الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع العرب واستحقاقاته

طيب تيزيني

2015 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



في خضم الأحداث المشتعلة في العالم الراهن يكاد المرء يضع يده على حالة سمتها الرئيسية أنها متحركة على نحو يجعل البحث فيها أمراً مركّباً ومعقداً ومتغيراً، أما المعنى الكامن وراء ذلك فيفصح عن نفسه في عسره على التحديد إلا بصفتها تلك، أي التركيب والتعقيد والتغير، فإذا كنا نضبطه الآن بوصفه «كذا»، فإنه في اللحظة ذاتها يومئ إلى كونه قد أصبح «ذاك»، أما إذا كنا نحدد موضوعنا بأنه إشكالية عظمى أمام البشر عام 2015، فإن هذا التحديد يصبح عصياً على صحته، حين ندخل عام 2016.. وبكلمة فإن هول ما يحدث راهناً يتغير باتجاه ما بعد هذا الراهن، ما يعني أن منهج البحث الذي نستخدمه حتى الآن في العمل إياه، ربما لم يعد نافذاً، على الأقل في وجه أو أكثر من أوجهه.

إن ظهور ذلك الذي نواجهه في البحث العلمي، وفيما يتصل بالهيجان العالمي الحالي، يدعونا لمراقبته في وجهيه الاثنين، لحظته المعيشة ولحظته الطامحة إلى استجابته المنهجية المرافقة، أو بالأصح لحظته البنيوية التي تسبقه نسبياً وتولغ في الإحاطة المنهجية به. ولعل هول الهيجان العالمي ذاك أولاً، وتسارعه المذهل ثانياً، والأخطار العظمى المترتبة عليه ثالثاً، من أسباب صعوبة الإحاطة واللحاق به، وكذلك التأسيس النظري والمنهجي لنتائجه ولعقابيله المحتملة.


في هذا الحال التاريخي الفريد يغدو من مقتضيات الموقف أن يبرز مطلب العمل العلمي الجماعي كمدخل إليه، في العمق كما في السطح، كما في الأفق المفتوح، وذلك على امتداد البلدان العربية في سياق تطويرها.

حيال ذلك، نتلفت يمنة ويسرة لنكتشف أننا -نحن العرب- ننتمي إلى تاريخ مشترك، في العموم على الأقل، وإلى بلدان عربية تشكل في عمومها التاريخي، عالماً مُستهدفاً من آخرين في الداخل والخارج، ومُداناً في تكوينه القومي وتكويناته الوطنية، إضافة إلى تعددياته الطائفية والمذهبية والعرقية. ونحن نعلم علم اليقين أن تصدع ذلك البناء يعني تصدع مَن هم أهل هذا العالم، فكأنما هؤلاء يواجهون المبدأ العربي التاريخي الهائل في دلالاته: العدو من أمامكم والبحر من ورائكم، فانظروا وتبصروا، إما ذاك وإما هذا، ولم يعد هنالك اتجاه ثالث.

وواضح أن العرب عموماً واجهوا ذلك الخيال في مراحل عصيبة ومأساوية سابقة، ومن شأن هذه الحالة أن تجعل الشعوب العربية المنضوية مع شركاء لها بالمعنى التاريخي للشراكة، قادرين على الخروج من مأزق ربما قلّ نظيره في تاريخهم.

إن هذا وغيره يطرح أمامنا الآن خيارين اثنين، أشرت إليهما أعلاه، يستوجبان بالضرورة التاريخية والمعرفية تمثل أهمية التأسيس لمؤسسات علمية متخصصة في العالم، وتخاطب ما يجمع بينهم في الكليات: إما العصر الجديد وإما القبر، وهذا بدوره يفصح عن نفسه في ضرورة التأسيس التاريخي والنظري المعرفي والأيديولوجي لمنظومة ما يقرب بين سكان العالم العربي.

نحن نخاطب هنا الحد الأولي الجامع، العائشين في العالم العربي، من أجل الحفاظ على هذا الحد، مع أن إنجاز ذلك مرهون بوضع خطط علمية تتجاوزه، في المنظور التاريخي، عمقاً وشمولاً. وهنا يتجه الخطاب إلى المنظمات المجتمعية والمراكز البحثية العلمية وما يتصل عموماً بالمجتمعات المدنية المحتملة عربياً. سيكون ذلك ضخماً وهائلاً، لكن الخطوة الأولى هنا تبرز في هذا السياق ذاته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى