الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- كاد المعلم أن يكون مقتولا -

الشدادي عزالدين

2015 / 12 / 4
حقوق الانسان


" كَاد المعلم أن يكون مقتولاً "



حكت لي الصورة وهي تذرف دموع الخيبة والندامة عن واقع يختلف من شمال إلى جنوب ، من بلدان تكرم أساتذتها ومعلميها فتقبل لهم أيديهم وتغسل لهم أرجلهم كعربون محبة وتقدير لا كعنصر تقديس وتحنيط ، وبلدان تتفنن في ركلهم وجرحهم والتنكيل بهم ، لتحول المعنى و تفسده من معلم كاد أن يكون رسولا إلى معلم كاد أن يكون مقتولا بعد جراح وضربات لا تفرق بين البطن والوجه ، الرأس والعين .
حكت لي الصورة وأنا أرى ما لم أتصوره ، فقد خلت كل شيء إلا أن يضرب المعلم ، ويجرح المعلم ، ويخون المعلم ، ويبكي المعلم وأنا الذي كنت أعشق معلمي فهو الذي علمني حروف الهجاء ، وهو الذي علمني كتابة اسمي الثلاثي والرباعي ، وهو الذي علمني أن أخط أول رسالة حب نبيلة إلى صديقتي وأنا لا اعلم شيئا عن الحب والغرام ، واليوم صرت معلما وبكائي يقتلني ويخنقني وأنا أرى ما كنت أحلم به مهانا ليس مهابا ، مطروحا على الأرض لا مرفوعا على الأكتاف ،تتقاذفه الأرجل التي علمها كتابة الكلمات وهي في مهد الصبى .
حكت لي الصورة حزنها وأساتذة الغد يعنفون وكأنهم مجرمون ويضربون وكأنهم خونة لهذا البلد الأمين ، ولم أرى إلا لونين بياض يحمله الأساتذة وعصا تحملها باقي الأيادي وكأنها تنتقم ممن علمها أو سيعلم أبنائها ، فتأتي الضربات تباعا سيحكيها الأساتذة يوما وبشكل يشبه النوستالجيا لتلامذتهم وهم يذرفون دموع ماضٍ أليم ، رفعوا فيه شعار :
" لا لفصل التكوين عن التوظيف ولا لتقزيم المنحة " وبشكل سليم وفي غاية التنظيم ، وكأنهم يقولون لنا إننا الأجدر بتعليم أبنائكم وبناتكم .
حكت لي الصورة وهي خجولة حد الاستحياء ، عويل هنا وصراخ هناك ، وألم ممزوج بزغاريد النصر الملوحة في الأفق ، فلسان الحال يقول نصرنا كبياض ما نرتديه من ثياب ولن يثنينا العنف ولا القمع عن مسارنا العادل والمنصف ، ولن تحل مشاكل لا دخل لنا في تكوينها وصناعتها ، فنحن أبناء هذا الوطن وما دماؤنا إلا محبة لترابه العظيم .

حكت لي الصورة فتخيلت نفسي أخط هذه الحروف متألما ومتحسرا عن واقع لا يريدون إصلاحه ، وحال لا يريدون إستبداله ، فصار بكاء قلمي أكثر من بكاء قلبي ، وصارت أحزاني أكثر من مسراتي ، وقلت في نفسي : ما الذي يحدث ، وكيف يحدث ؟ وهل يعقل أن يكون قد حدث ؟
وصرت متخيلا شوقي وهو يردد شعره القائل :
قم للمعلم ووفه التبجيلا ............. ... ......... كاد المعلم أن يكون رسولا
وقلت ما قاله الشاعر :
ما درى شوقي بمصيبتي ....
وقلت اللهم أنصرك يا معلمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخيّمات المهاجرين في تونس: صفاقس.. -كاليه- التونسية؟ • فرانس


.. متظاهرون إسرائيليون يطالبون نتنياهو بإتمام صفقة الأسرى مع حم




.. حماس توافق على مقترح الهدنة المصري القطري.. وقف إطـ ـلاق الن


.. العالم الليلة | المسمار الأخير في نعش استعادة الأسرى.. أصوات




.. شبكات | طرد جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة من اعتصام تضامني ب