الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التخلص من الفقراء

جهاد علاونه

2015 / 11 / 29
كتابات ساخرة


الآن وأنا جالس وحدي

ليس معي إلا الذكريات المؤلمة وأيام الحرمان.
أيام كنت طفلا محروما من كل شيء...
أيام كنت وما زلت فقيرا إلى الله وإلى الناس.
فكرت بإيجاد حل جذري لمشكلتنا.
أو مشكلتي وحدي.
مشكلة الفقر والفقراء.
فخطرت على بالي فكره.
وهي أن نقتل جميع الفقراء.نتسلل إليهم ليلا فنخنقهم جميعا وهم نيام.
ثم نقهقه بصوتٍ عالي.
وفي صباح اليوم التالي نبكي عليهم كعادة المجرمين وكعادة الزعماء والملوك حين يبكون على ضحاياهم بعد أن يقتلوهم معنويا وجسديا وروحيا.
نقتلهم قليلا ثم نبكي عليهم كثيرا.
نظهر أمام العالم كله والتاريخ أننا متأسفون جدا على موتهم ونعرب عن إستيائنا, نشذب بشدة وفي صباح اليوم التالي نستنكر بشدة.
ثم نذهب إلى بيوتنا وننام ونحن مطمئنون على وطننا كونه أصبح خاليا من الفقراء.
الحكومة دائما تبحث عن حل لمشكلة الفقر والفقراء.
وأنا والحمدُ لله قد أرحت الحكومة من هذه المشكلة.
سأريحهم أولا مني أنا, سأدعهم يقتلونني.
سآكل من اجل الاغنياء كل انواع السموم التي يستوردونها لنا باسم الشعب التعبان الشعب الغلبان الشعب الفقير والمحتاج على رحمة الله.
سادع معدتي تطحن اللحوم والأسماك الفاسدة من اجل أن يعيش المفسدون ويزداد ثراءهم.
من اجل أن تعرض بطونهم وتنتفخ كروشهم.
من اجل أن يتمكنوا من الإنفاق على العاهرات في ملاهي باريس.
سنقضي على الفقراء...سنطهّر العالم منهم ومن ذكرهم وإلى الأبد ,آمين.
وإن لم تنفع عملية خنقهم من الممكن أن نلقي القبض عليهم ونسجنهم!!.
سأقنع الدولة بوضع قانون عام يجوز فيه للمحكمة تجريم الفقر, وكلما عثرنا على رجل فقير نرسل به إلى المحكمة وهنالك نحاكمه على جريمة الفقر وندعه في السجن حتى يموت.
حتى يذوب شحمه ثم لحمه ثم عظامه.
تماما كقضايا الشكات التي هي بدون رصيد أيضا.
تماما كالمديونين.
أو بما أن معظم سكان المدينة من الفقراء فمن الممكن بدل التسلل إليهم ليلا , من الممكن أن نقتلهم نهارا وأمام كل الناس والمستشفيات, ثم نصرخ بالصوت العالي: يحيا العدل.
يحيا الملك
يعيش النظام.
بارك الله بأعمالكم وسدد الله خطاكم.
ستقف المستشفيات عاجزة عن المساعدة.
لن يستطيع أي طبيب أن يساعد هؤلاء الأبالسة لعنة الله عليهم وعلى فقرهم.
من الممكن أن نقتلهم عن طريق تسمم الغذاء.
نسمم لهم غذاءهم
أو دواءهم.
أو بئر الماء الذي تشرب منه معظم سكان المدينة.
أو نقضي عليهم عن طريق الاستيراد والتصدير,نستورد لهم لحوما فاسدة...وأسماك فاسدة..ومعلبات فاسدة ومنتهية الصلاحية.
ستكثر أموال المستوردين الأغنياء.
وهكذا سيزداد الأقوياء قوة والضعفاء والفقراء فقرا.
وهكذا حين نتخلص من الفقراء.
حين نقتلهم.
حين نسممهم.
تصبح مدينتنا نظيفة.
نظيفة جدا.
سنمشي في الشوارع دون أن نلاحظ فيها إنسانا واحدا فقيرا ملابسه مهترئة وجواربه ممزقة, سنمشي في المدينة في صباح اليوم التالي دون أن نلاحظ أن فيها رجلا يبحث عن ثمن علبة دواء أو ثمن أحذية لأولاده, لن يأتينا إلى منزلنا رجل يدعي أن أولاده حفاة وعراة لأننا سنقتل كل الفقراء وكل العراة, سنمزقهم إربا وسننهي الحديث عنهم وعن مشاكلهم وسنرتاح من ذكرهم.
ستصبح مدينتنا جميلة
ليس فيها فقراء.
ليس فيها شحادين.
ليس فيها متسولون.
ليس فيها حرامية.
ليس فيها سكارى من شدة الجوع والفقر.
إنها الفكرة الجهنمية التي لم تخطر على بال نابليون.
إنها الفكرة المجزية التي خطرت ذات يوم على بال(نيرون).

إنها الفكرة الفلسفية التي لم تخطر على بال أفلاطون
كيف مثلا سعى أفلاطون لبناء مدينته الفاضلة ولم يخطر على باله قتلنا نحن الفقراء؟
سنقتل الفقراء لنرتاح من الفقر.
سنرميهم بقنبلة نووية.
سنطعم لحومهم للأغنياء.
سنسحب دماءهم ونسقيها للأغنياء المساكين.
سنخصص يوميا لكل ثري من أثرياء الوطن وحدة دم ..ولكل عائلة غنية جالون من دم الفقراء لكي يقتاتوا به ويمارسوا حياتهم الطبيعية.
سنبحث عن الدول الفقيرة ونقصفها بصواريخ تحمل رؤوسا نووية, وبهكذا فكرة نتخلص من الفقراء ويصبح عالمنا عالم حر ومثالي كل سكانه من الأغنياء الأغبياء, وستحل السعادة محل التعاسة, سينتهي البؤس.
سنتخلص من الموهوبين.
وسيعيش بمكانهم الموهومين بأنفسهم.
ستنتهي الكوارث.
ستتوقف الناس عن قتل بعضها البعض.
ستنتشر الحرية والعدالة ودولة الرفاهية التي نحلم بها.
ولكن من قال أن الفقراء ارتكبوا هذه الجرائم؟
هل الفقراء هم من سرق الوطن؟
وخزينة الدولة؟
الأغنياء هم من سرقوا.
هم الذين يقتلون.
ومن قال أن الأغنياء أصلا لا يفعلوا ما أقوله؟
لقد استوردوا للفقراء اللحوم الفاسدة.
والأسماك الفاسدة.
مئات الأطنان من اللحوم الفاسدة استوردها الأغنياء وليس الفقراء.
أطعموها لنا.
أكلنا اللحوم الفاسدة, مئات الأطنان من اللحوم المجمدة الفاسدة والغريب أننا ما زلنا أقوياء.
ما زلنا قادرين على الحياة.
مازلنا نتنفس من أجل أن نستهلك المزيد من اللحوم والخضار الفاسدة التي والحمد لله بفضلها تمتلئ جيوب الأغنياء بالمال, وخزائنهم بالذهب.
مص الأغنياء دماءنا الشهية.
سمموا مياهنا العذبة
قتلوا احلامنا.
ضيعوا مستقبل أولادنا.
وها نحن بلا أحلام نعيش عليها...وبلا أمل ننتظره.
الفقير بسرق عشان يوكل أما الغني بسرق عشان تموت أنت وأولادك من الجوع.
في الكرة الأرضية ما يكفينا جميعنا من مأكل وملبس ومشرب ولكن لا يوجد فيها ما يكفي طمع وجشع إنسان واحد.
لذلك نحن لا نحتاج إلى أفكار تخلصنا من الفقراء, نحن نحتاج إلى ثورات تخلصنا من الأغنياء.
مصت ألسنتهم دماءنا وأكلت أسنانهم لحومنا وما زلنا كلما فقدنا بعضا من لحومنا ودمائنا نشعر أنها تنضج من جديد من أجل أن ترتاح ألسن الدر كولات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع
على سالم ( 2015 / 11 / 29 - 17:49 )
مقاله رائعه ومميزه ولكن ؟؟ الا يحق ليسوع ان يتدخل لكى يحمى الجوعى الاذلاء والبؤساء من جشع وفجر الاغنياء المجرمين المتوحشين السفله ؟ ربما يسوع يعيش فى عالم اخر

اخر الافلام

.. خالد النبوي وصبري فواز وهاجر أحمد وأبطال فيلم أهل الكهف يحتف


.. بالقمامة والموسيقى.. حرب نفسية تشتعل بين الكوريتين!| #منصات




.. رئاسة شؤون الحرمين: ترجمة خطبة عرفة إلى 20 لغة لاستهداف الوص


.. عبد الرحمن الشمري.. استدعاء الشاعر السعودي بعد تصريحات اعتبر




.. قطة تخطف أنظار الحضور بعد صعودها على خشبة المسرح أثناء عزف ا