الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شراء الامن بالحرية

عبد الحميد الصائح

2015 / 11 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يقول جورج واشنطن احد مؤسسي الولايات المتحدة واول رئيس لها ."اذا ساوم شعب بين الامن والحرية ، فهو لايستحقهما معا"حكمة مجرب تصطدم بها فرنسا اليوم ومعها دول اوربية اخرى اثر الصدمة والرعب اللذين اجتاحاها بعد احداث 13 نوفمبر الارهابية وسقوط اكثر من 129 قتيلا وضعف عددهم من الجرحى . الحكومة الفرنسية التي اعلنت العمل بقانون الطواريء لايمكنها العمل به لاكثر من اثني عشر يوما فقط حسب الدستور ، لذلك تحاول تمديده فترة طويلة عبر التصويت على ذلك في مجلس النواب وهو مايتطلب حملة ضغط وايضاح لاقناع الفرنسيين بان اجراءات ضبط الامن في البلاد لن تتم الا بتقييد بعض الحريات الاساسية في المجتمع الفرنسي . فرنسا ، التي تعتبر الحرية فيها ثروة قومية تعرضها اليوم للبيع مقابل الامن الذي اخترقه ستة ارهابيين وقبلهم ثلاثة !. تلجأ اليوم الى اسهل الحلول واكثرها سطحية في احكام القبضة على حركة وحرية المتمردين من مواطنيها او الغائرين من مناطق الثار عليها، وهي الحصول على صلاحيات استثنائية "لمنع التجول كليا أو جزئيا، وتفتيش المنازل والاعتقال دون اذن قضائي، والرقابة على وسائل الاعلام ومنع التجمعات وإغلاق الملاهي ودور السينما، والحد من الحريات العامة ومنها التنقل، والرأي، كذلك إبعاد الأشخاص الذين تعتبرهم مصدر تهديد للأمن والسلامة العامة من مناطق إقامتهم، وفرض الإقامة الجبرية في مناطق محددة، وطرد أجانب، ومصادرة الأسلحة بما فيها أسلحة الصيد، وتفويض القضاء العسكري ليحل محل القوانين المدنية للنظر في الجنح أو الجرائم ويكون قوة ردع بيد السلطات " كما نص على ذلك قانون الطواريء الفرنسي الذي اقر قبل 50 عاما في وقت حرب الجزائر 1955 ، وظل استخدامة نادرا ومحاصرا باثني عشر يوما فقط ، حتى وان كانت الكارثة بحجم جريمة شارلي ابدو او احداث 13 نوفمبر . المؤشرات جميعها لاتشير الى حصول الاغلبية المطلوبة للتمديد .اي انها تشير الى رفض الشعب الفرنسي منح حكومة طارئة في تاريخ فرنسا حصاد نضال وكفاح ابنائها من اجل الحرية ، "الحرية .. العدل والمساواة حتى الموت "الشعار الذي رفعه ماكسميليان روبسبير ورفاقه . فرنسا التي تريد بيع الحرية بالامن كما يبيع داعش حرائر الايزيدية في الرقة بالسلطة والمال والمتعة . نسيت الجزء الثاني من شعار ثوار فرنسا "العدل والمساواة" . الذي ظل ساريا حتى قلبه نابليون الى الحرية والنظام . ذلك كله على تناقضاته يشير الى ان فرنسا على مر تاريخها منشغله بالحرية وحجمها وتفسيرها والآن منشغلة بخطرها على الامن العام . مثلما تنشغل شعوب اخرى يوميا بدفن ضحايا الارهاب لنصف قرن ويزيد ! . اوتنشغل بتوفير الزاد والماوى لاطفالها لقرن كامل ،حيث تختصر الحرية بالتنفس الجسدي و بقاء المخلوق حيا تحت اي ظرف انت فيه .
فما مصير هذه المواجهة – الجدل بين الحكومة والشعب في فرنسا اليوم ؟. صحفيون ونشطاء اشاروا الى ان تمرير القانون في البرلمان - كما هو- يعني ان الارهاب انجز مهمته وثأر لكل مايراه اثما فرنسيا سواء في الداخل من خلال موقف السلطة من الحجاب – مثالا – او تدخلها في سوريا وحملتها المزدوجه ضد النظام في سوريا وضد داعش الذي يحاربه في ان واحد. ليترك الحكومة الفرنسية تنتج اغلالا لشعبها ، بذريعة توفير الامن . وتتحول فرنسا الى سوق فضائح دولية ، يباع فيها "الامن مقابل الحرية" . مما يعني حسب جورج واشنطن ان الشعب الفرنسي لن يحظى بهما وربما - اذا ما مرر قانون الطواريء بصيغته الحالية -لايستحقهما معا . ولااظن ان ارث فرنسا الاخلاقي والثقافي يتحمل ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يهدد بإيقاف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل ما تبعات هذه الخ


.. أسو تتحدى فهد في معرفة كلمة -غايتو- ????




.. مقتل أكثر من 100 شخص.. برازيليون تحت صدمة قوة الفيضانات


.. -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال




.. تحديات بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية في تشاد.. هل تتجدد