الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألمسافة بين ألقتل وألعقل

ميثم محمد علي موسى

2005 / 11 / 3
الارهاب, الحرب والسلام


تتزامن ألذكرى ألسنوية لمقتل ألمخرج و كاتب ألعمود ألصحفي ألهولندي تيو فان خوخ على يد متطرف أسلامي مغربي ألأصل (محمد ب) مع ذكرى مرور أسبوع على مآساة ألحريق ألذي شب في سجن مطار أمستردام ( سيخبهول) ألمخصص لسجن أجانب مقيمين بشكل غير قانوني في هولندا أو طالبي لجوء رفضت طلباتهم بأنتظار ترحيلهم ، وألذي راح ضحيته 11 مواطناً أجنبياً ، معظمهم مجهول ألأسم* ! هذا كله في ظل نظام هولندي متشدد ويزداد تشدداً ضد ألأجانب عامة ، و المسلمين بشكل خاص.
بعد ان اطلق قاتل فان خوخ ألرصاص على ضحيته (في 02-11-2004) طعنه عدة مرات بسكين ، وترك رسالة على صدره تؤكد أن دوافعه لأرتكاب ألجريمة ( ألبشعة ) هو ألأنتقام للمسلمين ألذين أهينوا جراء عرض فلم يسئ للأسلام ورموزه ، يعرض أمرأة عربية شبه عارية كُتبت آيات من ألقرآن على جسدها وهي تتحدث عن ألضرب ألمبرح و ألأغتصاب من قبل أرحامها. وألفلم(( ألخضوع)) من أخراج فان خوخ بالتعاون مع ألنائبة ألهولندية من أصل صومالي هيرسي علي . وهدد ألقاتل في رسالته هيرسي علي أيضاً بالقتل ، حيث شغلت مخاطبتها معظم ألرسالة ، و يسميها كافرة أصولية لاتؤمن بأن هناك قوة تسيّر هذا ألكون ، ولاتؤمن بوجود خالق !
ما أن مضت أيام حتى أندلعت أعمال أنتقامية متبادلة بأحراق مساجد ومدارس أسلامية ، وكنائس أيضاً ، وتعمقت أزمة ألثقة بين مواطني هولندا ألأصليين وألأجانب ، وما زالت تتعمق **. ويشترك معظم ألهولنديين أليوم بألرأي في أن ألحساسية و ألشعور بالعداء وألعزلة أزدادت بعد مقتل فان خوخ . هذا ألرأي يُسمع من ألمواطنين ألأصليين ومن ألأجانب أنفسهم كالسورناميين وألأتراك وألمغاربة ألذين يشكلون ألغالبية ألعظمى من ألأجانب وخاصة في ألمدن ألأربع ألكبرى في هولندا(أمستردام ، روتردام ، لاهاي ، أوترخت) .
تؤكد ألأحصائيات أن ربع ألأجانب فقط يشعرون بألأطمئنان وألعلاقة ألأيجابية أليوم بينهم وألهولنديين ، في حين كان أكثر من ألنصف يشعر بذلك قبل مقتل فان خوخ . ويلحظ ألمرء ألتوتر بين ألجاليات ألأجنبية وألهولنديين ، رغم ألمساعي ألمبذولة من قبل ألأحزاب وألساسة أليساريين خاصة( لترطيب) ألأجواء عبر ألحوارات ألمباشرة وألأنشطة ألأعلامية ألمشتركة .
ألملاحظ ، ورغم أدانة مقتل ألمخرج فان خوخ من قبل عدد من قادة مختلف ألطوائف ألأسلامية في هولندا وغيرها ، فأن هناك تعاطف غير قليل مع قاتل فان خوخ بحجة أن تلك ألجريمة ردة فعل مبررة على ألأنتقاص من ألأسلام ، وألقتل جزء من ألدفاع عن ألأسلام . و يغذي نزعة ألتعاطف هذه ألمستوى ألثقافي وألتعليمي ألمتدني لأبناء ألجاليات ألمذكورة ، ألتي يشكل ألأسلام بالنسبة لها (وراثة) أكثر منه( دين) ، وتمسك (بعادات) أكثر منه (بعبادات) ، و(تقليد) أكثر منه (فهم) . وأذا كان فان خوخ قد أستفاد من ديمقراطية بلده للتعبير عن آراءه ألحادة فهاجم بلاذع ألعبارة لا ألأسلام وألمسلمين وحدهم ، بل وكذلك شخصيات سياسية هولندية معروفة أيضاً ، فأن ألكثير من أئمة مساجد ألجاليات ألمسلمة تستفيد من نفس هذه أ ألديمقراطية وألحرية لتهاجم علانية ألغرب ومفاهيمه و (حتى ديمقراطيته ألتي تتنعم نفسها بها!) وتدعو ألى محاربته في عقر داره ، بل وتعلن صراحة عن تأييدها للأرهاب ، وبن لادن وألقاعدة ، بشكل واضح أومبطن .

قبيل قتله كان فان خوخ مشغولاً في أخراج فلم عن مقتل ألسياسي ألهولندي (بم فورتاون) ألذي شُبهُّت مواقفه وآرائه بجرنوفسكي الروسي وهايدار ألنمساوي ، وكان ألفلم يحمل أسم ((0605)) وهو تأريخ مقتل بم فورتاون في ألخامس من مايو عام 2002 في مدينة هلفرسوم ألهولندية بعد مقابلة أذاعية ، وعلى يد ناشط يساري هولندي . وبم فورتاون أول سياسي هولندي تجرأ علانية في ألأعلان عن موقفه ، وتحدث صراحة عن مشكلة ألأجانب ، وكيف أن قيمهم أخذت تطغي على قيم ألمجتمع ألهولندي ألسائدة ، ومشكلة ألثقافات ألأجنبية ألغريبة ، وألبطالة في صفوف ألأجانب ، وأنتشار ألجريمة بنسب عالية في صفوف ألعاطلين منهم عن ألعمل وألمستفيدين من ألمساعدات ألأجتماعية ألسخية ألمتاحة للعاطلين ، ألتي يضمنها ألقانون ألهولندي. كل هذه ألأفكار كانت تجري همساً بين ألساسة ، بل وبين ألمواطنين أنفسهم ، و يقود ألتصريح بها حالاً ألى تهمة ألتمييز ألعنصري ! فما كان من فورتاون إلا أن أفلت ألحديث من عقاله ألى ألشارع ألهولندي ، فأضحى ألناس أكثر جرأة في مس مشكلة ألأجانب وألتحدث عنها بعد أن كان ذلك مايشبه ألتابو.
وتشاء ألصدف أن يواجه فان خوخ نفس ألمصير لجرأته في نقد ما يعتقده عائقاً في أستقرار هولندا ، ولم يستقرأ ألنتائج ألدموية . وليس غريباً أن تكون ألنائبة هيرسي علي وألسياسي ألجديد (فلدرز) تحت حراسة مشددة خوفاً من مواجهة نفس مصير فورتاون وخوخ ، و ألتهديدات مستمرة حتى أليوم . وفلدرز أليميني ، ألذي يتبع نفس نهج بم فورتاون ألى حد ما ولكن بكاريزما متدنية ، ليس سوى صدى وردة فعل على ألتطرف وألتشدد ألأسلامي في هولندا ، أو هكذا يعتقد ألكثيرون. كما ولايزيد تهديد ألقاعدة لهولندا (من ضمن دول أخرى) بهزها بعمل أرهابي على ألنموذج ألأسباني إلا من تصلب أليمين وصعود نجمه ، كما حصل في دول أوربية أخرى.
وليس غريباً بعد ذلك أن تتعمق ألكراهية للأجانب ، وتنعدم ألثقة ، وتمعن ألحكومة ألحالية في سياساتها أليمينية وتتعامل ببرودة أعصاب مع مقتل 11 أجنبياً حرقاً ، في سجن مغلق ، كما لو أن ألحريق أتى على قطع من ألخشب وليس بشراً. صحيح أن ألتحقيق مازال جارياً في ذلك ألحادث ألمأساوي ، ولكن تأكيد بعض ألناجين من ألموت على أن ألشرطة أطلقت ألنار على ألسجناء عند محاولتهم ألهرب من زنازنهم لأنقاذ أرواحهم ، له دلالة مرعبة أن تأكد. فهل يبدأ ألعد ألتنازلي لليمين ؟ هل يتوقع ألمرء أجواءاً أكثر شفافية بين ألهولنديين وألأجانب؟
لعل أعلان حزب ألعمال ألهولندي عن رغبة للتقارب مع أليسار ألأخضر وألأشتراكيين في هذا ألوقت له دلالة.
----------------------------------------------------------------------------
*يتقدم ألكثير من طالبي أللجوء ألأجانب بأسماء مستعارة ، ولأسباب مختلفة ، ما يجعل ألتحقق من
شخصياتهم أمر في غاية ألصعوبة أحياناً ، أن لم يكن مستحيلاً.
** لم تحدث مثل هذه ألأعمال ألأنتقامية في أسبانيا بعد ألعملية ألأرهابية ألتي أستهدفت ألقطارات وراح ضحيتها ألعشرات من ألأبرياء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟