الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معلش...شدة وتزول

طارق المهدوي

2015 / 12 / 5
الادب والفن


معلش...شدة وتزول
طارق المهدوي
بالأمس اضطرتني ضرورة إنهاء إحدى معاملاتي الورقية إلى صعود الدرج حتى الطابق الأخير لمبنى مجمع المحاكم والنيابات المجاور، حيث مصاعد المبنى الثمانية مخصصة فقط لأعضاء السلك القضائي وتوابعهم حسب تعليمات ضابط اتصال الاستخبارات العسكرية، وقد أرهقني المجهود العضلي تدريجياً فأخذت خطواتي الصاعدة إلى أعلى تبطئ مع اقترابي من النهاية لاسيما عند وصولي لدفعة الدرج الأخيرة، مما منحني فرصة زمنية لمشاهدة شاباً من ذوي الشوارب الخفيفة المزدوجة والشعر الطويل المربوط من الخلف كذيل الحصان على طريقة بعض أبناء المدن الكبرى الليبراليين، كان الشاب يرتدي زي السجون الأبيض ويجلس القرفصاء مكبلاً بالحديد مع أحد زملائه العشرة المكومين بجواره في ركن المساجين المعروضين على نيابة أمن الدولة لتجديد حبسهم الاحتياطي، والتصقت به سيدة تقاربني في العمر بزيها العصري رغم أنها دفعت مبلغاً مالياً كبيراً لأمين الشرطة ومع ذلك اشترط جلوسها على الأرض حتى لا يراها ضابط اتصال الاستخبارات العسكرية الذي يمنع التقاء المساجين بأهاليهم، نظر الشاب بحنان دافق في عينيها الحزينتين وهو يرجوها "إوعي يا ماما تنسي تاخدي الدوا بتاعك لغاية ما أرجعلك" بينما كان يوزع على زملائه معلبات العصائر التي جلبتها له معها، ثم نهض واقفاً وساحباً معه شريكه في القيد الحديدي ليتجه فوراً صوب الدرج قبيل اكتمال صعودي إلى الطابق الأخير، فقفز أمين الشرطة المرتشي قاطعاً عليه الطريق ومتخذاً وضع الاستعداد لقتله بعد أن شد في وجهه أجزاء مسدسه الميري العتيق من طراز "حلوان 9 مللي"، لولا مشاهدته إياه يمد يده الوحيدة الحرة ليسندني بها ويساعدني على صعود الدرجة الأخيرة قائلاً "شد حيلك يا بابا هانت"، لم يكن بوسعي سوى احتضانه والتربيت على كتفه مشجعاً بقولي "شد حيلك انت يا بني...معلش شدة وتزول"، فتحولت نظرته الحانية إلى إصرار صلب وهو يقول لي "إطمن يا بابا أنا شديد" مع ترديده عدة مرات بصوت مسموع عبارة "معلش شدة وتزول"، بينما كان أمين الشرطة المرتشي يدفعه بماسورة مسدسه ليعيده إلى موقعه السابق في ركن المساجين، أما أنا فقد أفادني الموظف المختص بتعثر إجراءات معاملتي الورقية لوجود عراقيل غير مفهومة مصدرها ضابط اتصال الاستخبارات العسكرية الراغب في إنهاكي ونصحني بالحصول على تأشيرة إيجابية من رئيس النيابة المناوب، الذي قرر رفض طلبي وفي نفس الوقت قرر تجديد حبس الشباب العشرة لمدة شهر على عكس قناعاته المهنية والشخصية بأحقيتي الكاملة في الإنهاء الفوري لمعاملتي الورقية دون إنهاك وبعدم وجود أي مبرر لتجديد حبس الشباب، مما دفعه لتوقيع القرارين على مضض حسب التعليمات الهاتفية التي تلقاها من ضابط اتصال الاستخبارات العسكرية مع ترديده عدة مرات بصوت مسموع عبارة "معلش شدة وتزول"!!.
طارق المهدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم ما كشفته الممثلة برناديت حديب عن النسخة السابعة لمهرجا


.. المخرج عادل عوض يكشف فى حوار خاص أسرار والده الفنان محمد عوض




.. شبكة خاصة من آدم العربى لإبنة الفنانة أمل رزق


.. الفنان أحمد الرافعى: أولاد رزق 3 قدمني بشكل مختلف .. وتوقعت




.. فيلم تسجيلي بعنوان -الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر-