الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم من مدينتي، جاسم محمد أمين الهيتي

قحطان محمد صالح الهيتي

2015 / 11 / 30
سيرة ذاتية


ولادته
-
ولد جاسم محمد أمين حمد ذياب الياسين المحمدي الهيتي في مدينة هيت في سنة 1922 ودخل مدرسة هيت الابتدائية للبنين وأكمل دراسته فيها،بعدها سافر الى بغداد، ودرس في دار المعلمين الابتدائية، وتخرج منها معلما في عام 1942.
-
نشأته
-
نشأ جاسم في بيت من بيوت الجود، والطيب، والكرم، فقد كانت بيوت ابيه وجده وأعمامه دواوين ضيافة بكل ما تعنيه كلمة دواوين. فقد ذكرها الكثيرون ممن نزلوا فيها ضيوفا أو سائلين، ولم أقرأ كتابا لرحالة مرَّ بهيت، إلا ووجدت فيما كتب من مذكرات ذكرا لديوان حمد ذياب الياسين. ولم يكتب موظف عمل في هيت، أو مسؤول زارها لتأدية واجب فيها، مذكراته عن أيام تواجده فيها إلا وذكر ابن ياسين، ذلك الرجل الذي افتخر به شاعر هيت المبدع بدران عندما تصدى للشاعر المعروف عبود الكرخي الذي هجا أهل هيت وبعض مدن المنطقة الغربية.
-
لن أكتب عن أباء جاسم واجداده أكثر مما قلته فيهم بقصيدتي (دار سعدى) وقد خصصتهم بالذكر مرتين، الأولى لأصلهم الكريم (المحامدة) والثاني لبيتهم الخالد الذكر (ابن ياسين) فقد قلت:
_
وذا (المحمْدي) قد جاد (الخميس) به
مــن ثامــر رجل يعطيــك ما حمدا
-
وذا (ابن ياسين) ما ملّت مواقده
نارا و لا ارجعـــت ابوابه أحـــدا
-
في هذه البيئة الطيبة النقية الكريمة، شَبَّ جاسم، وتعلم هو وأخوه الطيب الكريم سعدون، فتعلما ودرسا وصارا قدوة لأقرانهما في كل الأمور. وورثا عن آبائهما وأجدادهما أروع صفات الإنسان، وهي الطيب والوفاء والبّر والكرم. وأورثوا كل هذه الصفات الى أبنائهما وأحفادهما.
-
عمله
-
عُينَ بعد تخرجه معلما في مدارس عدة، ومارس التعليم في أكثر من قرية ومدينة خارج لواء الدليم، وخارج مدينته قبل أن يُنقل من الحبانية الى مسقط رأسه معلما في مدرسة هيت الابتدائية للبنين في عام 1947 بموجب الامر الإداري 2981 في 3 / 9 /1947 الصادر عن مديرية معارف لواء الدليم.
-
وبعد ان تم شطر المدرسة الى مدرستين غازي والهاشمية أصبح هو مديرا لمدرسة غازي (النضال لاحقا) والمرحوم متعب عبد الكريم جاسم مديرا لمدرسة الهاشمية (الكفاح لاحقا) بموجب الامر الإداري المرقم 1/7/4233 في 30 / 9 / 1951الصادر عن مديرية معارف لواء الدليم.
-
استمر مديرا لمدرسة النضال حتى عام 1967، حيث عُينَ مفتشا تربويا، وخلفه في إدارة المدرسة المرحوم حسين رجب محمد بموجب الامر الإداري 11543 في 14 / 9 / 1967، واستمر بعمله في التفتيش الابتدائي حتى وفاته في 17/ 12 / 1982 عن عمر ناهز الستين عاما.
-
جاسم المدير
-
اكتب اليوم عن جاسم المدير الذي عرفته اول مرة عندما (سجلوني) في مدرسة (غازي) الابتدائية للبنين طالبا في الصف الأول في عام 1955. لم أكن واعيا لأدرك الأمور جيدا، ولكن ما يُخزن في ذاكرة الصّبا يبقى خالدا في النفوس؛ فيتحول الإعجاب بمن نتعرف عليهم في تلك الأيام الى حبّ يسكن في القلب والضمير، وكثيرا ما يخلد في النفس أول من نُعجبُ بهم ممن يتولى امورنا؛ ربما يكون مرَّد ذلك الى خوف أو رهبة من سطوتهم، ولكني لم أجد في هذا الإنسان المدير من هذه الأمور شيئا اذكره اليوم بعد ستين سنة سوى ما أوجزته بحقه في قصيدتي (دار سعدى) عند ذكر من علّمني من المربين الأفاضل في مدرسة (غازي) ومن ثم (النضال) وهو منهم، الا هذا:
-
وعـن مدير لهـا ظلَّت قصائُدهُ
تُغازل الراحَ والأوتارَ والخُردا
-
ابي (مهندً) (غيثِ) العلم وابلهُ
سقى المعارف فياضا وما نفدا
-
لقد كان (أبو مهند) مهنداً صارما في حسم ما يخدم الطلبة، و(غيثا) عليهم بلطفه وكرمه، و(فرحا) للفقراء منهم، و(حازما) في تربيتهم وتعليمهم. لقد عاش في وجداني إنسانا قبل أن يكون معلمي ومديري، أحببته، لأنه كان مُحباً لنا نحن الفقراء، وكيف لا؟ فهو (ابن ياسين).
-
ومثلما كان بارا بطلابه حريصا عليهم، كان سندا وعونا لزملائه المعلمين، ولابد لي من أن اشير بهذا الصدد الى موقفه الشجاع في قضية المعلم المرحوم اسماعيل أمين كطه عندما سخر منه مدير الناحية آنذاك سالم الرويشدي في أثناء زيارته للمدرسة صباح يوم 31 / 1 / 1960 قائلا له (طوبجي) حيث قام المدير، وبناء على مذكرة المعلم، برفع مذكرة بتاريخ 3 / 2 / 1960 الى مديرية معارف لواء الدليم بيَّن فيها بكل جرأة وشجاعة موقفه من القضية ،وبناء على تلك المذكرة وجه المرحوم كامل الدباغ مدير معارف اللواء في ذلك الوقت كتابا الى مجلس اللواء الأعلى برقم/ م / 31 في 8 / 2 / 1960 يطلب فيها من المجلس المذكور وضع حد لتدخلات رؤساء الوحدات الإدارية بشؤون التعليم في المدارس.
-
لقد كان المدير جاسم أنيقا في ملبسه، سام ٍبقامته الممشوقة، مهيبأ في شكله، إنسانا في وجدانه؛ وكنّا نهابه احتراما لا خوفا. اتذكره اليوم حين كان يقف صباح كل يوم دراسي مع المعلمين في(الاصطفاف) الصباحي وكأنه آمر وحدة عسكرية ينتظر استلام (الموجود).
-
واتذكره في تجواله في أغلب الأيام مراقبا لوجبات التغذية المدرسية التي كانت تقدم لنا في عهد الزعيم عبد الكريم؛ من أجل أن يطمئن على سلامتها من أجل سلامتنا. واتذكره حين كان يتابع عملية توزيع الكسوة الشتوية لنا -نحن الفقراء-وما اكثرنا في تلك الأيام، فكان عليه أن يَعدل بيننا، فيخصص لهذا (حذاءً) ولذاك(قاطا) ولمن لا يبقى له من المواد العينية نصيب يُقدم له العون النقدي من التبرعات التي كان هو وزملاؤه المعلمون يقدمونها من مالهم الخاص أو من خلال سعيهم لجمعها لنا.
-
كان شاعرا واديبا ذواقا للشعر والأدب والفن، وكان له من شعراء وادباء العراق في ستينات القرن الماضي الكثير من الأصدقاء أبرزهم شاعر العراق الأكبر محمد مهدي الجواهري الذي زاره في هيت ونزل عنده ضيفا والتقى به أكثر من مرة، وقد ذكرت ذلك الدكتورة خيال الجواهري في كلمتها التي القتها في حفل افتتاح مهرجان هيت الثقافي الثاني صباح يوم 24 /3/ 2011.
-
كانت ميوله السياسية قومية اشتراكية على وفق مبادئ (الاتحاد الاشتراكي العربي) الذي ظهر في اعقاب 18 / تشرين / 1963، ولم يكن على وفاق مع الشيوعين في حينها، وقد أعلن ذلك صراحة في إحدى قصائده. مع هذا فقد كان جُلُّ أصدقائه منهم ومن البعثين، ولم يكن الذي بينه وبينهم خلافا بل اختلافا، فلم يفسد للود الذي بينهم قضية.
-
هذا هو المربي والمدير جاسم محمد أمين (أبو مهند) كما عرفته، أقدم سيرته لمن عاش أياما معه زميلا، أو طالبا، أو صديقا، أو جارا. وأقدمه الى هذا الجيل ليعرف من هم الأعلام الذين كانوا وراء تعليم أباءهم وخلف نهوض مدينتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القط لاري حارس مكتب رئيس الوزراء في بريطانيا • فرانس 24


.. رئيس الوزراء البريطاني الجديد يبدأ زيارة إلى أجزاء المملكة ا




.. وجه فرنسا يتغير.. زلزال سياسي بعد اقتراب أقصى اليمين من الحك


.. هل يعاني نجوم إنجلترا مع ساوثغيت؟ ولماذا انهار الأتراك في ال




.. حزن يخيم على عائلة مقدسية أثناء هدم الاحتلال منزلهم