الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الإستعمار والإقطاع الديني والسياسي عماد الثورة المضادة - 3 - على جدار الثورة السورية - 109
جريس الهامس
2015 / 11 / 29الثورات والانتفاضات الجماهيرية
الإستعماروالإقطاع الديني والسياسي عماد الثورة المضادة.- 3– على جدارالثورة رقم 109
بلغت المظالم والقمع الوحشي للطبقات الفقيرة وللفلاحين خاصة في عهد الإحتلال المصري أعلى درجات الإضطهاد والإستغلال وقد ورد ت نبذ عنها في كتاب (إبراهيم باشا في سورية) نختزل بعضها .( كان رب العائلة مجبراًعلى دفع الضرائب عن جميع أفراد عائلته وإذا توفي أحد المكلفين إلتزمت قريته أو المقاطعة التابع لها بدفع " الفردة " أي الضريبة الشخصية , وهذه الضرائب كانت تزداد سنة فسنة لكثرة الذين يغتربون أويقتلوا أويموتوا أو يهربوا من وجه الحكومة وجورها وتعذيبها في السجون .....كما قال : كان نظام السخرة يطبق بوحشية و حيث كان الضابط المصري يخلع الأبواب ويكسر قفولتها , ويجر الدابة قهراً ليركب عليها هو أو أي عسكري اّخر , ويجبر صاحبها على إسئجار رجل يرافقها ليحضرلها العليق ( أي العلف ) وكان الفلاحون يخشون النزول إلى المدينة خوفاً من مصادرة دوابهم للسخرة ...
إبراهيم باشا في سورية – للشامي سليمان أبو عزالدين – الصادر في بيروت 1929 – ص 60 – 61 . ) كما جاء في نفس المصدر :
( كان إبرهيم يجبر الفلاحين على نقل الفحم الحجري من منجم " قرنايل " إلى بيروت على الدواب , وبما أن الفحم المستخرج حديثاً يكون رطباً لايلبث أن يتبخر منه الماء عند تعرضه للشمس والهواء فينقص وزنه , وكان يرغم المكارية - اي الذين حملوه على دوابهم – بدفع ثمن الفرق بالوزن , وكان للحكومة كيلان , تأخذ بكيل أوسع من الكيل الذي تعطى به – المصدر السابق ص 161 )
نتابع من نفس المصدر : (كانت حكومة إبراهيم باشا ترغم الأهالي على الخروج من بيوتهم كي تسكن فيها العساكر المصرية , وكانت تعطل المساجد والكنائس لوضع الذخائر فيها , كما فعلوا في دمشق حيث أسكنت العساكر المصرية في جامع محلة الخياطين , وجامع الدرويشية , وجامع ( المعلق ) .
كماكانت الحكومة تخفض أسعار العملة عندما تبتدئ بجمع الضرائب , وبعد إكمالها جمع الضرائب تعود فترفع قيمتها – نفس المصدر ص 165 )
كانت مظالم الحكم المصري كثيرة ومتنوعة , وشاملة عموم الشعب في سورية ولبنان ولم تقتصر على طائفة دون أخرى ..الأمر الذي وحد جميع أبناء الشعب للثورة والتمرد ضد الحكم المصري ..وضدالأمير بشير الشهابي والإقطاع حليف الإحتلال وشبيحته الذين ساموا أبناء فلاحي لبنان أبشع أنواع الإضطهاد والنهب ..
وتوج كفاح المضطهدين والفلاحين الفقراء في إجتماع المتمردين و الثوار في السابع من حزيران عام 1840 في أنطلياس مهد العامية الثورية الأولى في لبنان وسورية كما رأينا , وأدّو يمين الوفاء والإخلاص للثورة وأهدافها المشروعة في كنيسة مار الياس كما رأينا في الحلقة السابقة ..
ثم إنتقل الثوار إلى حرش بيروت الذي حّوله المصريون قاعدة لهم ومستودعاً لمؤن وأسلحة جيش الإحتلال , فصادروا المؤن والسلاح , ووزعوها على الأهالي .. وبعد إكتمال قوتهم وعقدهم بعد النجدات الثوريىة التي جاءتهم من فلاحي الجبل .. تركوا بيروت خلفهم ,إتجهوا إلى المناطق الجبلية شمالاً فإجتازوا مناطق المتن وكسروان والبترون ..وسط تأييد وترحيب من أهالي المناطق وفلاحيها الذين إحتضنوهم وقدموا لهم كل المساعدات والمأوى والمؤن , كما إنضم للثورة مئات الشباب مع أسلحتهم , بينما كان الإقطاعيون وأجراؤهم , وكبار رجال الدين ضد الثورة وقد فروا من المنطقة قبل وصول الثوار إليها ..
وصل الثوار في زحفهم إلى ": زغرتا " وهناك جرت المعركة الأولى مع جيش والي طراابلس المصري الذي يقود أربعة اّلاف مقاتل وبعض مفارز المدفعية . قابله الثوار بصدورهم وببنادقهم العصملية الفردية وبسلاحهم الأبيض وحققوا النصر على الجيش المصري في معركة " زغرتا " وبعد ذلك تقدم الثوار نحو بلدة ( إيعال ) حيث دارت فيها معركة ثانية مع عسكر والي طرابلس كانت نتيجتها إنتصار الثوار وفرار الوالي وحرسه الخاص وغنم الثوار أسلحة وذخائر وخيول من العدو .
ورغم هذا النصر المؤزر والتأييد الجماهيري للثورة وفرار المقاطعجية وأتباع إبرهيم باشا من المناطق التي حررها الثوار .. لكن بعد أيام قليلة بدأت مؤن الثوار وذخيرتهم تنفذ وبدأت القوات المصرية تشن هجمات مفاجئة على الثوار وهي منسحبة من الشمال أمام الجيش التركي الذي تلقى مساعدات عسكرية من الإنكليزأحضروها من مستعمرتهم الكبرى " الهند " الذين هبوا لوراثة " الرجل المريض " كما أطلق على تركيا في تلك الأيام .
وهنا إستغل إبراهيم باشا وحليفه الأمير بشير الشهابي الوضع للغدر بالثورة فأوفد إبراهيم باشا قائداً من جيشه يدعى ( عثمان باشا )إلى المتن للقضاء على الثورة وجمع السلاح ,, كما أوفد الأمير بشيرقائد المقاطعجية اللبنانيين جيشأً من المرتزقة بقيادة إبنه خليل - ليجهض الثورة في كسروان ويجمع السلاح من الفلاحين ,,وقد إستعملا ضروباً قاسية جداً من القمع والإرهاب والظلم بحق الفلاحين – راجع كتاب العاميات الشعبية في لبنان – للمناضل يوسف خطار الحلو ص 96- 98 – وإبراهيم باشا في سورية -
ص171 –
لكن كل هذه الأساليب القمعية الوحشية ضد الثورة وضد الثوار, ضمير الشعب في سورية ولبنان لاتعني أبداً أن الإحتلال المصري وحلفائه أصبحوا أقوى مما كانوا قبلها..بل بالعكس فالثورة رغم تطويقها وضبها بهمجية القرون الوسطى ..غير أنها زعزعت حكم إبراهيم باشا في سورية ولبنان , وأضعفت مركزه العسكري والسياسي , برز ذلك في مؤتمرالدول الإستعمارية في ( لندن ) لندرة قديماً – الذي قرر إنسحاب إبراهيم من سورية ولبنان . وقد رضخ إبراهيم باشا لمقررات الدول الإستعمارية في لندن وفي مقدمتها بريطانيا وفرانسا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا وهولندا وروسيا – التي كانت تتحين الفرص لإقتسام تركة " الرجل المريض "..
وفي عام 1840 إنسحب إبراهيم باشا مع جيوشه من بيروت بعد أن ضربها بمدفعيته ضرباً شديداً , وخربها تخريبأ مدمراً , كما أجبر الثوار والشعب اللبناني حليفه الأمير بشير الشهابي الكبير على مغادرة البلاد , فسافر إلى مالطة .. لتنتهي إمارته إلى اللارجعة .
وبعودة الإحتلال التركي مرة ثانية إلى سورية ولبنان . كانت الجماهير المضطهدة قد تنسمت رياح الحرية والثورة ضد الإحتلال والظلم , وأضحت مطاالب الجماهير وحاجاتها ألمعيشية وحرياتها هي العنصر الأساسي الذي يحرك الجماهير ..
حاول الفرنسيون إبقاء الأمير بشير الشهابي في " بيت الدين " بحمايتهم لكنه لم يستطع البقاء أمام تهديد الثوار وإنتقل إلى صيدا ليتابع رحيله ,,وبإنسحاب الجيوش المصرية من لبنان ورحيل الأمير بشير الشهابي إلى مالطة وعجزه عن البقاء في قصر بيت الدين – حسب نصيحة الخارجية الفرنسية ,, إنتهت زعامة وولاية إقطاع اّل شهاب إلى اللارجعة ..فالأمير قاسم شهاب المسمى – بشير الثالث – لم يستطع الحكم وأزاحه الثوار إلى الأبد ..
لم يستطع الأتراك حكم سورية ولبنان كالسابق أمام التمرد الشعبي المتواصل ضد الإحتلال والإستبداد الشرقي المزمن وضد جبابة الضرائب وأعمال السخرة والتمييز الطائفي والعنصري بين الشعب الواحد والتجنيد الإلزامي وغيرها من المظالم ....
وبقيت روح الثورة متأججة ضد الإقطاع والإحتلال وجذوة العاميات الشعبية متأججة حية , متعلمة من أخطاء العاميات الشعبية الماضية ونواقصها ..لتتابع إشتعالها لأن مطالب الثوار كانت مطالب وطنية صحيحة .. ولتتوج عام 1858 بقيادة جديدة منتخبة ومتنورة وواعية ومخلصة .. تنبثق من جبال كسروان هذه المرة بقيادة ثائر – حدّاد , بيطار -- هو الثائرالبطل " طانيوس شاهين # قائد ثورة الفلاحين المظفرة التي حطمت مملكة الإقطاع وشيوخها من اّل الخازن وغيرهم ومعهم الإقطاع الديني الماروني وأجرت إنتخابات لممثلي الجمهورية في جميع القرى . وأقام الثوارحكماً جمهورياً ثورياً قضى على الإقطاع في كسروان .. كان الأول من نوعه في المشرق ..
وسنرى مسيرة ثورة فلاحي كسروان الوطنية وجمهوريتهم الديمقراطية ومصيرها والتاًمر الإستعماري ضدها واللجوء للفتن الطائفيىة لإجهاض المد الثوري الصاعد في سورية ولبنان .. ومذابح 1860 الطائفية القذرة التي كانت تركيا و بريطانيا وراءها بالدرجة الأولى ودورالقائد الوطني عبد القادر الجزائري الذي كان مقيماً في دمشق , وغيره من مسلمي سورية في حماية إخوانهم في الأحياء المسيحية فيها من المذابح الطائفية التي بدأت بتحريض سافر من الإحتلال التركي الهمجي ومن المستعمرين الإنكليز الذين أرسلوا جواسيسهم يسعرون نارالفتنة الطائفية ويرتدون عمائم مشايخ الفتنة في سورية ولبنان .... سنمر عليها لأن التاريخ يعيد نفسه في هذه الأيام السوداء ..حيث يحرص المستعمرون الجدد والصهاينة على بقاء الإحتلال العصملي الهمجي و الإرهابي الأسدي والطائفي القذرعلى الكرسي المخلّع على أشلاء شعبنا الذبيح أو المشرد في شتى أصقاع العالم وبلدنا المدمر... – يتبع
مراجع البحث
1 – المطران يوسف الدبس
2 – أوراق لبنانية – يوسف إبراهيم يزبك
3 – العاميات الشعبية في لبنان – يوسف خطار الحلو
4 – ياقمر مشغرة – فواز طرابلسي
5 – وثائق أساسية في تاريخ لبنان – د. عبد العزيز نوار
6 – بيروت ولبنان في عهد اّل عثمان – يوسف الحكيم
7 – حرير وحديد – فواز طرابلسي ...وغيرها – راجع ويكيبيديا – الموسوعة الحرة .
8 – طانيوس شاهين من منازلة الإقطاع – إلى عجز الثورة – أنطوان سلامة – دار النهار .
جريس الهامس - 29 / 11 -- لاهاي .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رولكس من الذهب.. ساعة جمال عبد الناصر في مزاد
.. Socialism 2024 rally
.. الشرطة الألمانية تعتدي على متظاهرين مناصرين لغزة
.. مواطنون غاضبون يرشقون بالطين والحجارة ملك إسبانيا فيليب السا
.. زيادة ضريبية غير مسبوقة في موازنة حزب العمال تثير قلق البريط