الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهيد كامل ساجت الجنابي

طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)

2015 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية



وفاء له ...
الشهيد الفريق الركن كامل ساجت
محافظ ميسان السابق رحمه الله

شهادتي الشخصية:
كانت شخصية الشهيد كامل ساجت الجنابي قد استهوتني وادخلت في نفسي آيات من الاحترام والإعجاب له مُذ كنت اعمل في مستشفى العماره العسكري ( نقيب طبيب احتياط وجراح كسور) .. كان الشهيد انذاك أمرا للواء 66 قولت خاصة .. كان الامرين والقادة انذاك وأثناء الحرب العراقية الإيرانية يزورون المستشفى بين الحين والآخر اما للعلاج او لمتابعة جرحى وحداتهم ... كان كامل ساجت حين يزور المستشفى يأت بلا جلبة ولا حمايات وهو يستقل سيارة الواز العسكرية البسيطة .. وكان يدخل علينا كمراجع بسيط !! كان هادئا جدا ودمث الأخلاق ولا يرفع رأسه ابدا اثناء الحديث ، يتكلم وانظاره تتجه نحو الارض ! وقد علمت متأخرا وحين اصبح محافظا للعمارة انه يقلد الرسول ، تواضعا !!
كنت اتابع اخباره حين كان قائدا (لقوات الخليج) في الكويت وكيف أبدى شجاعة منقطعة النضير هو والشهيد بارق حنطه وعبود قنبر المالكي ... وقد كتب عنهم الكثير من الشهادات في كتاب ( سفر القادسية وأم المعارك) ذلك الكتاب الذي ضم بين صفحاته معلومات وشهادات عجبت في وقتها كيف مرت !!!! ) .. نقل لي احدهم ( انذاك ) خبرا صاعقا وخطيرا لم اصدقه والذي يقول : اثناء انسحاب الجيش العراقي مهزوما من الكويت ، كان كامل ساجت وبارق حنطه وضابط اخر يستقلون سيارة واحدة وقد كان حديثهم ساخطا على السلطة ورئيسها !! وقد اقسم الفريق بارق على القيام باسقاط السلطة انتقاما لتلك الاهانة التي أهين بها الجيش العراقي !!! وقد قتله صدام بعد ذلك بيده !!!
عين المرحوم كامل ساجت محافظا للعمارة وكانت اول شهادة عنه وصلتني هي شهادة ( طباخ) المحافظ !! عبودالذي نسب لبيت المحافظ من دار الاطباء سابقا ... كان عبود مستغربا من سلوك المحافظ الجديد ! انه لا يأكل ( أدمين في طبق واحد!!) وهو ينتهج سلوك الامام علي ع ... كان الطباخ مستغربا ويقول : لا ادري كيف يقوى هذا المحافظ على العيش !!! كان بسيطا ومتواضعا وذو عطف واهتمام شديد بالفقراء ..!! رأيته مرة وهو يبكي لبكاء امرأة فقيرة شكت حالتها له اثناء زيارته للمستشفى وقد مد يده لجيبه ليعطيها ما به ويأمر مرافقه بتسجيل اسمها ... كان يرتدي دشداشة وكوفية ويقود سيارته احيانا كثيرة وهو يهيم في صحاري العمارة وحيدا ...!! كان متدينا ولم يبدو منه اي تطرف او سلوك طائفي تجاه مجتمع العمارة ( الشيعي!!!) كما اتهمه قادة النظام بعد إعدامه بانه كان وهابيا لكي يبرروا سبب إعدامه !!!
نقل لي ( مباشرة) بعد إعدامه صديق لابنه عمر ... يقول عمر : أرسل صدام بطلب والدي وقد قال لي والدي : يريدني ان اكون القائد العسكري الرديف لغلي المجيد لمنطقة البصرة ( عام 98 حين هدد كلنتون العراق) وقد قال والدي سوف ارفض المنصب باني أدافع عن شعبي ولن اقتله.... ) طبعا كان النظام يخاف من ان تعود انتفاضة 91... يقول صديقي نقلا عن عمر : قلت له ان صدام سوف يقتلك .. اجاب ابي : بشرك الله بالخير سوف اذهب شهيدا انشاء الله ....
ولم يعد بعدها الى داره ....
الغريب ان صدام كان يحب كامل ساجت ويثق به كثيرا ولا يرد له طلبا ،وكان يعلم بالتزامه الديني وبزهده الكبير واهتمامه بصرف كل ما يحصل عليه من مكافئات وهدايا من الرئيس ، في بناء الجوامع وإعالة العوائل الفقيرة !! كان اذا أهداه سيارة لا يستلم مفتاحها بيده وانما يأمر مرافقه بالذهاب فورا الى معارض السيارات لبيعها وارسال المبلغ مباشرة الى جمعية خيرية يشترك فيها مع بعض الميسورين لصرفها في الاعمال الخيرية وبناء الجوامع !! ذكر ذلك لي مرافقه المدعو ( ملازم عادل) ..!! في احد لقائاته مع صدام بادره مازحا بالسؤال : ها كامل ، عندك مصرف لو امخلصهن على بناء الجوامع ؟! ثم امر له بممافئة مالية ..!!!
اثناء ما كان محافظا لميسان .. جاءه احد سادة العماره ( ح.ج) بعد ان قتل والده في قصف الجيش للمدينة بعد انتفاضة آذار 991 ، وطلب أرضا لبناء جامع باسم والده .. عرض عليه مكان مديرية امّم ميسان التي هدمت وأحرقت في الانتفاضة !! فاعتذر أهله لكونها ارض ارتكبت عليها جرائم الأمن !! فما كان من المحافظ الا وبنى عليها جامعا في وسط المدينة لا زال قائما لحد الان ومن ماله الخاص ( جامع الرحمن) ليظل شاهدا ماديا على إنسانية والتزام ذلك الرجل الديني والاخلاقي ..وحبذا لو يسمى الجامع باسم الشهيد كامل ساجت الجنابي !!
بعد إعدامه نزل تعميم على فروع الحزب بتبرير إعدام كامل ساحت لانه( وهابي) !! وقد كان عضو القيادة يقول ذلك والتهكم وعدم التصديق واضحا في مقل ذلك التعميم الى رؤساء المنظمات ( وكنت نقيبا للأطباء ( وحاضرا الاجتماع ... !! وقد مقل لي احد اصدقائي من عشيرة زوبع قبل عامين ان كامل ساجت اعدم مع الشهيد محمد مظلوم لاشتراكه معه في محاولة قلب نظام الحكم !! وانا هنا واعتمادا على ما اعرف وما ذكرت اعلاه من القصص اشك في ذلك ...!! نعم لقد اعدم الفريق بارق الحاج حنطة لرفضه اذلال الجيش ... لكن كامل ساجت كان مخلصا وملتزما وكان ( مع عدم رضاه على ما كان يجري ) محط ثقة صدام حسين لمعرفته ب ( أمانة ) كامل ساجت واحترامه القسم !!! كان صدام قد اتخذ منه مستشارا عسكريا له .. وقد نقل لي اقرب أصدقائه ( من أهالي العمارة الأمناء وأحد وجوههاالسيد عبد . ك) قبل ان يعدم ، ان الرئيس الذي كان يردد دائما : اثنان فقط من المسؤولين لا يسرقون هم صدام حسين وكامل ساجت ! ، قام صدام بتكليف كامل ساجت بالاشراف على مخازن ديوان الرئاسة الكائن في مطار المثنى ولما ذهب يتفقده وجد كما يقول كامل ان تلك المخازن تضم من النفائس مالا يخطر على بال ابتداء من ملعقة الطعام الى سيارات المرسيدس النادرة !!! فعاد مرعوبا للرئيس واعتذر حفاطا على الأمانة و خوفا من ان يقتله الطامعون من أقارب الرئيس واولاده !!! فقبل الرئيس اعتذاره ضاحكا ومتفقا مع ما ذهب اليه المرحوم ..!!
لم تكن الدولة دولة دينية ومع ذلك واستنادا لالتزام كامل الديني فقد كان اول من تجرأ واغلق النوادي ومحلات بيه الخمور في ميسان ..!! عند ذاك جاءه امر من وطبان الذي كان وزيرا للداخلية انذاك وهو يأمره بإلغاء قراره ! فكتب كامل ساجت معلقا : انا اعمل بما يرضي الله ضمن مسؤوليتي كمحافظ ولا اطيع سوى الله والسيد الرئيس !! وحين اطلع صدام على تعليق المحافظ امر وطبان بعدم التعرض لكامل ساجت !! ( هذا ما نقله لي احد المقربين لكامل ساجت حينها ومحل ثقته!!)
كيف قتل كامل ساجت ..!!؟!
نعم انا اتفق مع ما نقل اعلاه عن ابنه عمر ...لقد (اعتذر ) ولا اقول ( رفض) الى الرئيس عن استلام منصبه الجديد مسؤولا عسكريا في قاطع البصرة !! وكان ذلك بحضور عدي وقصي ..!! ولم يتخذ صدام قرارا بإعدامه كما أظن !! مع امتعاضه وعدم رضاه عن قرار رفضه ذاك !! وبعد ذلك مباشرة أرسل ابنه المجرم المعروف والنزق بطلبه وحدث سب وشتم كامل ساجت الذي سوف يرد السب بسب فقام المجرم بقتله ومرافقيه...
لقد أخفيت الجريمة فترة ليست قصيرة وحين أخبرت عائلته قامت زوجة المرحوم برمي الأوسمة والأنواط التي حصل عليها بشرف بوجه من طرق بابهم قائلة خذوها لصدام لسنا بحاجة لها ..!!! كما ان صدام حاول ارضاء أهله والجنابات ببعض الهبات ومن ضمنها سيارات اولدموزبيل فقبلوها صاغرين خوفا من بطشه كما اخبرني احدهم وبناء على نصيحة كبار الجنابيين !!
لا اجزم بصحة ما ذهبت اليه وما ذكرته لكنني اعتقد ان فيما حاولت ان احصل عليه من معلومات حول هذا العراقي الأصيل والقائد الفذ والرجل المؤمن بدينه ووطنه بصدق والمتواضع مع علو مكانته التي استحقها بجدارة . كل ذلك كان احتراما لذكرى ذلك البطل رحمه الله ...!!

طالب الجليلي
29ت2 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميلنشون يتعهد بالاعتراف بدولة فلسطين في حال وصوله لرئاسة الو


.. فرنسا: ماكرون يطلب من رئيس الوزراء البقاء في منصبه -من أجل ا




.. ساسة إسرائيليون يتهمون نتنياهو بالسعي لإفشال صفقة التفاوض ال


.. غالانت: سنواصل القتال في جبهة الشمال بلبنان ونقوم بكل ما هو




.. حزب الله يعتبر أن أي وقف لإطلاق النار بغزة يعني إرساء تهدئة