الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجريم التمييز الطائفي

زيد كامل الكوار

2015 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


بعدان تكلمنا عن التمييز الطائفي والدولة المدنية وبينّا مبادئها وشروطها وجب علينا أن نبين القوانين التي يجب أن تسن لاحقا لتجريم التمييز الطائفي وتحديد أشكاله المتعددة من الطائفية الدينية إلى الطائفية السياسية وتهيئة الأجواء والظروف الموضوعية المناسبة لوضع الحد النهائي للطائفية وممارساتها بكافة أشكالها المقيتة سواء كانت طائفية دينية أو طائفية سياسية، عبر تشريع قانون يجرم ويحرم التمييز بين المواطنين على أساس الانتماء الديني أو الطائفي ولا يمكن أن يشرع مثل هذا القانون في ظل نظام حكومي قائم على أساس المحاصصة الطائفية بسبب عدم استعدادهم لتشريع مثل هذا القانون الذي يستلب منهم امتيازاتهم بأجمعها ويعيدهم بين عامة الشعب الذي لم يتبق له أي استعداد لتقبل أناس فاسدين لا يمتلكون أدنى مستوى من الوطنية والنزاهة والأمانة، ولضرورة تشريع مثل هذا القانون وأهميته القصوى في إصلاح المجتمع وتخليصه من المحاصصة المقيتة التي دمرت السلم المجتمعي والتلاحم الكبير الممتدة جذوره في تاريخ المجتمع العراقي الطويل الذي لم يشهد مثل هذا الاصطفاف الطائفي من قبل ولم تحدث على مر تاريخ العراق حوادث طائفية ترقى إلى مستوى المعارك بحيث تؤشر خطورة مقلقة، ولكن زوار الليل الذين ابتلينا بهم في عراق المحبة والوئام أذاقونا الأمرين حتى غدا المسافر في أنحاء العراق يسأل عن كل منطقة يصلها قلقا عن انتمائها الطائفي، بل ويعرف أبناء بغداد بخبرة عالية ما هي المناطق التي ينبغي لهم ألا يدخلوها إلا مضطرين لأنها تتشح بوشاح طائفي مخالف لطائفته ولا يستحب له أن يجازف فلا احد يعلم ما تخبئه الأقدار من مفاجآت غير متوقعة.
أما أخزى أنواع التمييز الطائفي في العراق فهو ما يحدث في الوزارات والمؤسسات الحكومية حين وزعت تلك الوزارات والمؤسسات بين المكونات السياسية الدينية والطائفية فهذه الوزارة أصبحت من نصيب المكون الطائفي السني مثلا فلا يتم فيها تعيين موظف أو منتسب من المكون الشيعي، أو المكون المسيحي أو الكردي، والأمر مماثل له في الوزارة التي أصبحت من نصيب المكون الآخر أو الثالث أو الرابع، فكأن دوائر الدولة ومرافقها المهمة الكبيرة صارت عرصات أو أملاك خاصة توارثوها بينهم ولا نصيب فيها لغيرهم من العراقيين.
فإذا كان التمييز الطائفي قائم وموجود على مستوى الوزارات والدوائر الحكومية فما بالك فيها في المؤسسات الأهلية الخاصة المدنية؟
لقد أقحم هذا المبدأ في المنظومة المجتمعية العراقية إقحاما ما زاد الحواجز المصطنعة في المجتمع ارتفاعا وسمكا يمنع ذوبان المكونات في ما بينها، وقد لمس العراقيون في العقد الأخير انحسارا كبيرا في ظاهرة الزواج بين الطوائف والمكونات المتغايرة بعد أن كان الأمر شائعا بصورة كبيرة في المجتمعات الحضرية كشيوع زواج الأقارب في المجتمعات الريفية، ولا نشك إطلاقا أن المصالحة الوطنية الحقيقية إذا ما تحققت في المجتمع العراقي ستذوب أو تخفف على الأقل هذه الحواجز حينها تطيب النفوس ويعم التسامح والتحابب في المجتمع العراقي، الأمر الذي يعزز اللحمة الوطنية ويؤهل المجتمع نفسيا وعقليا للدولة المدنية التي تمنع دمج الدين بالسياسة وتنزع هوية الدولة الدينية، حينها فقط سيمكن حماية الانجاز بقانون صارم تنفذه دولة مدنية حازمة قويةـ لا تحابي أحدا في مسألة حماية السلم المجتمعي واللحمة الوطنية، حينها سيكون المواطن في نظر الدولة قيمة عليا بغض النظر عن اسمه ولقبه ودينه وطائفته وقوميته ومحافظته ومدينته، فلا امتياز لتكريتي ولا نجفي و لا عربي ولا كردي ولا سيد ولا عامي فيها، بل يكون التقييم فيها على أساس التحصيل العلمي والدراسي والكفاءة العملية والخبرة المهنية والولاء للوطن والإخلاص له والنزاهة والأمانة ، وكل من يحاول أن يميز بين فئات المجتمع ومكوناته بالقول أو بالفعل على أساس المكون والطائفة واللغة والدين، سينال العقوبة القانونية الصارمة العادلة المناسبة، حينها فقط سيضع العراقي قدمه على السكة الصحيحة من اجل ازدهار العراق ومواكبة حركة المجتمعات المتطورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم