الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور المنظومة الدينية في نشر ثقافة الدولة المدنية

زيد كامل الكوار

2015 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


للمنظومة الدينية في العراق دور قيادي اجتماعي بارز ليس من العقل أو الحكمة تجاهله، ويتمثل هذا الدور في قدرة هذه المنظومة الدينية على إيصال رأيها المعتبر والمحترم من جانب العراقيين جميعا لأن المجتمع العراقي في طبيعة تكوينه مؤمن ملتزم بتعاليم الدين ولا يستغني عن رأي الشريعة المتمثل في تلك المنظومة على اختلاف المذاهب النابعة من منبع الدين الإسلامي، إذ أن اختلاف المذاهب قائم على اختلاف الفهم للنصوص القرآنية النابع من اختلاف الثقافة الدينية واعتبار المصادر التي وردت منها النصوص شرحا وتفسيرا، ولا يتغير الأمر كثيرا في ما يخص السنة النبوية وأحاديثها الشريفة، فالبعض من المذاهب يعتمد في فقهه على نظام وصيغة معينين، والآخر يعتمد في فقهه نظاما وصيغة أخر وكل له في ذلك رأيه وأسبابه المنطقية المعتبرة، لكن الجميع في المحصلة مقتنعون بصحة اعتقادهم ورصانة منهجه. ولا يشذ عن هذا التقسيم المكونات العراقية الأخرى من الديانات المعتبرة والمحترمة فالشيء نفسه موجود فيها وان اختلف حجم الاختلاف وأسلوبه، وأيا كان الدين أو المذهب أو الطائفة فإنها جميعها ترتبط بمرجعيات لها رأيها وسلطتها الاجتماعية والإنسانية وحضورها المؤثر الفاعل في المجتمع، وتقع عليها مسؤولية تثقيف مريديها ومواطنيها، وتوعيتهم بما يجري حولهم من أحداث اجتماعية كانت أو أمنية أو سياسية أو عسكرية، ولا بد لتك المنظومة الدينية أن توضح لمريديها رأيها الشخصي كمنظومة قيادية اجتماعية، فكما تصنع المرجعية الدينية الشيعية في كل خطبة جمعة على لسان وكيل المرجع الأعلى فتبدي رأي المرجعية في الأحداث اليومية المهمة بعامتها سياسية أو أمنية أو عسكرية أو اجتماعية فتشخص الخلل والأخطاء والايجابيات فتبدي رأيها ورؤيتها للموضوع وموقفها من ذلك الحدث، تقوم المرجعية السنية المتمثلة بالمجمع الفقهي العراقي في جامع الإمام أبي حنيفة بالأمر عينه فتنتقد التجاوزات والأخطاء وتدعم وتعضد الايجابيات وتشيد بها، وفي كل قداس يقام أيام الأحد من كل أسبوع في كنائس أخواننا المسيحيين يحدث الأمر عينه وكذلك الصابئة وغيرهم من الديانات والطوائف الأخرى المحترمة المعتبرة. من هذا كله يتبين لنا أن المنظومة الدينية في العراق بكل أطيافها متحركة ومتفاعلة وليست جامدة سلبية، لذا يتوجب والحال كذلك على المؤسسة الدينية وهي الرافضة للفساد والداعية إلى العدل والإنصاف والنزاهة، لذا يتوجب عليها أن تطالب بالدولة المدنية التي لا تنتقص من شأن الدين بل تضمن لكل مواطن فيها ممارسة شعائره وطقوسه الدينية بمطلق الحرية وتتكفل بذلك بما لا يتقاطع طبعا مع ضمان الحريات الشخصية للمكونات الأخرى، فلا يؤثر على الآخر بحيث يتجاوز على حريته الشخصية الملتزمة أصلا بالآداب العامة والأعراف المشهورة، فضمان ممارسة الشيعي لطقوسه الدينية في شهر محرم الحرام تكفله الدولة المدنية على أن لا يؤثر على المسيحي بالتضييق عليه في ممارسة طقوسه الدينية التي قد توافق في حلولها مع أحزان محرم كما رأينا قبل سنوات قليلة مضت حين توافق مرور أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية لثلاثة أعوام متتالية، الأمر الذي دعا أخواننا المسيحيين وبأخلاق غاية في الروعة إلى إلغاء احتفالاتهم الدينية لثلاثة أعوام متكررة ومتتالية، ولا يخفى على عاقل أن ما فعله المسيحيون لم يكن بدافع الأخلاق والتضامن فحسب بل كان اتقاء للفتنة ولاتقاء شر بعض المتطرفين الذين سيفعلون ما لا تحمد عقباه لو رأوا المسيحيين يحتفلون في عاشوراء مثلا!. إنها منتهى الحكمة والتعقل من جانب المسيحيين بلا شك. وفي الوقت عينه تنظم الدولة المدنية أصول وطريقة وأسلوب توزيع أماكن الاحتفالات الدينية بحيث لا تؤثر على انسيابية الحياة في الشارع فتشل حركته الاقتصادية والاجتماعية كما يحدث حاليا. متى يأخذ رجال الدين على عاتقهم نوعية الشارع وتثقيفه بمبادئ الدولة المدنية من احترام الآخر واحترام حريته الشخصية ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف