الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق وأزمته في إدارة العلاقات الدولية !!

خالد اليعقوبي

2015 / 11 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


العراق وأزمته في إدارة العلاقات الدولية !!

العلاقات الدولية لها تعريف بشكل مبسط جدا بأنها علم يهتم بالملاحظة والتحليل والتنظيم من اجل التفسير والتنبؤ.
تذكرت هذا التعريف وسط مايشهده العالم من احداث متسارعة منذ منتصف عام 2014 ليومنا هذا، تمثل بخسارة العراق لمدن كبرى ومساحات كبيرة من أراضيه مرورا بالاتفاق التاريخي النووي بين القوى الكبرى وإيران ومن ثم التدخل الروسي العسكري المباشر في الأزمة السورية وصولا للأحداث الإرهابية التي شهدها العالم اخيراً خصوصا احداث باريس ، وماجرى من تصعيد بين تركيا وروسيا على خلفية إسقاط الطائرة الروسية ولايفوتنا قرارات مجلس الامن الدولي المتعلقة بهذا الشأن وأهمها القرار 2249 الصادر يوم 21 تشرين الثاني / نوفمبر عام 2015.
أعود الى التعريف أعلاه وكما هو معلوم ان في الأزمات الكبيرة يبرز رجال دولة كبار لمواجهة هذه الازمات من خلال التحليل والتنظيم والتفسير والتنبؤ واتخاذ القرار الصائب وربما يصنعون أحداثا سيخلدها التاريخ ، لكني اتسأئل ، اين هؤلاء الرجال في العراق الان ؟ اين صانع القرار العراقي ؟ اين الصوت العراقي الأممي ؟ اين الصوت العراقي الإقليمي ؟ اين الفكر الاستراتيجي العراقي ؟ اين العراق من كل هذا ؟!!!
هل يعقل ان مركز الصراع في المنطقة وهو العراق اصبح غائبا او مغيّبا لهذا الحد ، هل يعقل ان بلدا بحجم ثروات العراق المادية والبشرية وعمقه التاريخي وارثه الحضاري ومركزه الديني وتنوعه الاثني والقومي اصبح لايستطيع ان يصل الى الحد الأدنى من محاولة خلق فرصة لرسم او توضيح سياستة الخارجية لما يجري حوله ، حتى أصبحت الدول الكبرى توزع الأدوار على مكونات العراق كيفما تشاء كما جاء في كلمات الزعماء الغرب اخيرا !!
عند بداية الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 أكدنا على ضرورة استثمار الدعم الدولي الهائل وتعاطف العالم اجمع مع تضحيات شعب العراق العظيمة انذاك في بناء دولة مؤسسات تصون كرامات الناس ويسود فيها القانون ، وكنت دائماً ما اوكد ان لتحقيق ذلك كنا بحاجة الى رجال كبار بمقام الآباء المؤسسون للأمم الاخرى يعرفون معنى حب الوطن والتضحية والإيثار والعفو عند المقدرة واتخاذ القرارات الشجاعة المؤلمة والقدرة على تقديم التنازلات للتطلع الى الأمام دون العودة الى الخلف ، كما كنا نحذر ان الفشل سينعكس اقليميا وسيكون النواة الاولى لبدء صراع دموي طويل ومن نوع جديد يؤدي الى تقسيم جغرافي جديد للمنطقة وربما يؤدي الى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ.
عادت الفرصة ثانية وتعاطف العالم والإقليم مجددا مع العراق العام الماضي 2014 في تشكيلاته الحكومية الجديدة وكانت هنالك فرصة مجددا للاستفادة من اخطاء الماضي القريب ومحاولة التصحيح في كيفية التعامل في إدارة العلاقات الدولية واستثمارها داخليا وخارجيا ، لكن وكما يبدو واضحا من خلال النتائج اننا لم نتعلم من الدرس مجددا وضاعت الفرصة .
الأحداث الدولية والإقليمية الاخيرة أكدت بشكل واضح على ان العراق لم يعد يمتلك مساحة مؤثرة في صناعة الأحداث مطلقا بل عليه تقبل النتائج ومن ثم التعامل معها بعيدا عن الحسابات السياسية والاستراتيجية والتحولات الدقيقة في اطر العلاقات الدولية ، وهذا بتقديري المتواضع غير مقبول ولايتناسب تماماً مع تاريخ هذا البلد العريق ، والسبب في ذلك انه ناتج لفشل واضح في السياسة الداخلية للبلد التي لازالت تعاني من استسلام غير مقبول على الاطلاق للمشاكل التي يتعرض لها البلد عسكريا وأمنيا واقتصاديا وخدميا ، وكتل سياسية مصممة على تغييب الكفاءات وتعمل على تقوية نفسها حتى لو كان على حساب الوطن ، حتى بتنا اليوم لأنعرف نحن حلفاء من وخصوم من ؟ نحارب من وندعم من ؟ رغم ان كل مايجري من احداث هو على ارضنا وعلى حدودنا مباشرة ولانزال ننزف ونقدّم الخسائر العظيمة بشريا وماديا .
ختاما لازلت ارى في تطور الأحداث الاخيرة وماهو قادم فرصة لصحوة عراقية لطبقة سياسية في خريف عمرها لتصحيح الاوضاع في الداخل والعودة للخارج بوجوه قادرة على خلق الفرص لصناعة التاريخ مجددا ، وإلا يوما بعد اخر سنجد أنفسنا كما نحن الان خارج الحسابات وليس لنا مكانا بين الكبار واخشى اننا قد نعجل من لحظة حقيقة هي ان بلدا كان اسمه العراق.
ختاما اقول ، صدق من قال ان " القادة الحقيقيون لايصنعون اتباعا لهم ، انهم يصنعون مزيدا من القادة مثلهم وربما اعظم "

د. خالد اليعقوبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ