرغم أن البعض هذه الأيام لا يمل من تكرار القصة الكورية، فإننا بالفعل نجدها مملة، ونجد أن الأنكل سام محق في ضجره منها. فكأن البعض يريد حقاً أن يبرهن أن الولايات المتحدة لا تكيل بمكيال واحد، أو أن ضعف العرب والعراق إضافة إلى لعنة النفط، هي الأسباب السرية والعلنية لما يجري على لسان ويدي القوة الأمريكية بمنتهى الوقاحة والبجاحة. نحن نتوهم أن تحصيل الحاصل الرياضي والقضايا التكرارية في المنطق، هي بالضبط التي تقدر أن تعبر عن هذا الموضوع. وأما البحث المنتج للمعرفة الجديدة فإنه بريء من أية محاولة " لاكتشاف" أساسيات السلوك الأمريكي. ولهذا نقول بوضوح تام: كلا لا يهمنا البتة ما يجري من واشنطون تجاه كوريا، وصحتين على قلب أصدقائنا الكوريين برنامجهم النووي الذي نتمنى له كل نجاح. نتمنى له في كل الأحوال نجاحاً لا يقل عن البرنامج الإسرائيلي. والحقيقة أن المقارنة ـ من جانبنا نحن معشر الأعاريب ـ يجب أن تتجه دوماً إلى إسرائيل جارنا وعدونا اللدود الذي لا يقبل بنا حتى عندما نقبل به بل ونسرف في خطب وده.

هكذا يعترف رامسفيلد الشديد التعنت أنه لا يريد أدلة على وجود أسلحة لدى العراق. إذ أن من الممكن ـ لا سمح الله ولا قدر ـ أن يمتلك العراق برنامجاً نووياً في يوم من الأيام، فماذا نحن فاعلون في العالم الحر الذي يشمل حفنة من الدول الرأسمالية التي يتناقص عددها باطراد. لا بد أن العاقل هو من يحتاط للأمر قبل وقوعه. ويعني ذلك أن من حق الولايات المتحدة أن تضع العراق تحت السيطرة المباشرة، بما يتضمن عودة أشكال الاستعمار القديم عند اللزوم. وفي هذه الحالة فقط يوجد ضمانات كافية أن لا يصنع العراق أسلحة دمار شامل، وأن لا يهربها إلى القاعدة أو حماس أو حزب الله أو أية جهات إرهابية أخرى، غالبا ما تكون على اتصال بالعرب الملاعين الذي يخوضون إرهاباً هائلاً يؤرق البشرية وحلمها في استمرار تدفق النفط حتى آخر قطرة، لضمان سعادة الحياة الرأسمالية لعقود مديدة.

هكذا علناً ودون لبس لا بد من ضرب العراق وتدميره. هذه هي ألف باء المصلحة التي يعلنها الأنجلوسكسون على ضفتي الأطلسي. ولا بد أن كثيرا من سكان المعمورة غير سعيد بما يجري. لكن أمام انحناء الهامة العربية إلى حد الالتصاق بالصدور، لم يعد أحد قادراً على رفع صوته في برية الاستكانة، بل ربما التآمر العربي. وفي هذا الإطار ُيقرأ في اللوحة العربية موقفان يتماوجان، يتداخلان، يتعاضدان، ويفترقان، ولكنهما أيضاً يمتزجان. إنهما الموقف الذي تمثله قطر _ التي نجحت في العودة إلى محيط الجاذبية بعد أن كانت بحسب مزاعم مظفر النواب " مراحل بعد الفراغ"  والذي ينص على أن من " خاف سلم". فأمريكا قد جهزت عدتها للحرب، وليس للعرب قبل بها، فاتركوها تذبح الذبيحة الموعودة، وهي قد تكون العراق، وربما معها فلسطين التي تنزف منذ الآن، وكذلك قد يتسع العيد لأضحيات أخرى ـ أو ليس عيد الأضحى على الأبواب؟ ـ مثل حزب الله وربما سوريا. لكن ذلك حسب الوعظ القطري الذي لم يكتشف القراءة الكتابة إلا منذ عشر سنين لكنه مع ذلك يتنطح لتفهيمنا أصول التفكير العقلاني كأنه كان مع أفلاطون ساعة افتتاح الأكاديمية، ذلك حسب قطر طريق السلامة. وهناك الموقف الآخر الذي تمثله دول مثل الأردن وبعض رموز السلطة الفلسطينية الذين يصرون على جانبي النهر أنهم أدرى بظروفهم، وأن مصلحتهم الإقليمية أهم. فيرفعون شعارات من نوع: " احترسوا، ألسنتكم صونوها، وأيديكم قيدوها عن الفعل كيلا أكلكم البعبع شارون، وملعون أبو العراق على أبو سوريا." وعذراً أنني أستعير الطريقة الشعبية الفلسطينية في التعبير، لكن هذا بالضبط هو أسلوبهم المفضل. في الأردن يأتي موال "الأردن أولاً". ولسنا نعرف معنى هذا الشعار، وكيف يمكن أين يقوم الأردن بدون العراق، وكيف يمكن أن تحيا رام الله دون نفس بغداد؟ كأننا بعد بغداد ودمشق يمكن أن نحافظ على أرض أو زرع أو مياه، ولن نصبح مرتعاً لكل أنواع العبث الاحتلالي الصهيوني والأمريكي على السواء.  إنهم للأسف لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم لكنهم يتظاهرون بالحكمة التي تسوغ لهم التحصن بالقطرية التي لم يعد مهندسها الاستعماري نفسه يعترف بها، فكيف بجماهير الأمة التي ذاقت الويلات تلو الويلات منذ أن نشأت الدولة القطرية على أثر سايكس بيكو سيئ السمعة. لكن ماذا إذا كان الرجل الأبيض قد مل الخريطة الراهنة وقرر أن ندخل مرحلة الكنتنة. ماذا تفعل قطر لحماية أمنها القطري؟ والأردن؟ والأمن الإقليمي الفلسطيني الخاضع أصلاً في هذه اللحظات للاحتلال؟

لا تبدو الإجابة على درجة عالية من التعقيد. فالحل السحري المدهش في بساطته هو التكتل الإقليمي في مواجهة العاصفة وهذا التكتل ـ لحزن البعض وأسفهم الشديد ـ يعني بالضبط أن يتكتل العرب من محيطهم إلى خليجهم لمواجهة الهجمة الاستعمارية الجديدة القديمة. لكن يبدو أن ما نقوله كلاماً تجاوزه التاريخ الحداثي للإقليمية العربية في زمن العولمة ومن الحق أن نقول أن الكرة بالضبط في ملعب الجماهير العربية في كل مكان وخصوصاً في المشرق الذي يحتضن العراق يجب أن يرتفع الصوت الجماهيري العربي عالياً ضد الممارسة الاستعمارية العدوانية، وربما بدرجة أشد ضد التواطؤ والدعوات الرخيصة التي تبشر هنا وهناك بالهم القطري البائس في زمن يفترض أنه على العكس لا يقبل إلا الوحدة العربية الشاملة بوصفها الطريق الوحيد لمواجهة القضايا الكبرى التي ينوء بها عبء المواطن العربي في كافة أرجاء دويلات الطوائف من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل مؤلمة! | نادين الراسي


.. قصف عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت • فرانس 24 / FRANCE 24




.. نحو عشرة ملايين تونسي مدعوون للتصويت في انتخابات رئاسية تبدو


.. تساؤلات عن مصير قاآني.. هل قتل قائد فيلق القدس التابع للحرس




.. بتقنية -تايم لابس-.. توثيق لضربات إسرائيلية عنيفة على بيروت