الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إيسِف / مُحاولات قصصية 7
امين يونس
2015 / 12 / 5الادب والفن
![](https://ahewar.net/Upload/user/images/feea5e71-f95a-457e-bbcc-eb059e0023ba.jpg)
كانتْ الحكومات العراقية ، أبانَ العهد الملكي ، تلجأ الى مُعاقبة الضُباط الذين لاتثق بولاءهم ، ولا تأتمنهم على قطعات الجيش ، فتقوم بإبعادِهم وتعيينهم " ضُباطاً للتجنيد " في الأقضية النائية والبعيدة عن مَحل سكناهُم .. فترى على سبيل المثال ، ان " رئيساً " أي ضابطاً بثلاث نجوم ، أو نقيباً بلُغة اليوم ، أو حتى من ذوي الرُتَب الأعلى ، يُنقل الى تجنيد قضاء العُمادية ، ليصبح ضابطاً للتجنيد . وبالفعل ، فلقد تسَلم الرئيس عبد الجبار ، تجنيد العُمادية في ربيع 1939 . وهو بالأصل من أبو الخصيب العائدة الى البصرة . وكانتْ المهام التي تقوم بها دائرته ، هي سَوق المُكلفين بالخدمة العسكرية ، ضمن حدود قضاء العمادية المترامي الأطراف ، وتسريح الذين إنتهتْ مُدة خدمتهم .. ولكن كانتْ دائرة التجنيد ، في ذلك الوقت تقوم بمهةٍ أخرى ، وهي إرسال البريد الى " الشُعبة الثالثة " في وزارة الداخلية عن طريق لواء الموصل . والشعبة الثالثة ، كانتْ بمثابة ، المُديرية العامة للأمن في بغداد ، ولأنه لم تَكُن هنالك فروع لدائرة الأمن في الأقضية والنواحي ، فأن ( المُخبِرين ) ، كانوا يُسّلمون تقاريرهم ، الى مُدير التجنيد أو ضابط التجنيد ، الذي يقوم بإرسالها الى الجهات المُختَصة . الرئيس عبدالجبار ، كانَ إنساناً مُحتَرماً ، مُستقيماً نزيهاً ، لايقبل " الناقصة " من أي أحد ، وبسبب هذه الصفات ، ولإصطدامهِ مع رؤساءهِ ، فلقد عُوقِبَ ونُقِلَ من البصرة الى العُمادية ، أي من أقصى الجنوب الى أقصى الشِمال .
كانَ الرئيس عبدالجبار ، يَطّلِع خِلسةً على التقارير التي يجلبها المُخبرون ، قبلَ إرسالها الى الموصل ، فإسترعى إنتباههُ ، ان تقريراً كانَ عن إجتماعٍ لخَلِية تابعة لحزبٍ سرّي ، إسمه حزب " هيوا " أي : الأمَل ، وأن المُخبِر ( محمود رمضان ) عضوٌ في ذلك التنظيم ، وأن المسؤول عنهم شخصٌ إسمهُ ( إيسف ) . كان عبدالجبار ، قد تعّرَفَ قبلَ أسابيع ، الى " إيسف " في سوق العُمادية ، وأصبحَ يزوره بين يومٍ وآخَر في دكانهِ ، لأن إيسف كان يتكلم العربية بصورةٍ جيدة ، وإرتاحَ إليهِ عبد الجبار ، لا سيما عندما إكتشفَ ، ان إيسف ، يكتب العرائض للفلاحين والقرويين ، بلا مُقابِل ، ويدلهُم على السُبل التي يستطيعون من خلالها ، نَيل حقوقهم من الإقطاعيين الآغوات .
بعثَ عبدالجبار ، أحد المنتسبين لإستدعاء " إيسف " على الفور . إستغربَ الرجُل لأنها كانتْ المّرة الأولى التي يستدعيهِ فيها ، عبد الجبار وبهذه الطريقة .
قالَ له الرئيس عبد الجبار : هل تعرف ماهذه الورقة التي معي ؟ لم ينتظر إجابة إيسف ، وأردف : أنها ياعزيزي ، نسخة من محضر الإجتماع الذي عقدتموهُ ليلة أمس ، في منزل نسيبك " مارف " ! . تفاجأ إيسف وإكفهرتْ سحنتهُ ، وقال : كيف ؟ . أجاب عبد الجبار : أن رفيقكم المدعو " محمود حجي رمضان " هو مُخبِر عائدٌ للأمن ، وكما يظهر ، ان هذا التقرير هو الثاني ، فكما يبدو انه بعث التقرير الأول قبل شهرَين في زَمن ضابط التجنيد الذي قبلي . بعثتُ وراءك بِسُرعة ، حتى تكون حذراً ، لأنني مُضطرٌ أن أبعث هذا التقرير الى الشُعبة الثالثة ، فأنا نفسي مُراقَب ! . نهضَ إيسف مُرتبكاً ، صافحَ عبد الجبار وشكرهُ على موقفهِ النبيل ، وخَرَجَ .
........................
في نفس الليلة ، عقد " إيسف " إجتماعاً لخليتهِ الحزبية ، بِسريةٍ تامّة ، من دون " محمود رمضان " .. وشرح للأعضاء الثلاثة الآخَرين ، ما حصل تماماً ، فقرروا فَصل محمود ، وإعتباره خائناً . كما إتفقوا على إيقاف نشاطاتهم ، لِفترة ، لتبيان ما سوف يحصل من تطورات .
إبتداءاً من اللحظة ، التي قامَ فيها ، ضابط التجنيد الرئيس عبدالجبار ، بتنبيه إيسف ، من ان هنالك مُندَسٌ داخل التنظيم المُسمى " حزب هيوا " .. فأن إيسف أصيبَ بِصدمةٍ كبيرة ، إذ لم يكُن يتوقَع بأي حالٍ من الأحوال ، أن صديقهُ محمود حجي رمضان يمكن ان يخون .. وأن يصبح جاسوساً للجهات الأمنِية ! . في اليوم التالي ، إلتقى إيسف بمحمود ، وحاولَ جاهداً أن يبدو طبيعياً ولا يُظهِر مشاعر الإستياء والغضب والخيبة ، وأخبرهُ ، بأنهُ قّرَرَ حَل التنظيم ، لأنه توصّلَ الى قناعةٍ بِلا جدوى هكذا تشكيل سياسي ، وخاصةٌ بإحتمال وجود مخاطِر جدية عليهم ! .
لكن بالرغم من كُل الإحتياطات .. فلقد اُلقِيَ القبض على " إيسف " بعد أسابيع ، أي في بداية عام 1940 ، بتهمة الإنتماء الى تنظيمٍ محظور مُعادي للدولة ، وحُكمَ عليهِ بالسجن لمدة سنة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - مقالة سياسية
عبد الحسين سلمان (جاسم الزيرجاوي)
(
2015 / 12 / 7 - 12:53
)
صحيح انها قصة قصيرة جداً لكنها مقالة سياسية ناقدة لاذعة من طراز عال جداً
.. الجزائر تقرر توسيع تدريس اللغة الإنجليزية إلى الصف الخامس ال
![](https://i4.ytimg.com/vi/JNvEA9rriFA/default.jpg)
.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر
![](https://i4.ytimg.com/vi/Ex5MA29ir3g/default.jpg)
.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى
![](https://i4.ytimg.com/vi/gwGPPStL_jc/default.jpg)
.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا
![](https://i4.ytimg.com/vi/xlqpmMYeZgw/default.jpg)
.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح
![](https://i4.ytimg.com/vi/kdkMGJIMno8/default.jpg)