الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة المهمشة (الثائر زيد بن علي بن الحسين )

احمد عبدول

2015 / 11 / 28
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تتصدر ظاهرة كثرة الثورات والانتفاضات والحركات المسلحة المشهد العام لتاريخنا الإسلامي منذ زمن بعيد وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على مقدار ذلك الظلم والجور والتعسف الذي مورس بحق الشعوب العربية الإسلامية على يد حكامها من جهة والى مقدار تنامي وعي أبناء الأمة من جهة أخرى ولا شك ان وعي أبناء الأمة لضرورة فعل التغيير عن طريق العمل الثوري المسلح إنما يتأتى من تأثير عدة عوامل وينبثق من عدة مؤثرات يقف في مقدمتها وجود نخب من الدعاة والثوار والمصلحين الذين يجددون للأمة معالم دينها ويعيدون اليها كامل ثقتها بوجودها التاريخي ، ان وجود مثل هؤلاء الدعاة والثوار والمصلحين كان يقف بكل قوة وراء ظاهرة الثورات المسلحة التي كانت تقض مضاجع الحكام الآثمين بين الحين والآخر الحكام الذين عملوا على إشاعة روح الضعف والخنوع بين أوساط الجماهير لكي يسهل قيادها وتصير جموعها الى الوهن والضعف والتشرذم .
لا يختلف اثنان على ان نهضة الإمام الحسين بن علي عام (60) للهجرة كانت أبرز حدث ثوري تغييري شهدته الأمة الإسلامية بعد فعل التغيير على يد مؤسس الدعوة الإسلامية (محمد بن عبد الله) صلى الله عليه وآله وسلم حيث كانت تلك الثورة تبشر ببدء مرحلة تاريخية جديدة تتسم باستعادة الأمة لكثير من المفاهيم الإسلامية الأصيلة بعد أن شهدت هذه المفاهيم تفككا كبيرا على يد ممثل البيت الأموي (معاوية بن ابي سفيان ) ورهطه الذي عمل بكل طاقته على إعادة إنتاج قيم الجاهلية ومفاهيمها والعمل على مصادرة إرادة المسلمين وسلب حرياتهم والعودة بهم الى مربع التوريث غير الشرعي واللاقانوني عبر ترشيح شخصية مثل (يزيد )وهو شخصية لا تحظى بأدنى مقبولية من سائر أبناء المهاجرين والأنصار ، وسط هكذا محاولات مشبوهة لمسخ قيم الدين الحنيف وابدالها بقيم ظلامية جاهلية متحجرة كان لا بد من ظهور مارد جبار يتقدم بخطى واعية وثابتة إلى ميدان التحرير والإصلاح حاملا روحه بين يديه لينفخ في جسد الأمة الذي بدأ الكسل والخمول يدبان في مفاصله ،كان لا بد من تصدي هذا المارد الجبار لينفخ روحا جهادية نضالية في ذلك الجسد الخاوي لاسترجاع دور الأمة في عملية التغيير الذي يناط بها ككيان لا يساوم على التنازل عن دوره التاريخي الفاعل في التصدي لكل ما من شأنه أن يكون حجرا في طريق تكامله المنشود.
يمكن القول ان ثورة (الحسين بن علي عليهما السلام ) كانت أهم حدث تاريخي من حيث تلك التداعيات التي أفرزتها على صعيد الساحتين السياسية والاجتماعية لكن هذه الثورة كانت قد لاقت ما لاقته على أيدي الامويين عبر شتى حملات التظليل والتشكيك والتخوين حتى أنهم نجحوا نجاحا غير قليل في الابتعاد بها عن غاياتها المنشودة عن طريق تصويرها على أنها انقلاب عسكري على واقع سياسي واجتماعي شرعي .
لقد بات الإعلام الأموي الرسمي يروج بقوة لهكذا طروحات بين أوساط العامة محدثا فيهم قناعات مغلوطة لا سيما في بلاد الشام .ولا شك ان مثل هكذا توجه من قبل سلطات بني أمية كان متوقعا أزاء حدث ثوري بحجم ثورة الحسين لا سيما أن ثورته سوف تترك كما هائلا من الآثار والشواهد على صدق وآهلية مفجرها كما أنها سوف تترك كما هائلا من الوثائق والقرائن على بطلان وظلم وخسة من وقف ضد تلك الثورة بقوة السيف والحديد .وسط تلك الأجواء المشحونة بذلك الضخ الإعلامي المتزايد من قبل الجهاز الأموي ذي الباع الطويل في التأثير في المتلقي والتحكم في بوصلة توجهاته وقناعاته كان لا بد من قيام ثورة من نفس النوع والعيار ومن ذات الطبيعة في الأسباب والدوافع والمقتضيات ،فكانت حينئذ ثورة (زيد بن علي بن الحسين ) تلك الثورة التي كانت امتدادا طبيعيا لثورة جده الحسين إلا انها لاقت ما لاقته هذه المرة من التهميش على أكثر من صعيد فمن جهة ،عمل الامويون على تهميشها ومن جهة آخرى هُمِشت من قبل تلك القطاعات التي أخذت على عاتقها حفظ وتبيان تراث الأئمة الثوري والتغييري من المعصومين وغير المعصومين.
لقد قصرت الأقلام الإسلامية (الشيعية تحديدا )في إبراز معالم الوجه المكمل لثورة الحسين والمتمثل بثورة (زيد بن علي ) ، وإذا كان تهميش ثورة (زيد بن علي ) مفهوما ومبررا على أيدي بني أمية فكيف نبرر تهميشها من قبل بعض كتاب وعلماء أتباع أهل البيت تحديدا وكيف نستطيع ان نغض الطرف عندما يذهب أحدهم الى ان الثورة قامت على أساس عاطفي غير مدروس ،كما ويذهب أخر الى ان (زيد بن علي ) يعد شهيد مبادرة وليس بشهيد موقف . إن أسباب تهميش الثورة تتلخص في عدة أسباب رئيسية وثانوية جاء بعضها مرافقا للثورة بينما جاء البعض الآخر بعد قيامها بحقب تاريخية لاحقه ،إلا إننا يمكن أن نوجز أهم تلك الأسباب بما يلي .
أولا : إن كون الإمام (زيد بن علي ) لم يكن إماما معصوما لدى الشيعة(الاثنا عشرية ) فان أنظارهم بقيت مشدودة نحو أئمة أهل البيت من المعصومين حصرا مما أدى في نهاية المطاف إلى شبه القطيعة وعدم التواصل مع سائر الأئمة من غير المعصومين عند الشيعة الامامية .
ثانيا : لما كان اسلوب أهل البيت في قيادة أبناء الأمة هو اسلوب ما يسمى بالمقاومة السلمية, لا سيما بعد واقعة الطف عام 60 للهجرة , , فأن قيام زيد بن علي بعمل عسكري مسلح قد ولد عند العامة من الجماهير وبعض الخاصة تصورا مخطؤا مرده إلى ان تلك الثورة لم تكن على النحو المعهود والمسلم به من قبل أئمة أهل البيت (المعصومين )وبالتالي فان هؤلاء أخذوا يتهمون (زيدا )بالخروج عن دائرة المعصومين .
ثالثا : موقف (زيد بن علي )والذي لم يرق للكثير من أنصاره ومريديه وقواعده الجماهيرية حول مسألة الخلافة ومعارضته لأمر تسوية حكام بني أمية بالخلفاء الثلاثة الذين سبقوا الإمام (علي بن أبي طالب) بالخلافة ، مثل ذلك الامر كان له تأثير سلبي كبير على مجمل ملف (زيد )فكريا وسياسيا واجتماعيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza


.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع




.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب


.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال




.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل