الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدخل الروسي العسكري بسوريا في سياق النظام الدولي الجديد

فالح الحمراني

2015 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية



التدخل الروسي العسكري بسوريا في سياق النظام الدولي الجديد
د. فالح الحمراني
اعلامي عراقي مقيم في موسكو

لم يكن قرار الكرملين بالتدخل العسكري بسوريا قرارا مرتجلا، او انه فقط جاء فقط لتحقيق مصالح آنية او كرد فعل على الوضع الذي تشكل في الجبهات هناك، حيث هددت التشكيلات المسلحة من المعارضة "المعدلة" و "غير البناءة" دمشق ونظام الرئيس الاسد، بل انه ايضا وليد تراكمات لأكثر من عقد من الزمان في بنية علاقات الغرب بروسيا، وتفاقم سوء التفاهم حول معالم النظام الدولي الجديد، ورؤية روسيا لمكانتها فيه.
يطرح غالبية المحللين تأوليات متباينة حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء اسباب تدخل روسيا في النزاع السوري، ومشاركة قوتها الجوية الفضائية منذ 30 سبتمر الماضي وتصعيدها بشدة بعد الاعتراف بتحطم طائرة الركاب الروسية في سماء سيناء نتيجة عمل ارهابي.
وحاولت تقارير ايضا التقليل من تأثير الضربات الجوية الروسية التي بلغت في غضون 40 يوما 2289 طلعة اسقطت خلالها 4111 صاروخا وطالت مئات المواقع ونقاط الآدارة والاتصال ومعسكرات التدريب للتشكيلات العسكرية اللانظامية " المعتدلة" و " غير البناءة" الناشطة في سوريا. واستهدفت ايضا مصانع لإنتاج الأسلحة والمتفجرات ونقاط تجمع حافلات الموت، علاوة على حقول نفط وتكريره وصهاريج نقله.
ان غالبية تلك التأويليات تتفادى الكلام عن علاقة الخطوة الروسية بترتيب النظام الدولي الجديد الذي ارتسمت معالمه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي, وتراكم الخطوات والممارسات التي اثارت مخاوف موسكو. ان خروج الولايات المتحدة من طرف واحد من معاهدة الدفاع الصاروخي الاستراتيجي عام 2001 ومن ثم اصرارها على اقامة النظام الدفاع المضاد للصواريخ على تخوم الحدود الروسية، التي تقول موسكو انها تستهدف قدراته النووية، فضلا عن محاولات بسط النفوذ في محيط الاتحاد السوفياتي السابق، الذي تعتبره روسيا منطقة مصالحها الحيوية، ودفع بعضها ( تفليسي ، كييف، كيشيونيوف، دول البلطيق ) للمواجهة مع موسكو، علاوة على توسيع حلف الناتو نحو الشرق وعسكرة دول البلطيق، اثارت مخاوف بالغة لدى القيادات السياسية والعسكرية الروسية، التي راحت تنظر بعين الشك لنوايا الغرب تجاهها. وفي ضوء ارتسام معالم الخارطة الجديدة، بدأت موسكو تعيد النظر في عقيدتها العسكرية واولويات منطلقاتها الجيو / سياسية وقررت عدم التفريط بما تبقى لها من مواقع التي من بينها سوريا بعد ان اغلقت قواعدها في كوبا وفيتنام وغيرها.
ويقول الباحث السياسي الروسي الكسي ارباتوف عضو معهد "كارنيجي" فرع موسكو لقد " اعلن الرئيس اوباما وغيره من زعماء الغرب في السنوات الاخيرة ان روسيا " دولة اقليمية كبرى"، وان مركز العالم المعاصر هما الولايات المتحدة الامريكية والصين، اما روسيا فهي عمليا " مزود الخامات" للصين. ولايمكن للكرملين تلقي مثل هذه البيانات، ضيقة الافق، الا كونها تحديا سافرا له، وان العملية في سوريا بإرادة او بغير ارادة، اصبحت ردا عليها".
ولاول مرة منذ نهاية الحرب الباردة تجري روسيا عملية عسكرية خارج محيط الاتحاد السوفياتي السابق، انها تعود للشرق الاوسط، حيث كان الاتحاد السوفياتي حاضرا على مدى عشرات السنوات. ان الشوق لعظمته، سيطر على الان على شرائح واسعة من سكان روسيا، وغدى واحدا من العوامل الرئيسية للسياسة الخارجية والخارجية. ان الدولة الوحيدة التي تقوم بعملية عسكرية مشابهة بسوريا هي امريكا التي استقطبت الحلفاء لتتلقى منهم بالدرجة الاولى الدعم السياسي والمعنوي، وعلى العالم ان يرى اليوم ان روسيا ليست بدولة اقليمية كبرى كما يردد الغرب، وانما مركز قوة عالمي، وهذا يعني ان الدولة العظمى الثانية ليست الصين وانما روسيا. انه توجه نحو بعث روسيا بمثابة دولة عظمى. ويقول ارباتوف : ان الدافع الاخر للتدخل في سوريا هو اظهار انتعاش الجبروت العسكري الروسي الذي تفتخر به روسيا تاريخيا كانجاز وطني. وان العملية العسكرية بسوريا بالنسبة لروسيا، وبعد الحملتين العسكرتين في الشيشان، اكتسبت طابعا نوعا جديدا.
ان موسكو تنظر الى تحرك الغرب على اكثر من جبهة ومسار بانه خروج عن قواعد اللعبة المتفق عليها ضمنيا، وانتهاك لروح العديد من القوانين الدولية، وفهمت من هذا انها تملك الحق في التحرك بصورة مماثلة. وتقارن موسكو استقلال اوسيتيا وابخازيا عن جمهورية جورجيا وضمها القرم في ضوء استفتاء سكانها، تقارنه باعتراف الغرب ودول عديدة اخرى بحق كوسوفو الانفصال عن صربيا واعلان نفسها ذات سيادة. واتهمت موسكو الغرب بالاحتيال عليها في الغارات على ليبيا ومقتل العقيد القذافي، كون ان القرار الذي لم تفرض عليه حق النقض (الفيتو) كان يدور حول فرض منطقة حظر طيران حول ليبيا وليس اجراء عملية عسكرية بداخلها وانزال الضربات الجوية بقدراتها الدفاعية، لصالح المعارضة.
وهناك مخاوف جدية في موسكو من تكرار قيام الغرب بعمليات عسكرية ضد دول ذات سيادة مثل العراق ويوغسلافيا والسودان... من دون اذن من مجلس الامن الدولي وعموما تهميش منظمة الامم المتحدة وغيرها من المنظمات التي تشكل سندا للتوازن الدولي وساحة لتبادل وجهات المواقف والتفاهم والاتفاق على حلول وسط بشان القضايا الدولية الساخنة، وحل النزاعات الناشبة بصورة تأخذ مصالح كافة الاطراف. لذلك فان نجاح الاتفاق على تسوية النزاع بسوريا سيرتبط ايضا بالإتفاق على ترتيبات جديدة في النظام الدولي.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخلط بين الحجه و السبب
عبد المطلب العلمي ( 2015 / 11 / 29 - 16:50 )
من يحكم اليوم في موسكو هم من انقلبوا على الاشتراكيه السوفياتيه،اي البرجوازيه الوضيعه.لا يوجد طبقه حاكمه تخوض حربا الا لتحقيق مكاسب سياسيه اقتصاديه.فما الذي يدفع موسكو الى الحرب ،هل هناك تغيير في التركيبه الطبقيه و هل البرجوازيه الوضيعه تطورت عضويا لتصبح امبرياليه تبحث عن اطراف؟ و لا تقل لي ان حربها رد فعل على محاولات امريكا لتهميشهم او انهم يحاربون حائضين عن برائه اطفال سوريا التي اهدرت من قبل الديكتاتور و المسلمين على حد سواء.المصالح هي التي تحرك و ليس الاخلاقيات و المثاليات.
اشارتك الى الى ان الخطوه الروسيه هي مشاركه لترتيب جديد للنظام الدولي ،يطرح تساؤلا،هل دول الاقتصاد الريعي تشارك في الصراعات على نفس مستوى الامبرياليات ان افترضنا وجودها.

اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة