الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمن تبكي سيدي الرئيس؟

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


"الشعب يريد اسقاط النظام". هذا هو الشعار الرئيسي الذي سار كالنار في الهشيم من وسط تونس الى جنوبها فشمالها. الثورة التونسية كانت تعني ازالة نظام الاستبداد و القهر و الارهاب النفسي للمواطن. لم يقصد التونسيون ازالة الدولة. و هذه هي القراءة الخاطئة التي وقعت فيها حركة النهضة الاسلامية الاخوانية فسارت نحو تخريب الدولة. يـبدو ان نفس القراءة لمقولة اسقاط النظام تسيطر على اللذين يحكمون اليوم، و لكن بتعامل معاكس حيث يتم العمل المنهجي على الانـتـقام من الثورة و حجبها بمنطق "هذا ما جنته على نفـسها براقـش".
الثورة الى اليوم مازالت حالة روحية و مشاعرية و لكنها لم تصبح بعد سلطة في الحكم. هنا يتم التعامل الرجعي للنظام السابق مع مقولة الثورة و حصرها في التجربة الاخوانية التي لم يكن لها اي يد في الثورة سوى في محاولة استغلالها منذ اندلاعها بالأسلوب المعهود اي العنف. مازال البعض يتساءل الى اليوم عن حل لقضية القناصة ما قبل 14 جانفي 2011 و ما بعدها. اليوم يتم التعامل مع الاحداث الارهابية خاصة على اساس منطق هذا ما جنته عليكم الثورة. فبعد عملية سوسة الارهابية ظهر علينا السيد الرئيس ليحذر ان عمليتين اخريـين مماثـلتـين ستصيب الدولة بالانهيار. بعد العملية الاخيرة يوم 13 نوفمبر 2015، حيث تمكنت آلة الارهاب من حصد عدد من الحرس الرئاسي في عملية بقـلب تونس العاصمة، ظهر علينا السيد الرئيس و وزيره الاول يـبكيان و حاملي النعوش يـبكون في جنازة لا تـليق بالشرف العسكري.
انه اعلان المأتم و لكن لمن. النظرة المنـتـقمة من الثورة تسوق اللحظة الجنائزية البكاءة من تمثيل لدولة ضعيفة منهارة نتاج الثورة. لحظة يتم تأسيسها في السيكولوجية العامة لخلق قاعـدة يتم منها التحرك نحو وئد الثورة. يؤكد خطاب رئيس الجمهورية الأخير مدة يومين هذه المسالة. خطاب باسم الدولة التونسية موجه الى حزب نداء تونس في الجزء الغالب منه، و يؤسس حسبما تم فهمه الى تسليم الحزب الى ابنه "حافظ"، و بالتالي للشق التجمعي في الحزب . لن نـدخل هنا في المعمعة الندائية، و انما تهمنا المؤشرات الواضحة لمنطق الحزب الاوحد الحاكم. فحين يتحدث السيد باجي قايد السبسي بعد نجاح حزبه في احراز المرتبة الاولى في الانـتـخابات ان الحزب يمتلك آلة انـتخابية كبرى، كأنه قال مثل جماعة النهضة حين انـتصروا في انتخابات 2011 بأنهم سيبقون في الحكم لما يـزيد عن العشرين سنة. لكن سنة 2014 شهدت خروج هذا الحزب من السلطة. حين يؤشر رئيس الجمهورية الى كون حزب نداء تونس هو الذي يمثل تونس فانك لا يمكن ان ترى إلا رغبة استحواذية على السلطة. انك ترى عدم ايمان بالتعـددية برغم ورود هذه التصاريح على الالسنة.
لكن الثورة قامت لأجل الدولة و انها قامت ضد منطق العائلة المافيوزية التي استحوذت على الدولة. دليل ذلك ان الثوار قبلوا بالسيد الباجي قايد السبسي نفسه رئيسا للوزراء في المرحلة الانـتـقالية الاولى برغم كونه رمزا من رموز النظام السابق في وجهه الورقيبي. دليل ذلك ان قوى الثورة عملت على ايجاد النقاط المشتركة و هي بناء نظام ديمقراطي تداولي على السلطة، فيه استـقلالية للقضاء و الاعلام و الامن الجمهوري عن التوجيه السياسي الحكومي. و نعتـقـد ان المطلب لازال قائما، و الشيء الذي لم يحدث بعد هو حكومة ثورية لها برنامج سياسي واضح و فيها مناضلون اقوياء بحجم اللحظة التاريخية الراهنة. ان الشعب المذهول من بكائيات السلطة سيـبحث عن سلطة قوية و لكنها صادقة. قوية في اتجاه حفظ البقاء و في اتجاه العمل و الاستـقلالية و القوة السياسية القائمة على المعرفة العلمية، و ليس على منطق الولاء...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه


.. بسبب سقوط شظايا على المبنى.. جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ت




.. وزارة الصحة في غزة: ما تبقى من مستشفيات ومحطات أوكسجين سيتوق


.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟




.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د