الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو دولة شمولية تحت سيطرة أوليغارشية مالية

رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)

2015 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


نحو دولة شمولية
تحت
سيطرة أوليغارشية مالية

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-
البريد الإلكتروني:[email protected]



يجب على كل ديمقراطي قراءة كتاب الألمانية حنا آرندت "جذور الشمولية" أين تتبعت ميكانيزمات نشأة الدول الشمولية وممارساتها وسلوكاتها، وأبرز ما في الكتاب هو حديثها عن الفراغ السياسي في المجتمع، أي ضعف الأحزاب والمجتمع المدني والفردية أين يهتم الفرد بأموره الشخصية فقط وعدم إنشغاله وإهتمامه بالسياسة، وتقول آرندت انه عند توفر هذه الظروف تأتي قوة سياسية تدغدغ عواطف الدهماء من الشعب الذين لم يفكروا إطلاقا بأنهم بإمكانهم ممارسة السياسة بسبب ضعفهم الفكري والعقلي، لكنهم ينتهزون الفرصة التي يعطيها لهم هذا التنظيم، فينخرطون فيه بقوة، ثم يساهمون في إستيلاء التنظيم على السلطة في غياب النخب الحقيقية من مثقفين وسياسيين ومفكرين وإعلاميين، فيقوم هؤلاء الدهماء بكل ما يطلب منهم، فتقع الدولة في يد هؤلاء.
يبدو أن هذه الظواهر متوفرة اليوم في الجزائر، فهناك إبتعاد كلي لنخب المجتمع عن السياسة والإهتمام بها إما يأسا منهم أو شراء لذممهم، فالساحة فارغة، وهي أمام حلين لاثالث لهما، أحدهما تكرار نفس ظاهرة التسعينيات ببروز الفيس المنحل بخطابه المتطرف والمدغدغ للشعب بتوظيف الدين وإقامة دولة إسلامية أعتقد الكثير بأنها ستكون شبيهة بدولة عمر بن الخطاب، فأنخرط في الحزب الكثير ممن لم يكونوا يهتمون بالسياسة أصلا، بل لاحظنا كلنا في احيائنا أناس كانوا لايخرجون من المخمرات، ليصبحوا بين ليلة وضحاها إلى مناضلين في الحزب، ويشاركون في كل نشاطاته، لكن هذا الحل مستبعد على المدى القريب بسبب ما أكتوى به الجزائريون من إرهاب التسعينيات، لكن هذا ليس معناه عدم تكرار نفس الظاهرة في حالة ضعف الدولة لأن الفكر الداعشي منتشر بقوة، لكن ما يمكن منع ذلك هو ضع السلطة القائمة اليوم ذلك في حسابها، ولهذا فإنها لن تكرر خطأ ما بعد1988 عندما تركت الساحة فارغة ليسيطر عليها الفيس المنحل، بل هي الآن قد أفرغت الساحة من الأحزاب والمجتمع المدني ومختلف النخب، كما ساعدها الإرهاب من قبل بتصفية أو تهجير الكثير من المثقفين الذين يمكن أن يقفوا في وجه السلطة، ويقودوا المجتمع وينوروه ويهيكلوه.
وقد أستخدمت السلطة الريع النفطي الذي توفر لها منذ بداية الألفية الثالثة لشراء ذمم الكثير ممن يمكن أن يقلقها، ففقد الشعب ثقته في كل السياسيين والنخب والجمعيات والأحزاب، وهو ما مهد لإستسلام المجتمع وإبتعاده عن كل نشاط سياسي، وأمام فشل الأحزاب أصبح البعض من الصحفيين ووسائل الإعلام تقوم بدور الأحزاب السياسية، فخلقت السلطة قنوات وصحف، وأغدقت عليها بالأموال خاصة الإشهار مقابل قيامها بمهمة مواجهة هؤلاء الإعلاميين وتخدير الشعب بقضايا هامشية كمسائل الهوية والدين والكرة وغيرها إضافة إلى تحريض أبناء الشعب بعضهم ضد بعض.
وبعد إنهيار اسعار النفط من المفروض أن تطلق الحريات كنوع من التعويض على نقصان الريع، كما وقع بعد 1988، لكن بسبب هذا الفراغ وظهور عامل جديد، وهو رجال المال الذين أصبحوا متغولون في دواليب الدولة، إن لم نقل عوضوا العسكر في صناعة القرار، ولم يكن أمام هؤلاء إلا القمع وإستخدام اجهزة الدولة لصالحهم وضد كل من يمس بمصالحهم، ومنها محاولات تكميم أفواه الإعلاميين، لأنه لم يبق في الساخة إلا هؤلاء، ومن غير المستبعد أن يصرفون أموالا، وقد شرعوا في ذلك لإنشاء تنظيمات حزبية وجمعيات تابعة لهم بهدف ملأ الفراغ الموجود في الساخة، ويتم ذلك كله تحت شعارا الدولة المدنية، ولهذا ستكون الجزائر من الدول التي ستتحول إلى دولة شمولية بالكامل، لكن ليس بأيديولوجية كما ألمانيا النازية أو غيطاليا الفاشية، بل تحت سيطرة أوليغارشية مالية بأيديولوجية الرأسمالية المتوحشة المتحالفة مع بعض التيارات الدينية.
فهناك تحالفا بين الكمبرادور أي النهابون الذين يقومون بعملية الإستيراد فقط والكثير من الإسلاميين خاصة السلفيين الذين يسوقون سلع المستوردين الكبار في الأسواق الموازية، ويبررون دينيا ممارسات إقتصادية غير شرعية ومدمرة للإقتصاد الوطني بالقول مثلا أن الرشوة هي إكرامية، وأن التجارة فقط هي المربحة دون أي نشاطات أخرى، ومنها الصناعة التي تهدد مصالح المستوردين للسلع التي تنتجها الرأسمالية العالميةن ويستندون في ذلك على أحاديث موضوعة أو منتقاة عن رسول الله صلى اهال عليه وسلم، إضافة إلى نشر العداء للبنوك لأنها ربوية، مما يسمح بعدم توظيف الأموال فيها والتشجيع على التعامل بالشكارة دون أي رقابة مما يسمح بتبييض الأموال عن طريق شراء العقارات دون المرور عن البنوك التي يمكن لها أن تسأل عن مصادر الأموال، خاصة أموال الإرهاب والمخدرات والرشاوي وغيرها، هذه هي إحدى العوامل التي تفسر لنا اليوم مدى تشجيع النظام لظاهرة السلفية والوهابية في المجتمع دون نسيان توظيفهم ضد الديمقراطيين وتشويههم، وكأنهم مكلفون نع بعض وسائل الداعمة لهم بمهمة إلهاء للشعب بقضايا هامشية ودينية بدل الإهتمام بقضاياه الجوهرية وطرحها للنقاشن كما أنهم مستعدون للإبراز في حالة أي غضب إجتماعي لتخويف الشعب وتذكيره بسنوات التسعينيات.

البروفسور رابح لونيسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA