الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الإعلام في صنع صورة العراق في الخارج

مجاشع محمد علي

2015 / 11 / 23
الصحافة والاعلام


لكل دولة من دول العالم صورة وطنية- وخاصة الدول الكبرى، والدول الإقليمية المركزية كالعراق- هذه الصورة الوطنية الذهنية تعكسها وسائل الإعلام-بالدرجة الأولى- لدى شعوب دول العالم، وتتحدد مكانة وسمعة الدولة في العالم بناءً على تلك الصورة؛ والمثال على ذلك هجرة الآلآف من العراقيين إلى الدول الأوربية بطريقة غير مدروسة معتمدين على صورة المجتمعات الأوربية كما عكستها وسائل الإعلام، والتي تعكس رؤى الآخرين وإدراكهم لقدرتها ولدورها، وتنعكس تلك الصورة على خصائص شعب كل دولة.
إن التطور الكبير الذي رافق الثورة الإعلامية المعاصرة التي شهدها العالم في السنوات الثلاثين الأخيرة تقريباً؛ والدور المهيمن للإعلام على السياسات الخارجية والعلاقات الدولية يجعل من اليسير بناء صورة وطنية لأي دولة، وخصائص وطنية للشعوب بصورة أسرع عن ذي قبل، بالرغم من عدم وجود أية ضمانات لكي تعكس تلك الصورة حقيقة الشعوب والخصائص الدقيقة للدول- والأمثلة عديدة وكل منا لدية صورة معينة عن أي دولة-، من ثم تستثمر الدول جمعاء في إعلامها الوطني، وربما في الإعلام الدولي تحسّباً لذلك، وبغية أن تُعبر الصورة الوطنية عن مكانتها الفعلية.
وبالعودة للعراق هذا البلد الموغل في القدم بحضارته وثقافة شعبه؛ فإن صورة الوطنية المشرقة بدأت بالتراجع بشكل متسارع؛ فمثلاً حينما نسافر للخارج، السؤال الذي يُطرح علينا هو:انت سني أم شيعي؟ عربي أم كردي أن تركماني؟ هل هناك حياة في العراق؟ كيف لكم ان تقتلوا بعضكم البعض؟ ... إلى غير ذلك من الأسئلة التي تعكس صورة العراق وشعبه في الخارجفي هذه الأيام –التي غذاها الإعلام لدى العالم-.
فالصورة الوطنية للعراق في الخارج بعد العام 2003– التي تعكسها وسائل الإعلام - أكثر تعقيداً من دول أخرى في النظام الدولي لأسباب تتعلق بالواقع الصعب والمعقد للعراق، والتي تزداد يوماً بعد يوم سوءاً وخلافاً لما كان يعتقده البعض من أن الحرية والديمقراطية ستحسن من صورة العراق التي تراجعت خلال فترة حكم البعث؛ فهذه الصورة السيئة عن حكم صدام لم تؤثر على صورة الشعب العراقي، بل على العكس كان هناك تعاطفاً دولياً وظهر الشعب العراقي على أنه شعب مناضل ومكافحة ضد الظلم والدكتاتورية؛ لكن حينما ظهرت الخلافات والانقسامات داخل الشعب بعد العام 2003 والذي رافقه اعتداءات مسلحة وتفجيرات ارهابية حصدت ارواح الابرياء انقلبت تلك الصورة وانعكست على صورة الشعب العراقي كله.
إن أسباب تراجع صورة العراق كثيرة ولم يقتصر على الجوانب الامنية والسياسية، بل تعدى ذلك إلى الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، أضافة إلى أن القنوات الفضائية - بعد العام 2003- أتاحت الفرصة لأشخاص غير متخصصين لدس أنوفهم في موضوعات سياسية حساسة بدعوة الشجاعة الفردية من ناحية، واستثارة المواطنين وتحريضهم من ناحية أخرى، فقد تحوّل هؤلاء الأشخاص إلى محللين سياسيين يقدّمون فتاوى سياسية حول الهوية العراقية، والعلاقات الخارجية، وهي فتاوى أكثر خطراً وأشد ضرراً على صورة العراق أمام دول العالم.
وقد أدى التنافس بين وسائل الإعلام- وفي مقدمتها الفضائيات- لتغطية الموضوعات المتشابهة إلى الاستعانة ببعض الضيوف غير المتخصصين يستخدمون لغة للحوار تنعكس سلبياً على صورة العراق عند تحليل مضمونها ومقاصدها، كما أوجد التضارب في المناقشات الوطنية، وعدم توافر المعلومات -عند الحاجة إليها- إلى التشكيك في الأداء والإغراق في استنتاجات تضر بالعراق ولا تُضيف إليها.
بالإضافة إلى ذلك؛ فإن البرامج التلفزيونية- المقدمة عبر القنوات الفضائيات- في إعدادها وأدائها بدلاً من أن ترتقي بالرأي العام، نجدها في بعض الأحيان تستجديه، وتتولى تسطيح الموضوع، فإن هذا يؤدي بالضرورة إلى تشويه الحقيقة، ويُضعف قدرة العقل على التفكير والفهم والإبداع، ويؤدي إلى أخطاء يتصيدها المراقبون والمحللون ويستنتجون منها خلاصات تُلقي ظلالاً كثيفة على صورة العراق.
أخيراً فالصورة الذهنية للعراق في الداخل والخارج هي مسؤولية جماعية تحتاج إلى رؤى وطنية معمقه تحدد نوع وكيفية إسهام العراق في الحضارة الإنسانية المعاصرة، لذا فبناء صورة العراق يقتضي إدراكاً واعياً بأن العراق لا تُعني الحكومة ولكنها تُعني الشعب العراقي وموارده وقدراته ومؤسساته وثقافته وعقله، كما أنها صورة تكاملية شاملة وليست جزئية أو مفردة تستلزم بالضرورة تعبئة وطنية خالصة للارتقاء بالأداء والالتزام بالتميز والإعلاء من قيم الإيثار والانطلاق من الداخل إلى الخارج، والإدراك الواعي بأن تشوه الصورة في الخارج يضر بالمكانة ويؤثر على الدور، ويُلقي مسؤولية أكبر على السفارات العراقية في الخارج الذي يجب أن يعمل كوادرها على تصحيح ما يرتكبه بعض العراقيين- بقصد أو بدو قصد من أخطاء - في حق الوطن- تضر بصورة العراق أمام العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا علقت قناة الجزيرة على قرار إغلاق مكتبها في إسرائيل


.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح




.. -صيادو الرمال-.. مهنة محفوفة بالمخاطر في جمهورية أفريقيا الو


.. ما هي مراحل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس؟ • فرانس 24




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على «موقع الرادار» الإسرائيلي| #ا