الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكر الاصلاحي في تونس ..هل من سبيل لاحيائه ؟

علاء الدين حميدي
كاتب صحفي.

(Hmidi Alaeddine)

2015 / 12 / 6
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


زهاء ما يفوق الخميسين سنة مرّت علي استقلال الجمهورية التونسية عن الاحتلال الفرنسي ومع ذلك لم تكتمل بعد محاولات اعادة بناء الوطن و اصلاحه فالواقع التونسي اليوم صار محتاجا لرؤية اصلاحية بعيدة المدي تستمد شرعيتها من القيم الثابتة و المرجعية الحضارية و الدينية للشعب ...فتونس الوطن والمجتمع تمر بمخاض عسير تتصدره عناوين أزمة عميقة بين المنشود والموجود ومن دواعي القلق أن ما تعيشه البلاد اليوم هو نتيجة لغياب الوعي لدي عموم أفراده و انسحاب المواطن التونسي من المشهد العام للبلاد وقد طبعته الدكتاتوريات المتعاقبة مما زاد في تعثر تعافيي الجراح أما اليوم وقد أطاحت الثورة بالأنظمة الدكتاتورية معلنة تربع الديمقراطية علي عرش قرطاج فقذ بات لزاما علي الفرد خاصة والمجموعة عامة المساهمة في اصلاح ما يمكن اصلاحه متجاوزا بذلك انيته الضيقة سعيا الي الانصهار صلب المجموعة .
غير أنه من المفيد الوقوف سويا عند بعض محاولات الاصلاح التي لعل أول خطواتها تلك التي خطاها الباي أحمد باشا والتي اقتصر ت علي المجال العسكري أساسا دون أن تعدم الجانب الاجتماعي المنحصر في إلغاء الرق فضلا عن الاصلاحات الاقتصادية و ذلك للضرورة العسكرية في حين قام محمد الصادق باي بإصلاحات سياسية عرفت خلاله البلاد أول دستور ورغم تعدد هذه الاصلاحات وتنوعها فان أول الاصلاحات الفعلية والغير الصورية الساعية لتحديث تونس كانت علي يد خير الدين باشا والتي ابتعد بها عن الاعتقاد السائد أن ذاك أن النهوض بالدولة إنما يكون ببناء جيوش قوية لظنهم أن التفوق والتطور الاوروبي هو نتيجة حتمية للتفوق العسكري لتشمل عديد المجالات دون أن ننسي الدور الهام لأحمد ابن أبي الضياف ومن عاصرهما مثل الجنرال حسين (1820/1887) ومحمد السنوسي (1850/1900) وغيرهم من المصلحين الذين و ناصراهما فكريا وحتي سياسيا ( أي خير الدين وابن أبي ضياف).
ومن المفكرين الذين مثلوا الجيل الثاني من الاصلاحين والذين برزوا خلال القرن العشرين نذكر منهم الطاهر الحداد الذي دعي الي تحرير المرأة التونسية ومنع تعدد الزوجات في العالم المسلم. إضافة الي الحبيب بورقيبة مؤسس الدولة الحديثة ونضاله ضد الاستعمار وقيادته للبلاد و قد حددت سياساته مسارها .
لم يكن هؤلاء إداريين أو مصلحين بل كانوا أعظم بكثير مفكرين اصلاحين دون بعضهم أفكاره في كتب في حين ترك بعضهم الاخر التاريخ يخلد مساهماتهم الاصلاحية بحروف من ذهب أمنوا بالتجديد والاجتهاد في الشريعة الاسلامية بما يناسب الزمان و المكان ...حملوا مشعل التقدم و النّور ، خاضوا صراعات داخلية وخارجية من أجل مبادئهم حيث واجهوا الزحف الخارجي للجيوش العسكرية الاوروبية كما الحال مع الباي أحمد باشا ، كما واجهوا ظلام الافكار المعارضة للإصلاح والتقدم كما هو الحال مع المفكر الطاهر الحداد حيث أن أفكاره كانت كحال البقية سابقة لعصره وهو ما تسبب له حملة مضادة له أطلقها شيوخ التشدد والتعصب التي وصلت حد تكفيره ومنعه من الزواج بمسلمة كما تم منعه من مواصلة دراسته للحقوق ...معانات كبيرة هي التي عاناها المفكر الطاهر الحداد عجلت برحيله الي مثواه الاخير مبكرا وفي سن صغيرة غير أن أفكاره التحريرية و الاصلاحية زرعت كبذرة في عقول النخبة التونسية المستنيرة لم تنجح قوي التعصب و الظلام في منع تنميتها حيث وظفها الحبيب بورقيبة خلال حكمه البلاد لتصدر مجلة الاحوال الشخصية بعد أربع أشهر من استلامه (ح.ب) كرسي الحكم وهو ما يؤكد صحة استنتاجات الخير الدين الباشا حيث اشترط أن تكون الشعوب و الامة بصفة عامة واعية مستنيرة تدرك مسؤوليتها وتمارس حريتها و واجباتها وتطالب بحقوقها مراقبة لسير الجكم في البلاد في ظل دولة توفر الحرية والعدل علي اعتبار العدل أساس العمر ان لما في ذلك من رفع للظلم وتحقيق المساوات مما يحقق قيم الاسلام ..خير الدين باشا و طيلة فترة اصلاحاته حاول عدم الالتزام و الاخذ بما ورد فيه نص صريح من كتاب الله و رسوله كما أنه لم يبتعد عن القيم الاسلامية خلال محاولاته استشراف لإصلاحات جديدة ايمانا منه بواجب الاجتهاد في الاسلام و بان الاسلام أحد المكونات الاصلية لهوية لهذا الشعب الذي ربط حاضره وماضيه به مما يعكس قراءة ناجحة راوحت بين الاجتهاد و الالتزام بالأصول عكست بصمات اسلامية حداثية ملموسة في واقع الناس وفي الواقع التونسي خاصة .. اجتهاد تام يحسب للتونسي خير الدين نتيجة لقراءة ناجحة ونظرة واقعية واعية استشرافية للوضع والمشهد بصفة عامة يعكس تشخيص عقلاني كرسه الالتزام المتميز فب التفكير و ممارسته الميدانية ليستبق الغرب في ارساء دولة المؤسسات .
ان عظمة خير الدين التونسي لا تكمن في دعوته العالم الي القيام بإصلاحات وانما تكمن في طريقة التفكير التي اتبعها وخاصة في دعوته الي التفكير ...
اليوم غاب التفكير وغابت معه الاصلاحات و غابت معه تونس بين مجد ماضيها و مرارة حاضرها و بات من الضروري تجاوز الجمود الفكري والعقلي و أن نتجاوز سنوات الظلام والضباب و الماسي نحو العمل والتفكر والتفكير نحو عالم الافكار والاجتهاد سبيلنا الي ذلك تجميع طاقتنا و تفعيل رؤيتنا الاصلاحية من أجل اعلاء شأن تونس بين الأمم ... معا من أجل مشروع اصلاحي وطني ينبثق من جذور هذا الوطن و أهله يسعي الي صلاح و الاصلاح هذا المجتمع تحقيقا للمنشود من رفاهية مادية وتقدم علمي و حرية و عدالة حيث لا يفوتني أن أؤكد أنني ٍأؤمن أن الاصلاح الأول يجب أن يكون في مجال العلوم والتعليم.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا