الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السورية ..احذروا تقرير ميليس

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2005 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


بعد أن نشر مقالي السابق (تقرير ميليس.. دمشق بعد بغداد) في صحيفة سياسية أسبوعية وعلى الحوار المتمدن في العدد ( 1361 ) وصلني الكثير من الردود والتساؤلات وكلها كانت تصب في أن المقال يدافع عن النظام في سوريا.
والمشكلة في لغة الحوار "العروبية " أنها ذات أبعاد محدودة رغم أن اللغة العربية فضفاضة إلى حدود "الهلام" .
جورج بوش صرح ذات يوم ، بعد 11 سيبتمبر ، أن من ليس معنا .. فهو ضدنا!!
والنظام الأمني العربي لا يقبل إلا هذه الثنائية: "وطني" أو خائن؟!
أما حين تمتد "عدوى"هذه العلة إلى المعارضة العربية، فإننا إزاء كارثة في اللغة والحوار .. ومصير البلد، وبالأصل هذه المعارضة هي بنت نفس المجتمع والعلاقات والتاريخ الذي أفرز هذه الأنظمة.
في مقالي السابق لم أقل أكثر من أن تقرير ميليس قاصر إلى الحد الذي لا تقبل به أية محكمة كتحقيق جنائي.. وهو أمر لو عاد الذين اعترضوا إلى الحقوقيين "خاصة في القانون الدولي" لوجدوا أن ما قلته بديهة لا تحتاج إلى شرح طويل.
وما قلته أيضاً أن هذا التقرير أتي كما أراد جورج بوش تماماً..
وهذه اللجنة شأنها شأن كل اللجان الدولية التي تشكلت تاريخياً بدءًً من برلين والقدس وصولاً إلى لجان البوسنة وبغداد وتقصي الحقائق في جنين ، لم تكن إلا سياسية، ونتائجها لا تخرج عن توجهات من شكّلها وسياسته.
وقلت أخيراً أن الهدف من هذا التقرير هو محاسبة سوريا، وتوقيت نشره له أهمية أمريكية خاصة ، نظراً لما يجري على الساحة العراقية الآن.
بداية أعتقد أن تقرير ميليس صب في خانة النظام والسلطة في سوريا ..
لأن الاتهام الضعيف "الأسانيد" هو براءة كلية للمتهم.. واتهام ميليس بشكل مجرد سيقوي النظام شعبياً وإقليمياً .
ويعطي فرصة جديدة للمماطلة إزاء مشروع الإصلاح الديموقراطي في سوريا بحجة أن البلاد مهددة والمرحلة خطيرة وأمريكا لا تميز بين النظام والشعب.. وإلى آخر هذه الحجج التي أخرت الإصلاح الديموقرطي عشرات السنوات.
والذين يراهنون على ميليس وأمريكا في التغيير داخل سوريا ، فأعتقد أنهم سيخسرون هذه الجولة "ملف اغتيال الحريري" .. مهما ارتفعت أصوات طبول الحرب في واشنطن ضد سوريا.. لأن هذا الملف يعتبر بأنظار الكثيرين من الشعب السوري ملفاً "كيدياً" وباطلاً.. ويشبه إلى حد كبير "زعبرات " الأجهزة الأمنية في بلادنا وملفاتها "التحقيقية".
والذين يراهنون على أمريكا أيضاً في التغيير داخل سوريا، أرى أنهم يدخلون الآن مرحلة الوهم والتضليل.. إذ بعد كل ما جرى في الساحة العراقية، فأعتقد أنه لا الإدارة الأميريكية ولا مجلس الأمن لديه مثل هذا الاستعداد للتوحل في مستنقع آخر من دماء الشعوب وتاريخها.. ومن ناحية ثانية لا أعتقد أن الناس في وارد القبول بهذا التغيير " المارينزي" على طريقة (أبو غريب ) وغوانتانامو .
هناك الكثير من الأسباب "الساخنة.. جداً" في سوريا التي تقتضي عملية إصلاح و تغيير ديموقراطي حقيقيان، أكثر من ضرورات وسخونة "تقرير ميليس" محلياً وإقليمياً .. وقائمة هذه الأسباب لا تنتهي ، تبدأ برغيف الخبز ولا تنتهي بالحريات العامة ، إذ أن الواقع السوري الراهن يشبه إلى حد بعيد أرضاً مزروعة بالألغام.. ومن الصعوبة بمكان معرفة أي "لغم " سينفجر أولاً:
الأزمة الاقتصادية الخانقة ومفاعيلها داخل سوريا والمجتمع..
أزمة الاحتقان السياسي وحالة الرفض الوطني "للشرشحة" الإقليمية التي وصلنا إليها في بيروت وبغداد والأراضي المحتلة.. وعودة "العراب" حسني مبارك لممارسة دوره المباشر في "تنفيس" الاحتقان الإقليمي ..
أزمة الحريات السياسية وضرورة قانون الأحزاب والإعلان عن إلغاء قوانين الطوارئ والأحكام العرفية والسعي نحو برلمان وطني حقيقي يخرج من تحت سيطرة الحزب الحاكم وجبهته "التقدمية".
أزمة العلاقة مع أمريكا ومشروع بوش في الشرق الأوسط..
وإلى آخر هذه الألغام التي لا يمكن معالجتها وتفكيكها عبر تفجير "لغم صوتي" مثل تقرير ميليس.. وعلى كل دعاة التغيير الديموقراطي في سوريا أن يحذروا من التورط بين طيات هذا التقرير ودعائمه الضعيفة ..
لأن أي تغيير سيأتي عبر هذا الطريق هو تغيير باطل إن كان من ناحية النظام أو من ناحية أميركا..
قد يكون "إعلان دمشق" صيغة وطنية تقارب إلى حد ما طموحات السوريين في الإصلاح والتغيير..إلا أن ما يبقي هذه الصيغة وطنية و"بنت بلد" وقابلة للحياة والنمو شعبياً وسياسياً هو ابتعادها عن مغالطات ميليس وحماقات جورج بوش..
والتجربة العراقية خير دليل على ما نقول..
لقد أفرز التدخل الأمريكي في العراق انقسامات طائفية ومذهبية وعرقية ستودي بالعراق كوطن ، شعباً وجغرافية، وقدم هذا التدخل قيادات أبعد ما يمكن عن طموحات الشعب العراقي في وطن ديموقراطي وموحد وحكومة تنهض ثانية في عملية إعادة الإعمار والبناء لمؤسسات الدولة ومرافقها .. ولكافة مدن العراق التي شوهها الدمار الأميركي..
لقد خرج العراق اليوم بدستور تراجع مئة سنة عن دستور صدام حسين كنص علماني وحضاري..
والضغط الأمريكي اليوم على سوريا لا يجوز أن يحوّل المعارضة الوطنية التي ظل تاريخها نزيهاً من المؤامرات على البلد.. وظلت نظيفة اليد والقلب واللسان ، أن يحولها إلى صور جديدة من قيادات العراق إبان مؤتمرات لندن ونيويورك.. لسنا اليوم بوارد "أحمد الجلبي" في سوريا ولا الحكيم ولا الجعفري ولا الياور ولا الطالباني.. ولا غيرهم.
لسوريا طريقها الخاص في التغيير الذي يختلف عن العراق.. مثلما يختلف عن ليبيا القذافي .. والفرصة مازالت متاحة أمام الرئيس الشاب في سبيل محاسبة كل من تورط في دماء الحريري أولاً.. ثم فتح ملفات الفساد الأمني والاقتصادي والسياسي في البلد..
ويجب ألا ننسى أننا لا نتحدث عن صدام حسين ولا القذافي أو غيرهم حين نتحدث عن بشار الأسد.. الذي ما زالت الفرصة أمامه لقيادة البلاد كما يليق بخطابه إبان تسلم السلطة من جهة ومن جهة ثانية رغم مرور خمس سنوات على حكمه فما زالت يداه نظيفة..
إلا إذا حملناه إرث ثلاثون سنة سبقته.
ما قلته سابقاً إن تقرير ميليس قاصر وسيحول الإصلاح القادم إلى سيوف استباحت دم عثمان أولاً ثم تطاولت على (علي) تقتص منه لمقتل "عثمان"!!
والوضع في سوريا لا يحتمل "خوارج".. ولا "كربلاء"، والأخطر .. لا يحتمل "طوائف"!!
وللحديث بقية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس