الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات السياسات العدوانيَّة

فهمي الكتوت

2015 / 12 / 5
الادارة و الاقتصاد


لم يعُد الإرهاب ظاهرة محلية تعاني منها الشعوب العربية فحسب؛ بل أصبح وباء يهدد الإنسانية جمعاء، وما يجري في هذه المرحلة من استيطان للإرهاب، يعتبر ثمرة للسياسات الأمريكية في الوطن العربي؛ بدءا من احتلال العراق، وتدمير بنيته الأساسية وحل الجيش العراقي وتفتيت النسيج الاجتماعي، وفرض دستور بريمر الطائفي. مرورا بدعم وتمويل الحركات السلفية المتطرفة. وانتهاء بتوفير المناخات الحاضنة للإرهاب. ومن أولى ضحايا هذه السياسات الشعوب العربية، ممن تعرَّضوا للقتل والتدمير والتشريد والتهجير في مختلف بقاع الأرض.
وشهد العام الحالي هجرة واسعة لأوروبا، تفاوتت الأرقام الحقيقية حولها؛ وعلى الرغم من بعض المبالغات التي نشرتها صحف المعارضة، وروح العداء والكراهية للأجانب في المجتمعات الاوروبية، فإنَّ مقاومة هذه الظاهرة أصبحت ملموسة لدى الجهات الرسمية أيضا؛ فالاتحاد الأوروبي أعلن عن خطط لترحيل المهاجرين الذين فشلوا في الحصول على اللجوء. ومُورست الضغوط على تركيا لوقف تدفق اللاجئين باعتبارها البوابة الرئيسية لأوروبا، وأغلقتْ عددٌ من الدول الأوروبية حدودها في وجه اللاجئين السوريين.
اللافت وجود أعداد غير قليلة من العرب غير السوريين بين اللاجئين المهاجرين، مستغلين الظروف المأساوية التي يمرُّ بها الشعب السوري لمغادرة اوطانهم، هروبا من واقع سياسي واقتصادي واجتماعي مرير. وهي ظاهرة اصبحت عامة في البلدان العربية، بسبب فشل النظام العربي في تحقيق الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي وإدارة موارد البلاد الاقتصادية بما يحقق التقدم الاقتصادي والاجتماعي. وعلى العكس من ذلك فالنظام العربي غارق بالأزمات السياسية والاقتصادية، التي يكتوي بنارها الغالبية العظمى من المواطنين، خاصة في ظل مصادرة الحريات العامة وغياب الديمقراطية.
وتعتبر الأردن ولبنان من أكثر الدول العربية التي استقبلت لاجئين سوريين، حيث يستضيف لبنان أكبر نسبة من اللاجئين مقارنةً مع عدد المواطنين. ويعتبر الأردن خامس أكبر دولة يستضيف لاجئين في العالم من حيث الأرقام المطلقة، وفق معلومات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وعلى الرغم من محدودية مواردهما وقدراتهما الاستيعابية، وما يشكله تدفق الكم الهائل من اللاجئين على البنية الأساسية، والإمكانيات المادية. سيما وأنَّ الدولتين تعانيان من أزمات اقتصادية وعجوزات مالية في موازناتهما. فقد بلغ الدين العام على الأردن نحو 34 مليار دولار، اي نحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي، ويجري تغطية 22% من نفقات الدولة بالقروض والهبات، وتشكل الإيرادات الضريبية حوالي 70% من الإيرادات المحلية.
ويتركز وجود اللاجئين السوريين في المناطق الأكثر فقرا في الأردن؛ حيث تستضيفُ محافظات إربد والمفرق، إضافة إلى عمَّان أكثر من 76% من اللاجئين السوريين الذي بلغ عددهم 646.7 ألف إضافة إلى 750 ألف سوري في الأردن سابقا، ويعاني الأردن من شح المياه، وضغوط على الخدمات الصحية والتعليمية، وقد فتح الأردن 98 مدرسة إضافية بنظام الفترتين لتخفيف الضغوط على حجم الفصول الدراسية. كما تعاني نصف المدارس في عمّان وإربد من الاكتظاظ.
وتواجه الأردن ارتفاعا في معدلات البطالة، قبل استضافة اللاجئين السوريين، ورغم اعلان دائرة الإحصاءات العامة عن ارتفاع معدلات البطالة للربع الثالث من عام 2015 بمقدار 2.4 نقطة مئوية مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي؛ بحيث أصبحت 13.8%، إلا أنَّ هذه النسبة لا تعكس الحجم الحقيقي للبطالة؛ حيث تشير معلومات منظمة العمل الدولية أن معدّلات البطالة في صفوف الأردنيين ارتفعت من 14.5% في مارس 2011 إلى 22% في العام 2014، وعلى الرغم من أن السوريين لا يعملون بصورة قانونية في الأردن، مع ذلك قدّرت منظمة العمل الدولية أن 160 ألفاً من السوريين يعملون بشكل غير رسمي في قطاعات الزراعة والبناء والخدمات.
ويقول المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو جوتيريس: إنَّ "تدفق مليون لاجئ إلى لبنان أمر مذهل". وقد أظهر الشعب اللبناني سخاءً لافتاً، لكنهم يجدون صعوبة في التكيف مع الوضع. يستضيف لبنان أكبر كثافة للاجئين في التاريخ الحديث. وفتحت المدارس أبوابها لنحو 100 ألف لاجئ سوري، لكن القدرة على استيعاب المزيد باتت محدودة للغاية. ويرى البنك الدولي ان البطالة في لبنان باتت اشبه بكارثة اقتصادية -اجتماعية، وتفشت هذه الظاهرة مع تدهور الاوضاع الامنية والسياسية، وفي أحدث تقرير للبنك الدولي يشير إلى أنَّ بين كل ثلاثة لبنانيين هناك لبناني عاطل عن العمل، لا سيما ضمن الفئة العمرية الشابة.
ويحتلُّ لبنان المرتبة الرابعة عالميًّا من حيث حجم الدين العام، ويقدر إجمالي الدين في نهاية 2014 نحو 66.56 مليار دولار أي حوالي 136% من الناتج المحلي الإجمالي، ويقدر عجز الموازنة بنحو 9% من الناتج المحلي اي حوالي 3.8 مليار دولار. وتحذر المؤسسات المحلية اللبنانية والدولية من تفاقم معدلات البطالة التي تقدر بنحو 25%.
وعلى الرغم من أنَّ أسبابًا إنسانية وأخلاقية تملى على الأطراف المعنية باستقبال اللاجئين وتقديم الخدمات الأساسية للأشقاء السوريين، إلا أنَّه يتوجب على المجتمع الدولي زيادة مساهمته المالية للدول المعنية لتحسين الخدمات ورعاية اللاجئين. أما المساهمة الحقيقية، فتكمُن في وقف التدخل الأجنبي في الأزمة السورية لإنهاء معاناة الشعب السوري عامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | حمام الذهب في تونس.. أسرار غامضة وحكايات مرعب


.. أزمة غلاء المعيشة في بريطانيا تجعل الناس أكثر قلقا بشأن أداء




.. أخبار الساعة | رئيس الصين يزور فرنسا وسط توترات اقتصادية وتج


.. الاقتصاد أولاً ثم السياسة .. مفتاح زيارة الرئيس الصيني الى ب




.. أسعار الذهب اليوم الأحد 05 مايو 2024