الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حدث في قطار آخن -17-

علي دريوسي

2015 / 12 / 4
الادب والفن


- لم تجب على السؤال بعد، أما رأيت مؤخرة سابينه غير المُحَجَّبة؟ هل أعجبتك؟ سألت الشرطية باستفزاز.

"سُئِلَ مصمم الغرافيك والنحات الفنلندي تابيو فيركالا: من هو المصمم المعماري الذي تقدره أكثر من الجميع؟
أجاب: إنه لسؤال غاية في الغرابة!... الله هو المصمم المعماري الأفضل، أليس كذلك؟
ثم سُئِلَ: ما هو العمل الفني الذي تعتبره الأفضل من أعمالك الخاصة؟
أجاب: تلك هناك، ... اِبنتي!"

- لو سُئلتُ كما سُئِلَ فيركالا: ما هو العمل الفني الذي تعتبره الأفضل في صالون سابينه الرائع؟ لأجبتُ غلى الفور: تلك هناك، ... وأشار إلى مؤخرة سابينه!
- إذاً، تصافينا! قالت الشرطية ببهجة انتصار، أضافت: هل لديكم في الشرق أعمال فنية ومنحوتات لعراة في الحدائق العامة والساحات؟
- لا ليس لدينا! من الأمور المهمة التي نفتقدها في مجتمعنا الشرقي هي ندرة النصب التذكارية لرجالات الفكر ونسائه، لمؤخرات النساء ومقدمات الرجال في الساحات والحدائق العامة، نعم، وجودها هو إضافة ثقافية وحضارية وجمالية للبلد... ثم أضاف أحمد ضاحكاً: لعل مؤخراتكن أكثر لطفاً وجمالاً من مؤخرات الشرق!
- في هذا معك كل الحق يا أحمد، هنا يُعتَنى بتطورها منذ الصغر، هناك تربية موجهة لبنائها، تبدأ بالرياضة الناعمة وركوب الدراجة ولا تنتهي... إنها جزء من ثقافة الغرب! ردت عليه الشرطية بكامل الانسجام و الود.
- أوافقك الرأي، هذا ما لمسته هنا. ثقافة الغرب الاجتماعية غير مفهومة، حتى لو عشت معهم وبينهم. ثقافتكم الجنسية سرية مثل طقوس الدين الشرقية!


حاولت سابينه تخميد الحوار الشرقي-الغربي والتحكم بدفة قيادة السهرة من جديد، قالت كوسيط صلح:
- من يعرف نفسه والآخرين، سيعترف أنّه لم يعد بالإمكان فصل بلاد الصباح "الشرق" عن بلاد المساء "الغرب". هذا ما جاء في كتاب الديوان الشرقي-الغربي للأديب الألماني يوهان فولفغانغ فون غوته، منذ عام 1819.
- شكراً يا كنزي، هذا ما حاولت إيصاله للمرأة الشرطية. فلولا أعمال الشاعر الفارسي حافظ الشيرازي، لولا ثقافة الأديب غوته الأفقية والشاقولية وتقديره للشرق، لما رأت هذه المجموعة الشعرية للعملاق غوته النور.
- كنت أمزح معك يا أحمد، لم أقصد إهانة الشرق، تمنيت فقط استفزازك لأشم رائحة عطر ثقافتك الشرقية، فأنا كلي إيمان أنّه في التَنَوُّع تكمن الوحْدة والاِرتقاء الحضاري. هكذا أنهت الشرطية حديثها.
خاطب نفسه: "القُدْرَةُ على الإِنْصَاف، إِنْصَاف الآخر واِسْتِيفاءه حَقّه، حتى لو كنت لا تتفق معه معرفياً أو إنسانياً، هي مَهَارة عملية/معرفية، هي فَنّ ثَقافيّ لا يُتْقِنُه إلّا الأحرارَ الأقوياءَ، إلّا الواثقين من خطاهم وقدراتهم المعرفية التي لا تنضب... ومع هذا يُمكن التَدَرَّبَ عليه وإجادته إذا توفرت لديك الاستعداديَّة للتعلم ولإبداء بعض التواضع بمعرفتك لذاتك... ما أجمل ثقافة الاِعتراف بالآخر وما أصعبها."


مشت الشرطية خطوتين عشوائيتين، أصبحت عل مسافة كافية من مؤخرة الممرضة الشهية، سحبت هراوتها ولامست بها نضارة هضبة اِمرأة، براحة يدها اليسرى صفعتها على جهة مؤخرتها اليسرى ممازحةً، ضحك المساء... رأت الشرطية ابتسامة أحمد، رأت دهشته وشهوته لدخول طقوس اللعبة، قالت له كأنها في مشهد مسرحي:
- أنت كالثعبان!
- لماذا!؟ دعينا نكمل سهرتنا دون مشاكل، طباعك استفزازية مثل الروس، هل حقاٌ أن أباك ألمانيَ الوطن والولادة؟
- يرفع الثعبان رأسه فقط للتجسس على أعداءهِ أو ضحاياه... وإلا فإنه يزحف بطريقةٍ ما، أغلب الظن أنها ساذجة، ولا يعرف أنه وحده من يظنها ذكية. هذا ما تفعله معنا يا أحمد!
لعن الشرطية والممرضة في سره، خاطب نفسه:
"جهزي حقائبكِ يا ممرضة، رتبي قلبكِ، عطركِ الثمين وملابسك الرقيقة، الليلة سنغادر أبكر، الليلة سَأُعَلِمُكِ الصلاة دون حجاب، الليلة سَأُرَسِّمُكِ دفتر، هل تأخذين الشرطية معك؟".


- لقد جاء دورك يا أحمد، لتخلع عنك ثياب المنزل وترتدي ثياباً تليق بسهرتنا، عيد ميلاد الغالية هنيلوري، مَنْ الشخصية التي تشتهي أن تكونها هذا المساء؟ سألت سابينه.
- أنا! لا، لا أرغب، أخجل مما تقوليه، هل جننتما؟
- اسكت، ستكون راضياً، تعال معنا، نريك غرفة اللباس، لتتقمص ما يناسبك من أدوار.
- "الحياة تستحق أن تُعاش، يقول الفن". قالت الشرطية.
- "الحياة تستحق أن تُعرف، يقول العلم". قالت الممرضة.
- بل فريدريش نيتشه منْ يتفلسف بهذا أيتها الماكرتان.
نهض طائعاً وهو يفكر: "لماذا قتل قابيل أخاه هابيل؟ هل كانت هذه أوّل قصّة قتلٍ تحدث في تاريخ البشريّة! سأرسمكما على قيد الحياة، كما رسم الإيطالي تيتيان قبل حوالي خمسمائة عام الأخوين قابيل وهابيل، كما تفعل الفنانة الروسية ماريا كازانوفا في مشروعها الذي خططته للمشاركة في مهرجان الفنون في مدينة كراسنويارسك السيبيرية. تخيلا أنكما تجلسان في الصالون، قرب المنجنيق، سأعلق بالقرب منه مشنقة واحدة، سأفصلكما من مديريتي الصحة والشرطة، سأعيد تلوين ثيابكما، حذائكما، حائط الصالون خلفكما، طاولة المنجنيق و سأعيد ترتيب روحكما! سأقتلكما الليلة وأهرب عبر الغابة، إلى غير رجعة، سأترك الغرب لأمثالكن، سأترك التاريخ خلفي يحكي: أنّ الشرقي قتل الغربيتين كما قتل قابيل هابيل."
- أين الطريق إلى غرفة العمليات؟ غرفة التَقَمُّص؟

أخطأ الفيلسوف الألماني لودفيغ فيورباخ عندما قال: "السلطة الأعظم والأكثر تماثلاً مع سلطة الله على وجه الأرض، هي سلطة العلم". لو أنّه عَرِفَ المرأة وخبرها لصحح قوله: "...، هي سلطة المرأة ثم يأتي العلم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم الممر مميز ليه وعمل طفرة في صناعة السينما؟.. المؤرخ ال


.. بكاء الشاعر جمال بخيت وهو يروي حكاية ملهمة تجمع بين العسكرية




.. شوف الناقدة الفنية ماجدة موريس قالت إيه عن فيلم حكايات الغري


.. الشاعر محمد العسيري: -عدى النهار- كانت أكتر أغنية منتشرة بعد




.. تفاصيل هتعرفها لأول مرة عن أغنية -أنا على الربابة بغني- مع ا