الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختلاف الميول وتقاطع المصالح

زيد كامل الكوار

2015 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ما أكثر ما تفرزه الحروب والأزمات من مواقف ترتب على صاحبها التزامات و ردود أفعال تفرضها المرحلة من حيث شدتها وشدة تأثيرها ومدته، وخير مثال على ذلك ما يحدث في العراق اليوم من تخبط واختلاط في الرؤية بسبب الموقف الصعب الذي وضع فيه العراق بعد احتلال الموصل في العاشر من حزيران من عام ألفين وأربعة عشر، على يد عصابات داعش الإرهابية ومن تحالف معها من قوى الشر التي تريد بالعراق سوءا، فكانت تحالفات العراق خالية من الإستراتيجية الواضحة المبدئية المبنية على مبادئ استقلال القرار والتكافؤ السياسي، فمنح النفوذ المطلق لحلفاء تتقاطع مصالحهم ومبادئهم السياسية مثل أمريكا وإيران جعل من العراق ساحة لتصفية الحساب، فاختيار العراق طائعا لثنائيات النزاع الأزلي ليكونوا حلفاء له في حربه الشريفة على الإرهاب أمر لم يكن للعراق فيه الخيار بعد انهيار الحكومة العراقية وانهيار الجيش مختل العقيدة العسكرية أمام الضربات الإرهابية القاسية لاسيما بعد القرارات الإدارية الفاشلة الخاطئة التي أفرغت الجيش العراقي من القيادات ذات الكفاءة المهنية العالية تلك القيادات التي لا تدين بولائها لأشخاص بل تدين بالولاء المطلق للوطن والشعب والمؤسسة العسكرية، وأمام هذا الوضع الصعب والاستثنائي كانت الحكومة العراقية مضطرة للاستنجاد بكل من بإمكانه المساعدة في الحفاظ على أمن الحكومة الشخصي أولا وكيانها المتهاوي أمام الوضع المتأزم فكانت المبادرة الإيرانية في مد الحكومة بالخبرات العسكرية المتمرسة، تلك المبادرة التي رحبت بها الحكومة العراقية مضطرة نتيجة وضعها المأزوم، ولم تكن تلك المبادرة تطوعا إنسانيا نبيلا بقدر كونها نقلة إستراتيجية استباقي من جانب إيران لكي تبعد ساحة المعركة والحرب بعيدا عن حدودها الغربية التي أصبحت مهددة وعلى حين غرة، حين فشا نفوذ داعش في بعض مدن محافظة ديالى القريبة من الحدود العراقية الإيرانية، فتوفرت بفعل الأوغاد الدواعش الفرصة الذهبية بل الماسية لإيران لكي تدخل بثقلها الدبلوماسي والعسكري والتجاري الاقتصادي في العراق وبترحيب كبير من الحكومة العراقية وطيف واسع من الشعب العراقي، فكان تجهيز فئة عريضة واسعة من الحشد الشعبي الشيعي المقاتل بالسلاح والعتاد الإيراني والمستشارين والمدربين والخبراء ، خدمة إيران الكبرى التي لا يمكن مجازاتها عليها في نظر الكثيرين، ناسين أو متناسين أن تلك المثابة العسكرية العراقية التي حصلت عليها إيران تمثل عمقا استراتيجيا لها في حربها في سوريا التي لا يخفى على متتبع تورطها الكامل فيها. لكن هذا كله لم يرق لأمريكا التي لها في العراق والمنطقة وجهة نظر أخرى مغايرة كليا لوجهة النظر الإيرانية، الأمر الذي اقتضى من أمريكا التدخل المباشر الفوري في الحرب على الإرهاب وإنشاء حلف دولي كبير لمحاربة داعش، ولم يكن ذلك التحالف العالمي الكبير الجديد من أجل سواد عين العراقيين ولا من أجل حماية وتحرير الأرض العراقية، بل كان الغرض الحقيقي من خلفه هو احتواء وكبح النفوذ الإيراني المتسارع في العراق لغرض السيطرة على السوق العراقية النفطية والاستيرادية واحتفاظها بسلطة الإشراف على توزيع كعكة الاستيراد العراقي بين الشركات العالمية التي تخضع في تمويل مشاريعها لسلطة المصارف المالية الاقتصادية الأمريكية، فالشركات العالمية المستثمرة في العراق في مجال إنتاج وتصدير النفط الذي يمثل المورد الرئيس للبلد ، فلما حدثت بعض حوادث الابتزاز والترهيب لبعض الشركات المستثمرة في مجال النفط في الجنوب افتعلت أمريكا بواسطة صنيعتها المدللة داعش الإرهابية افتعلت بتوجيه من عراب داعش الأول أمريكا مسألة قتل الصحفيين الأمريكيين في سوريا من قبل داعش لكي تدخل وبكل ثقلها وثقل من تحالف معها من دول العالم ويبقى هذا التنازع الدولي في العراق يستنزف خيرات البلد وطاقاته لحساب المنتفعين من المتخاصمين بكل أطرافهم، أمريكا وإيران وداعش ، والخاسر الأول والأخير هو العراقي، الطرف الأضعف في هذه المعادلة المركبة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات