الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين ضحية وبطل كما بين نعجة وأسد ...

عرفات البرغوثي

2015 / 11 / 24
القضية الفلسطينية


ما بين ضحية وبطل كما بين نعجة وأسد ...
يحاول بعض الفلسطينيين رفع شعار " قوتنا في ضعفنا كما رفع في لبنان قبل انتصارات المقاومة ، بحجة الواقعية والعقلانية والاستسلام المتماهي مع حالة نكران الفعل المقاوم مع الاحتلال . لدرجة ان البعض بات يفضل ويعمم ان يكون الفلسطيني مجرد ضحية تقتل بيد الاحتلال دونما اي مقاومة كنعجة تذبح باستسلام وتنتظر من ذابحها ان يشفق على لحمها في الشوّاء .
فمنذ بداية الهبة الحالية في مدن الضفة والقدس وفي كل حالة استشهاد تحدث يتم تصوير الموقف وكان الشهيد قتل دون ان يقاوم ودون ان يحمل في قلبه نيّة العملية حتى تأتي صور الاحتلال وتثبت ان الشهداء كانوا يحملون سكينا او اداة مقاومة ... ولسنا هنا نبرر للعدو قتل ابطالنا ولا نسقط فعل الاعدام بل نؤكده بقوة لان المحتل في كل الحالات كان قادرا ان يشل حركة الشهيد ويعتقله ولكن اجرامه كمحتل عنصري حاقد يجعله يقتل بوحشية وينكل بالجثامين ابشع تنكيل ..
والسؤال المطروح لكل ابطال الواقعية الذين يقتلون الشهداء مرة اخرى عندما ينكرون بطولتهم في الاصرار على المقاومة وحماسهم ودافعهم المخلص حتى لو " فشلت عمليتهم " باصابة العدو . من اجل من تحاولون جعل الصورة بهذا الشكل ؟ أمن اجل عالم لم يسمع صرخات الاطفال تحت ردم غزة ؟ ام من اجل مجتمع دولي لم يدن الاحتلال منذ العام 1948 ادانة فعلية ؟ ام انكم ما زلتم مقتنعون ان المحافل الدولية تنشد العدالة لكم ؟
اما المطالبات بمنع الاطفال من الانحراط في اعمال المقاومة الفردية والتي تأتي بحجة ان اطفالنا يجب ان يعيشوا كبقية اطفال العالم فهو ايضا محاولة لتبرير الاستسلام بالدعوة لاعادة الاعتبار للطفولة الفلسطينية ... فاطفالنا ليسوا كاترابهم في اي مكان من العالم لانهم وحدهم من يعيشون احتلال وحشي . وربما انهم ارادوا ان يكونوا كاطفال العالم ولكنهم وجدوا كبارهم ومثقفيهم واحزابهم عارقون في التحليل والتنظير والسلطة الوهمية منجزين لهم حالة فراغ وانقسام ، فأدركوا ان عليهم قرع الخزان علنا نسمعهم وهم يتحملون مسؤولياتنا ويتقدمون اعمارهم ليبلغوا الرشد باكرا . ومع ذلك فاننا خذلناهم مرة اخرى لدرجة ان البعض بات يرى في ظاهرة انخراط الاطفال في عمليات الطعن آفة قد تقضي على براءتهم الطفولية .. اولم نكن نفخر باطفال الار بي جي في بيروت وننشد لهم الاناشيد ؟؟ اولم نكن انفسنا اطفال الحجارة الذين كناهم في الانتفاضة الاولى عندما كان الطفل يجلس بجانب شباك صفه المدرسي ليكون اول من يرى اقتحام الجيش لقريته فيسارع بالخروج اولا لرشق الحجارة كي يشعر ان اغاني الانتفاضة التي تمجّد اطفال الحجارة تعنيه شخصيا ؟؟؟ ان نكران مشاركة الاطفال التي اصبحت واقعا تفرضه حالة الاحباط والياس من المستقبل التي ادركها الطفل الفلسطيني محاولة من الكبار لتبرير عجزهم عن خلق مستقبل افضل لاجيالهم . وهي حصاد لغزو مؤسسات " الان جي اوز" التي اغرقتنا بكل برامجها " الانسانية " فبتنا نتقمصها ونحن نظن انفسنا مجتمع اوروبي لا احتلال ولا ظلم اجتماعي فيه. واصبح الحديث عن مشاركة الاطفال في مقاومة المحتل كالحديث عن التسرب من المدارس او عمالة الاطفال وتدخينهم المبكر .
لا احد يرغب ان يرى اطفال فلسطين بدمائهم ولا احد يشجع اطفال فلسطين بان ينخرطوا في المقاومة ولكن قبل ان ندعوهم للابتعاد علينا ملئ الفراغ لنعيد لهم الامل والثقة بان اصحاب المسؤوليات قد تحملوها والا لنسكت جميعا بخجل .
قبل ان ندع العائلات " لتوعية " اطفالها علينا ان نجد لهم البديل الذي يشكل القائد والحامي والاب الوطني الذي يناضل من اجلهم . لا ان نخلق لهم فصائل متكلسة شاخت وتحنطت الا في خطبها الجماهيرية . علينا ان نخلق لهم سلطة وطنية قادرة على اتخاذ موقف يشعرهم بالكرامة الوطنية بدل الاستمرار في انقسامها وفسادها واستكبارها على شعبها . وقبل ان تقتلنا مشاعرنا المرهفة ونحن نرى اطفالنا يذبحون وهم يحاولون نخليصنا من عارنا علينا ان نتقدم صفوفهم فالطفل لو وجد اباً قويا يوفر حاجياته اليومية لما خرج للعمل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - عالم المؤثرين المطورين بالذكاء الاصطناعي يطار


.. أضاءت سماء الليل.. شاهد رد فعل السكان لحظة تحليق شظية مذنب ف




.. إيران تشييع رئيسي على وقع خطوات لملء الشغور الرئاسي | #رادا


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش يجري عمليات جراحية بالغة




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة