الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل عام وعراقناعامر وشعبه أمن

لميس كاظم

2005 / 11 / 3
حقوق الانسان


أمنيتي في العيد بسيطة وهي أصغر من طموحي...أن يكون عيدا جديدا، هادئا، مستقرا، ينام العراقيون بأمان منتظرين شمس العيد تيقضهم بسلام موزعة عليهم أشعتها المشرقة لتحميهم وتبهجهم وهم يمارسوا طقوس العيد بمحبة وألفة.
عام خالي من مسلسل العنف وأفلام الرعب التي ينتجها أعداء الوطن.
عام تكون شمس العراق شاملة، دافئة، حنونة، يلتحف بها كل أبناء العراق النجباء الذين أتعبهم أزيز الرصاص وأرعبهم صرخات الموت.
عام يكون العراق كله رياض أطفال، وحدائق وجوبي كبير لأحبته الصغار الحلوين الجميلين، ملئي بالملاعيب والمراجيح ودولاب الهواء والفرارات وضحكات الطفولة السعيدة.
عيد...يّحضروا له أطفال العراق ملابسهم الجديدة ليلا، ويحلمون بوصول خيوط شمس العيد الى وجوههم فيفزون، متعايدين، متمازحين، متجهين الى عالم سالم، أمن، تضحك العيون مع الصباح لتسافر معه الى متعة العيد... يلعبون حيث يشاؤن ...يأكلون حيث يرغبون...ينامون حيث يتعبون...يبكون في أخر أيام العيد مودعين بهجة العيد على أمل اللقاء المنتظر.
عيد... يخرج فيه أطفال العراق بوجوهم الجديدة وملابسهم الزاهية بألوان العيد. يتباهي كل طفل بملبسه الأنيق وجيبه ممتلء بعيدية الوالد وخديه معطرة بقبلات الوالدة، المباركة، التي تحرسهم من عين العدو وتحميهم من الملثمين.
عيد... يتراكض الأطفال في أزقتهم ودرابينهم الضيقة... يجتمعون، يتشاجرون، يفززون أصدقائهم النائمين والإبتسامة تركض أمامهم لتملء الأرض هرجا ومرجا ورقصا ولعبا وعراكا وتسبقهم رغباتهم السريعة التي ترتسم على وجوههم البرئية، الى براءة الوطن الخالية من الخوف...من الرعب... من المراجيح مفخخة ...من السيارات الجديدة، الخبيثة، الليئمة التي تحاول أن تخطف منهم ضحكة العيد وتنقلهم الى عالم الخلد.
عيد... يلم شمل العراقيين، الذين تناثروا في أخر زوايا هذا العالم البعيد، ليذكرهم بشريط العمر الذي سرق منهم أحلى أيامهم وأصبحوا كالمزهرية العتيقة التي تحاول أن تلم شتات أوراق وردها المتساقط، المتراقص حزنا، في أرض المنافي... متمنون أن يشموا عبق شبابهم الذي هرب منهم رغما عنهم وأن يحققوا أبسط أمنية كانوا يتمتعون بها ألا وهي لمة الأهل والأحبة في صبيحة العيد...لمة المشاكل وتقريب المتباعدين عن أهلهم...لمة المتغرب بتراب وطنه...لمة الحبيب بحبيبته... يتمنون أن يحضروا طقوس العيد الجديد في بيتهم العتيق... وينشرون على حيطان أسطحهم الخربة عيدية العشاق ...كل عام وحبيبتي بخير...ويخرجون صباحا في درابينهم الجميلة، المهملة ليفتشوا في عيون جيرانهم ضحكة العيد... ويتسابقون في إبتهال تراتيل صلوات العيد...ويطربون أذانهم بعزف دقات المسحاراتي على الطلبة الذي يبشرهم بحلول العيد ويطلب منهم أكرامية العيد...ويتمنون أن يتراكضوا كالأطفال الى أحضان أمهاتهم، التي بردت بفراقهم، لتمنحهم دفء الرضا وقبلات العيد الملئية بالحنان المفقود...ويخشعون أمام ابائهم ليطلبوا منهم العيدية ويتمنون لهم الصحة والعافية والعمر المديد...يتمنون أن يتسابقوا مع الأطفال الى مائدة غداء العيد العامرة بالألفة العائلية المتحممة بمسك العيد....بالصخب المبتسم على العيون....بفرحة الأمهات المسافرة مع قلوب أطفالها....بنفس أمي في تحضير وجبة عذاء العيد الذي لم أذق أطعم منه في ارقى مطاعم العالم...بالأستعداد لتناول أكل أمي الفواح بنفسها الزكي ومُبهّر برضاها عن أبنائها وبناتها...ومحلى بضحكة الأباء والأجداد والجدات والأقارب المغطين كل أركان طاولة العيد...بالتسابق مع الكبار في أحتلال المكان المناسب حول مائدة أمي التي أفتقدها عقود من الزمن...بحركة يد جدي التي تطيل كل الوجبات المنتشرة على الطاولة وهو يوزع حبه على سلالته المتلاصقة به ويمنحهم فرصة شم عطر مسكه النجفي الأصيل الذي يدخل القلوب قبل الأكل.

أمنيتي أن يكون العيد خالي من الهم والغم والوجوة المتخبئة خلف لثامها منتظرة أن تسرق فرحت العراقيين.
عسى أن يكون عيدا خاليا من الملثمين والخاطفين والحاقدين على فرحة الأطفال.
عيد ...يكون قلوب العراقيين متسامحة متراضية، متجمعة في يد واحدة تجمع سواعد العراقيين النشامى لتحمي حدود ورودها المبعثرة، الممزقة، وتعيد نشوة نسرينه المتميز عن كل ورود العالم .
عيد ...يكون روح العراقيين شدة ورد، ملونة، معبقة برائحة كل من يعز عليهم تكرار هذا العيد بدون نحر رؤوس العراقيين قربانا لنزوات الحاقدين.
كل عام وأبي وأخوتي وأهلي واحبتي وأصدقائي الطيبين بخير.
كل عام وصلوات الفاتحة على روح أمي الطاهرة التي ماتت في قبور المنفى متحسرة على ولدها المفقود وجلستها على عتبة بيتها المسلوب.
كل عام وصلوات مباركة لكل شهداء الوطن الذين صمتوا بشرف وناموا في تراب قبورهم قبل أن يسخروا من سالب حياتهم، واقفا في قفص الدجاج، ذليلا، مكسورا، مهانا، ملتمسا العدل الذي نسى كيف تكتب حروفه في قراراته السابقة.
كل عام وعراقنا الحبيب بألف خير وسلام.
لنكبر سويتا ونرفع الصلوات لعراق أمن ..لعراق عامر...لعراق مزدهر...محروس من عيون الأشرار والغرباء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3