الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الفنان في المطالبة بالإصلاحات والدولة المدنية

زيد كامل الكوار

2015 / 11 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


في أغلب المجتمعات الحية التي تتصل بالثقافة والفنون اتصالا وثيقا تجد أن للفنون بصورة عامة حصة الأسد من الاهتمام والعناية فالفن في مجتمع مثل المجتمع العراقي يسجل تأريخا عريقا ابتداء من العصور القديمة البابلية والسومرية والآشورية، وليس انتهاءً بالعصر العباسي وإبداعاته في الموسيقى والأدب والغناء والإبداعات المعمارية حيث ازدهرت تلك الفنون وفنون أخرى تمثلت في الزخرفة والخط العربي، وبالمجمل فإن الفنون محط اهتمام المجتمعات المترفة المرفهة ، مع أن القهر والحرمان يعدان من أهم محفزات الإبداع الأدبي والفني بصيغة الاحتجاج والرفض ومحاولة التغيير، ولم تزل المعاناة تخلق المبدعين لأن تحفيز المشاعر الإنسانية سلبا أو إيجابا يدعوا إلى الإنتاج الأدبي الفني المتميز، ولا يخفى على الجميع ما للفن والفنانين من دور مهم وحيوي في نشر الوعي والحب والجمال وكل المشاعر الايجابية التي تبعث في النفس البشرية روح الإبداع والتحرر والوعي والثورة في أحيان كثيرة. وقد عانى الفنان العراقي كحال غيره من أبناء الشعب العراقي كل التداعيات التي نتجت عن التصرفات الارتجالية للحكومات العراقية المتعاقبة على نهب أموال العراق وانتهاك حقوقه المدنية،فهو أكثر من غيره من تأثر أيام الحصار الاقتصادي الجائر على العراق لفقدانه التواصل مع الحركة الفنية العربية والإقليمية والعالمية وانقطاعه عن كل جديد يطرأ على ساحة الفن وما أكثره!
فقد تأثر الفن العراقي الذي كان رائدا في المنطقة والعالم بذلك التغييب المقصود ومنعه من ممارسة دوره في إثراء الثقافة العربية والعالمية، ولم يزل الفنان العراقي منذ أواسط القرن الفائت يعاني كبت إبداعه ومحاربة فكر التحرر والتجديد لديه من اجل تقييده بضوابط تحدد مساره وتمنعه من الإبداع التثقيفي الذي يعود أثره على المواطن وهذا ما لا ترضاه الحكومات الاستبدادية الرجعية لاعتمادها الدكتاتورية والشمولية، اللتين تقتضيان شعوبا منعزلة متخلفة يسهل قيادها، وقد آن الأوان وطفح كيل الصبر وبلغ السيل الزبى في هذا الواقع المرير الذي يكابده العراق، فوجب على الفنانين تحديدا أن يكون في مقدمة صفوف المتظاهرين المطالبين بإصلاح الواقع العراقي من الأداء الحكومي المتعثر في كل المجالات ولا استثني منها مجالا، فآخر ما ابتدعته الجهات المحسوبة على الحكومة مثل مديرية تربية الكرخ الثانية التي قررت ما ليس من صلاحياتها، إذ قامت أخيرا بإصدار قرار يقضي بعزل أساتذة معاهد الفنون الجميلة فلا يدرس مدرس ذكر في معهد للبنات كما لا تدرس مدرسة أنثى في معهد للبنين، هذا التجاوز المدني على قطاع مهم من قطاعات الثقافة في البلد ، علما أن اغلب المدرسين والمدرسات من فناني العراق المعروفين على مستوى البلد والدول العربية وقد تجاوز اغلبهم الأربعين من العمر، وما هذا القرار إلا صورة من صور التخلف الثقافي الذي صار ظاهرة مخزية في كيان الكادر الحكومي الذي استولى على المناصب المهمة في الدولة وفق الانتماء الحزبي والطائفي كنتيجة طبيعية للمحاصصة الطائفية التي دمرت وتدمر مقدرات العراق إذ يتحكم في مقدراته وأمواله وثرواته الفاسدون الذين نهبوا خيرات البلد، ولا يليق بحال من الأحوال ببلد مثل العراق بطاقاته المخيفة من الكفاءات والطاقات العلمية والأدبية أن تتولى المناصب الحساسة في شخصيات لا تملك من امتيازات سوى انتمائها الطائفي أو الحزبي بينما تهمش كفاءاته العلمية والفنية والأدبية متروكون على الهامش أو مهجرون في المنافي والمهاجر، إنها الدولة المدنية سادتي هي المنقذ والمخلص من هذا الواقع المأساوي الأليم الذي لا يليق بشعب كالشعب العراقي العظيم شعب الحضارات والعلوم والفنون والأدب والجمال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو