الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جَحِيمُ الخادماتِ في السعودية..

محمد البورقادي

2015 / 12 / 1
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


في زمن ضاعت فيه المروءة والإنسانية ..في زمن تخلى فيه الإنسان عن بعده الأخلاقي والديني ..وأصبح وحشا !
تفد على السعودية عمالة من مختلف دول العالم الثالث بهدف إدماجها في قطاع الشغل السعودي ..ومن هذه العمالة هناك خادمات يبوت يتم تهجيرهن إلى هناك عن طريق عقود عمل تتكلف بها بعض الشركات المختصة ..
لكن ما إن يطأن تلك الأراضي وينصرفن لشغل مهامهن حتى تتكشف لهن عوالم أخرى غير التي وعدن بها من طرف السماسرة ..
يجدن أنفسهن تحت رحمة عائلات وأسر لا رأفة فيهم ولا شفقة ..حيث تُكلّف الخادمة منهن بأشغال شاقة ومرهقة للغاية مما لا تستطيع له صبرا ..
ويتعرضن لمعاملات قاسية تصل إلى حد التعنيف اللفضي والجسدي .بل وحتى الجنسي في بعض الأحيان ..
كما لا يُصرف راتبهن بشكل منتضم ولا تتم رعايتهن باحترام ..ولا تُضمن لهن حقوقهن من طرف مشعليهن ..فالبعض منهن قد لا ينعمن حتى بأدنى شروط العيش الكريم من مأكل ومأوى ..فتُقدم لهن بقايا الطعام حيث يأكلن من الفرع لا من الأصل ..وتُقدم لهن حجرات صغيرة جدا غالبا ما تُخصص كخزائن للملبس والمتاع من طرف الأسرة المشغِّلة ..
إنهن يذقن مرارة الغربة في هاته الأوساط التي تنعدم فيها الإنسانية لتحل الوحشية مكانها .. تنعدم فيها سبل الأمان والراحة وتزداد فيها فرص الشقاء والتعاسة ..
إن غالب الخادمات ينحدرن من الأرياف والبوادي والطبقات الفقيرة والهشة ذات المستوى التعليمي المتدني ..
إنهن يعشن إقصاء إجتماعيا مواطناتيا في بلدهن الأم ويلجئن لقطف الإعتراف وتحقيق الإنتماء الإجتماعي في البلدان الحاضنة لهكذا عمالة ..
إنهن يهربن من أسى واقعهن المادي والنفسي ليجدن أنفسهن أكثر حرمانا وإقصاء وترهيبا وعنفا ..في محاولة للإعتراف تلجأ الواحدة منهن لتقديم جميع التنازلات وتضحي بكل الممتلكات في سبيل الحصول على عقد للسفر لتلك البلدان الحاضنة ..لقد ارتأين أن هذا التحويل سيجلب النفع وسيبدل الحال بحال أفضل ..وسينقذ النفس من الذل والفقر الذي تعيشه وسيمكنها من كفاف عيشها وكفاف عيش أسرها بالتوازي ولكن العكس هو ما يحدث ..حيث يجدن أنفسهن في أحضان ذئاب بشرية وفي بيئة تدعو للإغتراب وليس للإستئناس ..للظلم وليس للعدل ..للقهر والجور وليس للرحمة والراحة ..
والأمرّ من ذلك أنهن يتعرضن للتعذيب والسجن على أيدي كافليهن ..حيث لا تملك إحداهن الإعتراض ولا الإحتجاج والرفض ..بل لا تملك حتى النفاذ بجلدها والهرب إلى حيث أتت ..إنها مستسلمة راضخة لجور سيدها وليس لها إلا الطاعة ..إنها أَمَة عند سيدها الذي استعبدها ما إن دخلت منزله ..إنه امتلكها كما يمتلك الواحد منا أتاث بيته وسيارته ... يريدها صماء بكماء لا تنطق إلا بما يريد ولا تفعل إلا ما يأمر وإن بدى منها غير الخنوع أشهر مخالبه بالتنكيل وواعد بالسجن والحرمان من الأجر ..إنها تنتحر ببطء وتتمنى الخلاص العاجل والنفاذ ولكنها لا تستطيع الفرار ولا تستطيع الصبر ..ومن يصبر على الإحتقار والتذليل !
ما إن يلجن عالم الشغل حتى يتحولن إلى سلعة ..إلى بضاعة ..إلى مادة للإستهلاك اليومي ..اغتصاب بالليل وعنف وسجن بالنهار ..المعاناة متواصلة والشكوى لا تجدي أثرا ..لمن الشكوى ..!
فمن تستطيع الفلات من قبضة كافلها وتذهب للشرطة للإبلاغ عن الإنتهاكات التي تعرضت لها ..اعتقلت إن كان قد بلّغ كافلها عن هروبها .. ويمكن أيضا أن تتعرض للملاحقة القضائية بسبب نظام الكفالة الذي يقيّد الخادم برب عمله بموجب العقد الذي يكون ساريا...بل وحتى من يساهم في تحرير هاته الرهينة من سيدها وُجِّهت له تهمة كونه ساعد خادمة على الهروب من مشغلها ..
كما أن سفارة البلد لا تخول للمشتكية العودة إلى بلدها في حالة طلب العودة إلا بشروط تعسفية لا تجد الخادمة لتوفيرها سبيلا ولا توفر لها شروط الحماية الكافية نظرا لقلة صلاحياتها من جهة وضعف توجيهها من جهة أخرى ..
وبالتالي تبقى وضعية هؤلاء الضحايا سيئة للغاية ..كأنهن أسروا على يد أرباب عملهن وكبلتهن عقودهن على العمل قسرا ..
ويبقى جهد المنظمات الحقوقية موصولا بالتنديد بهاته الإنتهاكات والوقوف عند حلها ..والتي تسعى إلى صياغة مذكرة تفاهم توقّع بين البلدين المصدرة والمستورة في إطار ضمان حقوق هاته الطبقة العاملة كتحديد مدة العمل والأجر الأدنى وتحديد مدة العمل ..وذلك من شأنه أن يلزم المشغل ببعض واجباته ..لكن تبقى إمكانية تبوث الإعتداء ات غير واردة بسبب المجال الحميمي الذي تتطلبه بيئة هكذا عمل ..مما يجعل الإلتفاف على القانون والتحايل عليه أمرا ممكنا كذلك ويفتح الباب على مصراعيه للذئاب لفعل ما شاؤو بدون حسيب ولا رقيب ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا عن الانتهاكات في الحرب في السودان خصوصا بحق النساء؟


.. بسبب أصولها الإيرانية.. ملكة جمال ألمانيا تتلقى رسائل كراهية




.. تمرين تعزيز الحجاب الحاجز | صحتك بين يديك


.. إصابة طفلة بقصف الاحتلال التركي على منبج




.. لقاء صحفي يتناول موضوع المتاجرة بالنساء المغربيات إعلامياً