الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوهام

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2015 / 11 / 28
الادب والفن


أعلم أنك تمقتين عندما أتسلل من جانبكِ و أنت محتميةٌ بجسدي من أي شياطين قد تقترب منكِ لتأذيك و أنت هشةٌ جداً و دون أي دفاعاتٍ تُذكر..نعم أعلم أنك تمقتين فراري من عُري جسدكِ الذي يلتصق بي الآن و لكنه يرغب في ذات تلك "الآن" في الفرار مني!!..حسناً لن أبتعد كثيراً فما زلت ملتصقةً بكِ و لكني سأحرر يد واحدة فقط لأكتب لكِ أفكار تضرب جدران عقلي و تصرخ بي محتجة لكي أخبركِ بها و عنها.

عندما هاتفتك دون أن استأذنك مسبقاً برسالةٍ نصية خالية المشاعر كعادتي كنت أتوقع تردداً كبيراً من قبلكِ قبل أن تقرري أنه "لا بأس..فلنتحدث قليلاً" و لكنك لم تفعلي!!..ثانية و نصف الثانية هي كل الوقت الذي احتجته لكي تجيبي بكل لهفةٍ تجيدي وأدها في مهد روحك..حسناً يا نفسي الأمارة بالسوء لا بأس..لا تفسري كل أمرٍ يبدر منها لصالحك كما فعل اليهود بتوراةٍ كانت لهم كتاباً مقدساً..كفي عن ممارسة هذا الأمر الذي يثير جنونها كما جنوني.

و لكن صوتك كان يحمل حينها الكثير من الاشتياق كما الكثير من الخوف!!..كنتِ تريدين أن أنهي المكالمة سريعاً و أن أقترب سريعاً و أن أفر منكِ سريعاً..لم تكوني ترغبي في أن أقترب من حدود عالمكِ كثيراً و ترغبين في ذات الوقت أن ألتصق بكِ جداً!!..حسناً و لكي أنهي حيرتك تلك سأخبرك بأني سأقترب منكِ بالرغم من ذلك الألم الذي تلقيني في وسط ملعبه الضيق لأسير متخبطةً بي و به..بل لعلي سأتمادى بالرغم منه و أريحك من وزركِ فأكذَّب إلهاً قال يوماً أنه:"لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" لأخبركِ أن خطيئتك و رغبتك و خوفك و ألمك كلها أمورٌ يمكن أن أقوم باختلاسها منكِ..فأنا لا أطيق فكرة أن تكون تلك الأمور هي ما ينتظركِ عندما تستلقين على سريركِ وحيدة لتجثم هي فوقك دون أن أكون موجودة لأزيحها عنكِ جانباً..لا لن أفعل ذلك بها لأني أحبك و لكن لأني أرغب في أن أستلقي فوقك عوضاً عنها فربما كان ذلك المكان هو ما قد خُلق لي لأسكنه من دون مزاحمتها هي أو سواها لي في ذلك المسكن.

أعلم أنكِ تخشين تلك الأمور كثيراً و تخشين الألم أكثر منها جميعاً و لكني لا أريد أن تفكري باحتمالية الألم و أنتِ معي ليس و أنت تلتصقين بي على الأقل..فأنا أريدك أن تكوني كطفلةٍ وجدت أن الألم ما هو إلا أسطورة إغريقية قديمة و ربما خرافية رُويت منذ زمنٍ ولى و اندثر..و لهذا سأعدك بأني سأحاول بأن لا يؤلمك في حضوري أو غيابي أي أمر و لهذا أيضاً لا أرغب في أن تخشي شيئاً..ليست أنتِ من تكون معي و يكون الخوف ثالثنا..فلا أرغب في أن تصادري عباراتٍ كانت ترغب في أن تُقال و منعتها لتسكنكِ احتجاجاً على ما تفعلينه بها و بي..لا أرغب في تكون روحك ترغب في أن تهمس لي برغباتها بألمها بجنونها باشتياقها أو حتى بشتائمها و لكنكِ تمنعينها من الانتقال من مسكنكِ إلى مسكني..لا أرغب في أن تتصرفي كداعشي من جزيرة عربيةٍ قاحلة بات لا يعرف إلا التطرف نهجاً لحياته.

لا أرغب في أن نتوب عن هز عرشٍ للرحمن لنزعجه في استلقائه برغبةٍ لا تطيق أن تستكين بداخل جسدينا..أريد أن نلحد بوجوده كما بوجود أي اسمٍ قد يصلح لكي نطلقه على ما بيننا بل و نتمادى فنكفر بالأسماء و التصنيفات و نؤمن فقط أن هنا على هذا السرير و ربما على تلك الكنبة التي تستلقي في صالةٍ منخفضة الإضاءة يوجد شخصان يرغبان دوماً و أبداً في الحصول على القليل من اللذة و الكثير من السعادة..لهذا لا تطلبي مني أن أنصرف عنكِ و أنا أتسلى بكتابة جنوني على جسدك لأني حينها سأعاقبك فأطلب منكِ أن تقضي ليلتك مستلقيةً بداخلي..لأنه يحق لنا بعد كل الذي حدث بيننا و بسببنا أن نحصل على شبح ابتسامة تغمرنا بلذةٍ صباحية قد تستمر لبضع ساعات.

أعلم أعلم..لدي عقل يثير جنونك لأنه يلتقط جميع التفاصيل التي تحدث بيننا و لا يتركها دون أن يقوم بتشريحها على طاولة عواطفه..و أعلم أن كل ما سبق إما أن يكون بضعة أوهام صادرة عن عقل لم يتصف بالاستقرار يوماً و إما أن يكون الحقيقة الوحيدة التي أجاد قلبي التقاطها..لهذا سأعتقل الآن يدي الحرة و التي ما زالت تكتب لكِ لأجعلها تحتضنكِ جداً و من جديد و سأدعكِ أنت من يخبر هذا العقل الغير مستقر كثيراً هل كل ما شعرت به من الأوهام هو أو أنني أفهم تلك الروح التي تسكنكِ جيداً و جداً؟؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي