الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجهة الاخرى

نارين رياض

2015 / 11 / 30
الادب والفن


في انتظار الجرس كنت انظر الى تفاصيل غرفة الانتظار بما انني لا املك شيئاً افضل اقوم به. بدأت من السقف وكان لونه فاتحاً جداً لا يوحي بالمكان الذي يغطيه بعكس الارضية التي تم كساؤها بسجاد اسود. بقية الغرفة كانت تتراوح بين البني والاسود في الالوان, متساوية في الوساخة والاهمال. العامل الذي كان ينادي اسمائنا كان يسعل باستمرار ومن الواضح انه كان مريضاً جداً ومع هذا فأن مرضه وسوء مظهره لم يمنعه من ان يتأمل بوقاحة الفتيات الصغيرات اللاتي كان يجمعهن بنظراته في ركن واحد كان الابعد عنه في تلك الغرفة. كان احساسه بالسلطة يفوق اي احساس آخر يجب ان يشعر به كالمرارة و آلام السعال او القذارة التي تنطوي عليها مهمات وظيفته. كان يختار اسمائنا حسب مزاجه ولم نفهم خلال الساعات العشر التي قضيناها في تلك الغرفة انا ورفيقي ما هو النمط الذي يختار على أساسه الاسماء وتسلسلها. وفي نهاية اليوم لم نعلم ماذا كان يحل بمن لم ينطق بأسمائهم ولكن من الواضح انه لم يكن مصيراً لطيفاً. تم نطق اسمائنا انا ورفيقي أخيراً بعد طول انتظار دخلنا الى الغرفة الاخرى والتي اتضح بأنها ليست سوى جسر هزيل ينقلنا نحو غرفة اخرى واسعة انارتها افضل بقليل من الغرفة الاولى لننتقل بعدها نحو مكان اشبه بساحة مفتوحة وكانت تضم مجاميع مختلفة من الناس رأينا بعضاً منهم ممن كانوا معنا اليوم في غرفة الانتظار.
عادت بي الذاكرة في تلك اللحظة الى الغرفة الوسخة فتذكرت كيف أننا عندما كنا ندخل تتغير ملامحنا فوراً او هذا ما افترضته بناءاً على ما رأيته قد حدث لمن تبعوني في الدخول, فتصبح الواننا ملائمة اكثر للاجواء ونظراتنا تفقد البريق الذي يتناقض تماماً مع الغبار الذي يغطي كل شيء ما عدا السقف الابيض. دخلت في لعبة بسيطة مع رفيقي لنحزر عمر تلك الطبقة الترابية فوق الاثاث. كان رأيه انه لم يتجاوز المائة عام أما انا فقد كنت واثقة من انه قارب السبعة او الستة آلاف سنة ونصف على الاقل بناءاً على نمط وطراز الاثاث ونوع النسيج المستخدم لتغطيته. أخيراً انتهت اللعبة بنظرة مرعبة من ذلك العامل. وعندما تذكرت شكله تنبهت الى لون بشرته تلك الطبقة التي احاطت بهيكل ضخم. كان يرتدي ملابس مصنوعة من نفس النسيج القديم اذاً لا بد ان عمره ايضاً يقارب عمر الاثاث. اما السقف فيبدو انه قد تمت اضافته لاحقاً لأن تلك الطريقة لم تكن معروفة في ذلك الوقت ولا حتى قبل مائة عام كما اقترح رفيقي.
عدت الى ارض الواقع (على ما اعتقد) على اثر ضربة خفيفة من رفيقي على جانب جسدي لاستمع بانتباه لتعليمات الحراس:"ستذهبون الى حيث نأمركم بدون نقاش او جدال والا فسيتم رميكم من أعلى الجسر الذي مررتم به لتكونوا طعاماً للأمتات والسحالي."
تم نقلي لمجموعة تقف في الصفوف الوسطى وترتدي الاوشحة الخضراء الداكنة وقد قابلت هناك افراداً كثيرين من عائلتي اما رفيقي فقد تم نقله الى الصفوف الامامية حيث تاه عنه بصري قبل ان اعرف لون رداءه حتى وادركت بأنني لن اراه ثانية ولكن من انا لاحزن على شيء كهذا فبالتأكيد ما سيتم تقريره هنا هو أمر قدري لا يحق لنا ان نجادله, وحتى لو شعرنا بأن هذا من حقنا فسنكون طعاماً للوحوش والكيانات الغريبة قبل أن نحصد ثمار اعتراضنا.
سرنا لمدة طويلة جداً ولم نكن نشعر بالتعب بل الترقب والانتظار وكان الجهل بما سيحدث ينسينا اننا نسير اساساً. بعد عدة ساعات وعدة انتقالات لي ضمن مجاميع اصغر وتغيير الوان اوشحتي عدة مرات استقريت في مجموعة صغيرة جداً لم اكن اعرف احداً منهم وتقدم نحونا حارس طويل ضخم البنية يمتلك أربعة اذرع يحمل في كل منها رمحاً وبدون ان ينطق وجهنا نحو الوجهة الاخيرة حيث استقرينا فوق ذلك الجدار وابلغنا بعدها بأنه قد حكم علينا بالصمت الابدي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل