الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الناتو - يزحف إلى دمشق .. وسوريا تقاتل

بدر الدين شنن

2015 / 12 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعد خافياً ، أن التدخل العسكري الروسي ، بطلب من الحكومة السورية ، في الحرب التي تتعرض لها سوريا ، قد جاء في وقت كانت فيه سوريا ، في وضع عسكري حرج ، بعد سلسلة الهجمات التي سجلت فيها الجماعات الإرهابية المسلحة نقاطاً ميدانية لصالحها ، وأهمها احتلال مدينة تدمر ومحيطها ، وشروع دول وجماعات الإرهاب الدولي ، بحشد قواها ، تحت مظلة التحالف الدولي الأميركي ، للقيام بهجمات أكثر خطورة تستهدف مدناً ومناطق سورية عدة ، وبخاصة العاصمة دمشق .

وقد أدى التدخل الروسي إلى إفشال هذا المخطط الدولي الإرهابي الهجومي ، وإلى إضعاف الجماعات الإرهابية ، وخسارتها زمام المبادرة ، ودفعها إلى التراجع في مختلف مناطق الاشتباك ، وإلى بدء اتخاذ إجراءات إعادة الانتشار خارج سوريا . الأمر الذي استفز القوى الدولية الرئيسية المساندة للإرهاب " أميركا ، فرنسا ، بريطانيا ، ألمانيا ، تركيا ، المملكة السعودية ، إسرائيل ، وقطر " ، وأثار مخاوفها على مشاريعها في سوريا وفي الشرق الأوسط ، وبدأت في التعامل مع الوقائع السورية الجديدة ، من خلال رفع مستوى فعاليتها الحربية ، بما يؤمن استمرار حربها على سوريا ، وإفشال التدخل الروسي ، ومتابعة العمل بمخططاتها العدوانية في المنطقة .

إن المعطيات السياسية والعسكرية ، المتوترة ، والمتواترة ، تجاه سوريا ما بعد التدخل الروسي ، تحمل دلالات ، على أن الحرب السورية تتجه نحو التصعيد والتوسع ، وارتفاع مستويات خطورتها ، وتتجه لانخراط اللاعبين الكبار فيها مباشرة . وقد بدأت بوادر هذا الانخراط المباشر ، باستعراض أدوات القوة والحرب ، الجوية ، والبحرية ، طارحة ، تحت غطاء لعبة التسوية والحل السياسي ، خرائط حرب القمم الدولية بأشكال متنوعة ، تحت عنوان عدم التسليم ، بالوقائع السورية الجديدة ونتائج تفاعلاتها وتقدمها ، ومؤجلة انفتاح الأفق على انتهاء الحرب في مستقبل منظور .

وتقدم الأحداث والمعطيات المتلاحقة خلال الشهرين الأخيرين الدلالات على ذلك وأهمها :
* قيام تركيا بتغطية من " حلف الناتو " بإسقاط الطائرة الحربية الروسية فوق خط تماس الحدود السورية التركية .
* انتهاك طليعة قوات التدخل العسكري الأميركي ، المؤلفة من خمسين جندي وضابط ، للأراضي السورية وبدء تحركها حسب المهام المكلفة بها ، بذريعة تقديم المساعدة " اللوجستية " لجماعات معتدلة تقاتل ضد " داعش " .
* إعلان وزير الدفاع الأميركي أن القوات الأميركية في سوريا يمكن زيادتها بأعداد أخرى .
* ارتفاع أصوات زعامات مهمة في مجلس الشيوخ الأميركي تطالب بإرسال ( 100 ) ألف جندي أميركي إلى سوريا والعراق .
* أوباما يذكر بوتين بأفغانستان .
* حصول الحكومة الألمانية على تفويض بإرسال ( 1200 ) جندي إلى سوريا .
* موافقة البرلمان البريطاني على التدخل العسكري البريطاني في سوريا .. وبعد ساعات فقط على قرار البرلمان .. بدأ كاميرون من قبرص بغاراته الجوية في سوريا
* إرسال فرنسا حاملة الطائرات " شارل ديغول " إلى شرقي المتوسط . وإعداد علني لخرائط التدخل الفرنسي في سوريا .
* إرسال " حلف الناتو تعزيزات عسكرية جوية تموضعت بالقرب من الحدود السورية في تركيا .. في عينتاب وإنجرليك .
* إعلان إسبانيا وإيطاليا عن رغبتهما بالتدخل في سوريا .
* مشاركة الدنمارك وألمانيا بسفن حربية لدعم حشد " الناتو " البحري شرقي المتوسط .
* تسريبات تمهيدية تعلن عن قرب تشكيل تحالف عسكري أميركي تركي عربي ، للتدخل البري في الحرب السورية ، كما حدث في ليبيا واليمن .

وعندما نضع هذه المعطيات مع معطى التدخل التركي منذ بداية العدوان على سوريا ، ضمن إطار واحد ، نجد أن جميع الدول المذكورة آنفاً هي أعضاء في " حلف الناتو " ، ونجد أن المشهد يعكس لنا ، أن " حلف الناتو " وملحقاته من الدول العربية الرجعية ، يحقق تدخله في سوريا على مراحل ، من خلال نشر الإرهاب ، ومن ثم من خلال ذريعة محارته . وذلك دون قرار من مجلس الأمن الدولي . ، وأن الحلف بصدد تنفيذ مؤامرة هجومية واسعة تستبيح الأجواء والأراضي السورية . إذ أن من الطبيعي ، أن قوات " حلف الناتو " التي ستدخل الأجواء والأراضي السورية تحت رايات مختلفة ، لن تأخذ إذناً من السلطات السورية ، ولن تحقق وجودها فوق الأراضي السورية ، عبر المناطق التي تسيطر عليها قوات الحكومة ، وإنما عبر الأراضي التي مازالت تسيطر عليها قوات " المعارضة المسلحة المعتدلة " بذريعة دعم هذا الاعتدال المعارض المسلح ضد " داعش " . لكنهما واقعياً ــ قوات المعارضة المسلحة وقوات الناتو ــ يكرسان معاً واقع تقسيم سوريا ، ويؤسسان لحرب أهلية ، يلعب فيها " داعش " دور الحليف " للناتو " والمعارضة المسلحة ضد الجيش السوري الوطني .

وفي غمرة هذه الأوضاع المضطربة ، تتعدد المعادلات المزيفة المسوغة لمجمل التدخلات العدوانية على الشعب السوري ، التي تقوم على ، أن " الناتو " و" المعارضة المعتدلة المسلحة الآن ضد " داعش " . وبعد " داعش " تقوم المعادلة على أن الناتو وهذه المعارضة ضد الجيش السوري الوطني . وبالمحصلة تنتهي الأمور عند معادلة " الناتو والمعارضة المسلحة " ضد الدولة السورية ، ما يفضي إلى تحقيق المخطط الشرق أوسطي الأميركي الصهيوني الغربي ، الذي شكل خلفية الحرب على سوريا .

إزاء ذلك ، بات من الأهمية بمكان إعادة بناء الداخل السياسي السوري ، واتخاذ الإجراءات العاجلة ، لتحقيق الحضور الشعبي الموحد المقاتل ، وممارسة كافة القوى الوطنية المعارضة وغير المعارضة لدورها الوطني على كل المستويات ، بكامل الحرية والثقة ، لتثبيت ميزان القوى لصالح الدولة السورية وحلفائها ، في مواجهة دول " الناتو " وأدواتها الرجعية والإرهابية الدولية .
بيد أن هذا الأمر يستوجب تجاوز الكثير من المعوقات ذات الصلة بمراحل ما قبل الحرب ، إن من طرف الحكم ، أو من طرف القوى الوطنية ، والانتقال إلى التعاطي مع اللحظة السورية الوطنية الحربية وارتداداتها السياسية والاجتماعية ، ووضعها في مقدمة الأولويات ، والسياسات ، والغايات ، لقد وضعت حرب الخمس سنوات المستمرة ، المدمرة الدامية ، عقليات وأساليب العمل السياسي التقليدية ما قبل الحرب خلف الظهر . لقد جرفت الحرب الجميع ، دون إذن من أحد ، إلى ضفة أخرى تختلف فيها المطالب والأهداف والطموحات ، وبشكل خاص ما يتعلق بمفهوم السلطة ، والاحتفاظ بالسلطة ، وتداول السلطة . واختزلته بخيار الشعب الديمقراطي .
و اصبح الحفاظ على الوطن ، وتحريره من الإرهاب الدولي ، والتخلف ، والتدخلات الخارجية المعادية ، وإعادة بنائه ، بعقلية وطنية ديمقراطية علمانية متطورة .. مهما غلا الثمن .. هو الفضاء الذي يشيع الثقة بين جميع السوريين ، وهو المفتاح لحل عقد الخلافات والحساسيات المتراكمة .

لقد عرفت سوريا خلال المئة سنة الماضية ، ثلاثة أجيال سياسية . وقد قامت جميعها بدورها المشرف في رد العدوان والمظالم عن سوريا وعن الشعب السوري . كان أولها الجيل الذي قاوم وطرد الاحتلال العثماني ، واسترد عروبته ووطنه . والجيل الثاني هو الذي قاوم الاحتلال الفرنسي وحقق الاستقلال الوطني . والجيل الثالث هو الذي قاوم المشروع الصهيوني في فلسطين ، وأقام أول دولة عربية قومية موحدة . والجيل الحالي ، هو الجيل المنوط به تصفية مخلفات الاستبداد والرجعية والتخلف ، والا نتصار في الحرب على الإرهاب الدولي . والحفاظ على وحدة الوطن ، وهو بوعيه وتصديه بالنار والدم " لدول الناتو " والإرهاب الدولي والرجعية ، يؤسس لسوريا جديدة عظيمة مزدهرة .. ويسجل أروع صفحات التاريخ المشرفة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو