الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور العرف الدولي في توصيف أركان الجرائم الدولية

محمد ثامر

2015 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


دور العرف الدولي في توصيف أركان الجرائم الدولية

يعود الاعتماد على العرف كمصدر من مصادر القانون الجنائي الدولي إلى عام 1948 وذلك في مشروع الاتفاقية المنشئة لمحكمة جنائية دولية حيث وضعت هذه الاتفاقية العرف على رأس قواعد القانون التي يمكن أن يطبقها القضاء الجنائي الدولي إلى أن يعتمد في حينها اتفاقية تحدد المبادئ الكبرى للقانون الجنائي الدولي وتصنف الجرائم وتسن العقوبات وكان العرف قد ظهر قبل هذا التاريخ في مشروع وضعته رابطة القانون الدولي كمشروع نظام أساسي للمحكمة الجنائية الدولية سنة 1926 وكان ينص على أن العرف الدولي برهان على عرف عام مقبول له قوة القانون ثم عادت الرابطة عام 1984 في مشروع أخر وضعته بهذا الصدد لتنص في المادة 22 منه على (( تأخذ المحكمة بتعريف جريمة محددة على النحو المنصوص عليه في الاتفاقيات السارية في الدول المتعاقدة المعنية ، وتطبق المحكمة القانون الدولي بما في ذلك المبادئ العامة للقانون التي تعترف بها الدول )) .
أما وعلى الصعيد الفقهي فقد سبق للوترباخت منذ عام 1944 أن ذهب إلى تقرير وجوب التفرقة بين مخالفات قوانين الحرب وجرائم الحرب مقترحا تعريفا لجرائم الحرب يستند إلى أنها انتهاك لقواعد أساسية مقبولة أو على أساس أنها انتهاك لمبادئ القانون الجنائي مما يوجب تغلبة الطابع العرفي لقواعد هذا القانون على قواعده المكتوبة وقد ذهبت الدائرة الإستئنافية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في حكمها في قضية تاديش Tadic إلى ضرورة توافر الشروط التالية في الجريمة حتى يمكن أن تكون محلا للاتهام طبقا للمادة الثالثة من نظام المحكمة ( انتهاكات قوانين وأعراف الحرب ) :
أ ـ يجب أن ينطوي الانتهاك على خرق لقاعدة من قواعد القانون الدولي الإنساني .
ب ـ يجب إن تكون القاعدة العرفية عرفية بطبيعتها فإذا كانت جزءا من القانون ألتعاهدي فيجب توافر الشروط اللازمة في هذا الشأن
ج- يجب إن يكون الانتهاك خطير بمعنى إن يشكل خرقا لقاعدة تحمي قيما هامة كما يجب إن يكون الخرق مؤديا إلى نتائج خطيرة بالنسبة للضحية .
د- يجب إن يكون انتهاك القاعدة مؤديا في ضوء القانون العرفي والاتفاق إلى ترتيب المسؤولية الجنائية الفردية بالنسبة للشخص المنسوب إليه الفعل)). وبناء على ذلك يمكن القول :-
1- إن كل انتهاك لقواعد قوانين وأعراف الحرب في قواعد القانون الدولي الإنساني يعد جريمة حرب .
2- إن جرائم الحرب ليست محصورة بعدد معين بذاته من الجرائم لان كل انتهاك لقواعد القانون الدولي الإنساني يعد جريمة .
3- انه إذا كان القانون الدولي الإنساني لازال يعرف التفرقة بين النزاع المسلح الدولي والنزاع المسلح الغير دولي فان جرائم الحرب يمكن إن تقع في إطار كلا النوعين من النزاعات المسلحة .
4-إن تحديد قاعدة القانون الدولي الإنساني التي جرى انتهاكها أمر مهم ولازام لتوفر ركن أساسي في جريمة الحرب فإذا كانت هذه القاعدة قاعة عرفية فليست هناك مشكلة من أي نوع إما إذا كانت القاعدة تنتمي إلى القانون المكتوب فهنا يتعين إن تتوافر شروط الالتزام بالقاعدة بالنسبة للدول الإطراف فيها . مع ملاحظة إن القواعد الواردة في اتفاقية لاهاي تعد جميعا من القانون العرفي حسبما انتهت إليه محكمة نورمبرغ, كما إن الفقه الدولي المعاصر مستقر على اعتبار اتفاقيات لعام 1949 بكاملها قانون عرفي إما البروتوكولان الإضافيان لسنة 1977 فان جانب من الفقه لازال يشكك في طابعهما العرفي .
5- إن القانون الدولي الإنساني لا يضع عقوبة لكل جريمة حرب وإنما يترك هذه المهمة لتشريعات الدول المختلفة في إطار مسئوليتها بالعمل على قمع انتهاكات القانون الدولي الإنساني والعقاب عليها .
إن العمل بشأن توصيف أركان الجرائم يستند إلى ما أوردته المادة 9 من النظام الأساسي والتي تنص على إن تحديد أركان الجرائم سيساعد المحكمة في تفسير وتطبيق المواد 6 ( الإبادة الجماعية ) والمادة 7 ( الجرائم ضد الإنسانية ) والمادة 8 ( جرائم الحرب ) وهو ما يوضح إن وثيقة أركان الجرائم سيتم استخدامها كأداة مساعدة للتفسير ولن تكون ملزمة للقضاة مع العلم بان تلك الوثيقة يجب إن تكون متسقة مع النظام الأساسي .
وقد تركزت مفوضات مجموعة العمل الدولية بالذات على وثيقة شاملة قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ومقترحات مشتركة من جانب سويسرا والمجر وكوستاريكا ووثائق أخرى قدمتها الوفود اليابانية والاسبانية والكولومبية . وقد أعدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر دراسة تتصل بكل جرائم الحرب وتم تقديم تلك الدراسة بناء على طلب سبع دول هي ( بلجيكا , كوستاريكا , فنلندا المجر , كوريا الجنوبية , جنوب إفريقيا , وسويسرا ) وقد استندت وثيقة جرائم الحرب المكونة من سبعة أقسام إلى مراجع ذات الصلة بالموضوع وبحث وتحليل مستفيض لأدوات القانون الدولي الإنساني وقانون case law المستمد من المحاكمات السابقة الخاصة بجرائم الحرب على المستوى الدولي والقومي مثل محاكمات ليبزغ بعد الحرب العالمية الأولى ومحاكمات نورمبرغ وطوكيو بعد الحرب العالمية الثانية,قوانين الدعوى , قرارات المحاكم الخاصة ad hoc Tribunals بيوغسلافيا السابقة ورواندا واستفادت الوثيقة أيضا من أدوات قانون حقوق الإنسان وقوانين الدعوى الخاصة بلجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان , والمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان , والمحكمة الأمريكية المتبادلة لحقوق الإنسان وإذا كان من المقرر إن القانون الدولي الجنائي هو فرع من فروع القانون الدولي العام فمن الواجب إن تكون له خصائص هذا الأخير وفي مقدمتها الصفة العرفية لقواعده وتترتب على هذه الصفة العرفية الدولية نتيجتان :-
الأولى – صعوبة التعرف على الجريمة الدولية ذلك إن مثل هذا التعريف إنما يتطلب الاستقراء الدقيق للعرف الدولي وهو أمر تكتنفه صعوبات عديدة , ومع ذلك فانه يجب الاحتكام إلى الأفكار التي يقوم عليها العرف وهي العدالة والأخلاق والصالح الدولي العام وهذه الأفكار هي التي أسبغت صفة الجريمة على حرب الاعتداء وعلى الجرائم ضد الإنسانية .

الثانية- غموض فكرة الجريمة الدولية ويرجع هذا الغموض إلى كونها غير مكتوبة مما يجعل من العسير على القاضي الدولي إن يتحقق من تطابق الفعل المرتكب للنموذج العرفي لتلك الجريمة وحتى على فرض النص عليها ضمن نصوص معاهدة أو اتفاقية دولية , فان مثل هذا النص لا يفعل أكثر من الكشف عن الصفة غير المشروعة للفعل دون تحديد ما ينهض عليه من أركان وعناصر وشروط ولعل تعريف العدوان وما أثاره من خلافات خير شاهد على ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي