الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العشائر العراقية و سطوة القانون

زيد كامل الكوار

2015 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


معلوم أن المجتمع العراقي ينحدر بأغلبيته من أصول عشائرية ، عربية كانت أو كردية أو تركمانية ، فالغالبية العظمى من المجتمع العراقي ينحدرون من أصول ريفية فلاحية عشائرية، وليس هذا الواقع بجديد على المجتمع العراقي فهو كذلك منذ قرون عديدة لكن ما حدث لاحقا ومنذ تسعينيات القرن الفائت وأثناء انهيار حكومة صدام الوشيك في غضون الانتفاضة الشعبانية اضطر الطاغية حينها إلى التقرب من شيوخ العشائر العراقية لضمان ولائها واسترضائهم واستمالتهم بالأموال والهدايا في سابقة لم يعتدها العراق الحديث من قبل حتى في أصعب ظروفه إبان الحرب العراقية الإيرانية، وما ذاك ألا لشعور صدام وحكومته بالضعف الشديد إثر انهيار الجيش العراقي تحت ضربات دول التحالف الغربي في الكويت وفي طريق الانسحاب منها، الأمر الذي دفع بصدام وحكومته إلى أن يعلي شأن العشائر العراقية لغرض ضمان اصطفافها إلى جانبه. ولم يكن ذلك لولا الضعف الشديد الذي انتاب العراق حينها. وهو أمر طبيعي في كل مجتمع تفقد حكومته السيطرة عليه فيعلو حينها قدح التجمعات البشرية المختلفة من العشائر والتجمعات السكانية بسبب ضعف سلطة الدولة حينها يبرز دور العشيرة في حماية منتسبيها من أي تهديد خارجي وتأمين حقوقه في حال وجود خلاف بينه وبين خصم آخر من عشيرة أخرى من خلال الفصل العشائري وفق الأعراف والقوانين العشائرية العراقية السائدة. وقد تكرر هذا المشهد مجددا بعيد التغيير الذي حصل في عام2003 بعد الانفلات والفراغ الأمني والسياسي لكنه هذه المرة كان ايجابيا تماما حيث أصبحت العشائر العراقية صمام أمان فعلي للمجتمع العراقي حين تمكنت من لجم المفسدين وفيها وتحجيم نشاطهم غير المشروع، ربما حدث ذلك بسبب عدم وجود الميليشيات الحزبية والطائفية أو عدم ظهورها على الساحة بعد، لكن وبعد استفحال أمر الميليشيات الدخيلة في المجتمع العراقي التي كانت تمول بالمال وتغذى بالأفكار التكفيرية والتقسيمية من الخارج وردة الفعل الطبيعية ضدها من المكونات المغايرة التي وجدت من يغذيها بالمال والشحن الطائفي المقابل من الأحزاب الطائفية في الداخل والأطراف الدولية الخارجية ذات المصلحة في أضعاف العراق بل وتقسيمه لتحييده عن حلبة الصراع والتوازن الإقليمي في المنطقة، فكانت التوترات الطائفية والشحن الطائفي الذي كان يتطور أحيانا إلى مناوشات ومعارك متفرقة هنا وهناك في المدن متعددة المكونات الطائفية ، وشهدت تلك الفترة الممتدة منذ عام 2005 حتى عام 2008 تغييبا واضحا ومقصودا لدور العشائر المفترض من أجل إعطاء الحرب الأهلية الفرصة لتأخذ مداها المخطط له، وقد تصرفت العشائر العراقية ولأول مرة في تاريخها بسلبية واضحة أظهرت عدم أهليته لتكون حاملة للمسؤولية والدور القيادي، وقد فشلت تماما في امتصاص واحتواء تلك الهجمة الشرسة للميليشيات بل اضطرت أحيانا لتشارك مباشرة في تلك الأزمة وتداعياتها في دور سلبي واضح، وامتد هذا الدور السلبي للعشائر العراقية إلى الوقت الراهن إذ أسهمت العشائر العراقية في تأليب الوضع القلق بتضخيم و دعم الممارسات العشائرية المتخلفة اجتماعيا مثل الفصلية، التي عادت إلى الظهور على الساحة العشائرية وبقوة كما حدث في البصرة قبل شهور حين حكم مجلس صلح عشائري بأخذ خمسين امرأة عراقية بصفة سبية صلح عشائري في سابقة خطرة تدل على الانحدار الفكري المدني المتحضر. وبعد كل هذا وذاك أصبحت الحاجة ماسة إلى أن تكون الدولة المدنية هي البديل العملي والصحيح لهذا التخبط الحكومي الذي لم تعد معه الحكومة قادرة على ضبط الشارع امنيا وخدميا واجتماعيا، وقد صار من الضروري بمكان أن يحسم أمر الدولة المدنية في العراق لتضمن للعراقي حقوقه في الحماية والأمان من دون الحاجة إلى العشيرة التي تسحبنا إلى عصور الظلام الحضاري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش