الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام العربي..بين تداعيات الراهن وآفاق المدى المنظور

محد المحسن

2015 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


على هامش المشهد الإعلامي العربي المترهّل

..هل يمكن القول بأنّ الدولة العربية قد وضعت خططا إعلامية واضحة سواء على المستوى القطري أو القومي؟أم أنّ ما نلحظه هو مجرّد توجيه استثماري أو تخطيط برنامجي قصير الأمد!؟..
وبسؤال مغاير:هل فكّر القادة العرب في وضع خطّة إعلامية دقيقة من شأنها الرد على الحملات الغربية في محاولة لتغيير اتجاهات الرأي العام العالمي المضادة للعرب،ليس تجاه قضايا سياسية معينة،وإنّما حيال الصور العربية إجمالا،ليكون ذلك أساسا لتغيير اتجاهات الغرب حيال القضايا العربية السياسية فيما بعد!؟
إنّ هذه التساؤلات-البريئة-يمكن أن تطرح على المستوى القطري كما يمكن أن تطرح على المستوى العربي،فإلى جانب التخطيط الإعلامي في كل قطر عربي،فإنّ التخطيط الإعلامي في عالمنا الراهن-الذي تزداد فيه الفجوة الإعلامية بين الدول المتقدّمة والنامية،وحيث يختلّ فيه التوازن في تبادل الأنباء والأفكار فيما بينها-يحتاج إلى أن يرتفع إلى المستوى الإقليمي حتى يتمكّن من الوقوف في مواجهة التسلّط الجديد لوسائل الإتصال في الدولة المتقدّمة.
في ضوء هذه النقطة فإنّ الدعوة إلى تخليص الخطاب الإعلامي العربي من قيود الترهّل،والإرتقاء به إلى مستوى التحديات التي يفرضها الراهن الإعلامي الكوني،ليست مقصورة على هذا القطر أو ذاك بقدر ما هي دعوة قومية شاملة،ذلك أنّ الإعلام القطري وإن نادى بعضه بشعارات قومية،لا يحقّق الوعي القومي،أي أنّنا على صعيد الأقطار العربية مجتمعة وعلى صعيد جامعة الدّول العربية،نحتاج اليوم وأكثر من أي وقت مضى،إلى ثورة إعلامية شاملة لا تتوقّف عند حدود ثورة المواصلات والتكنولوجيا وفن صياغة الخبر،وإنّما تتماهى مع كل هذا،جنبا إلى جنب مع توعية قومية أصيلة في أخطر مرحلة يجتازها الفكر القومي العربي على مدى تاريخه.
..فلأوّل مرّة هناك شعب عربيّ كامل مسيّج بالأكفان،داخل أسوار عالية-هو الشعب الفلسطيني-يتعرّض لحملة دموية مرعبة تستهدف-مسخ-هويته وسلخه من جلده.
..ولأوّل مرّة هناك شعب عربي،محاصر-بأسلاك الإرهاب-ويتعرّض -للموت التدريجي-في ظل مزايدات سياسية إقليمية ودولية-هو الشعب السوري-الذي يستغيث بكل ضمير ينبض إيمانا بوحدة هذه الأمّة وقدسية هذا الدّين..
..ولأوّل مرّة هناك تراجع وإنحسار للفكر القومي نفسه حتى أنّه يتخذ في أحسن الحالات موقفا دفاعيا،يصل بالمواطن العادي إلى حافة الإحباط..
لذلك نحن جميعا في منعطف تاريخي حاسم ومحفوف بالمخاطر،حيث يرقى الإعلام إلى درجة قصوى من الأهمية،لا بإعتباره جزءا تقليديا من مهام الدّولة،أي دولة،بل بإعتباره جيشا حقيقيا في أشرس المعارك..
ما أريد أن أقول؟
أردت اقول أنّ إسرائيل تحاربنا بجيش إعلامي يستهدف اقتلاع جذور الهوية القومية العربية من أعماق النّفس البشرية من خلال إرباك خط الدّفاع الأوّل-العقل العربي-ثم إنهاكه وتركيعه خارج حدودنا العربية،هذا في الوقت الذي تحاربنا فيه الولايات المتحدة الأمريكية بدورها-والغرب كله معها-بجيش إعلامي يصوغ الأحداث السالفة والآنية عبر تغطية كاملة تستند إلى خلفيات تاريخية مغلوطة،وتحليلات سياسية مغرضة من شأنها تشويه صورة العرب وتمجيد العنصرية الصهيونية،ولعلّ أبرز مثال لذلك الصورة الأمريكية عن العرب التي تضعنا جميعا في نمط جامد في أذهان الشعب الأمريكي تماهيا مع أهداف الصهيونية،وقد تجلّى هذا بوضوح إثر حرب 1973 حين صوّر العربي"بالنفطي"الذي يوظّف ماله"لإبتزاز الغرب"كما صوّر العربي الفلسطيني"بالإرهابي"الذي يزعج العالم بسلوكه العنيف..!
..إنّ نقاط الإلتقاء والإتفاق بين الإعلام الأمريكي ونظيره الغربي جدّ متشابهة ولا إختلاف بينها إلا من حيث إختيار نقاط الإساءة التي تصبّ جميعها في خانة التجريح لضمير هذه الأمّة ودمغ السلوك العربي بالإهتمام المفرط بالجنس والتخلّف،والتعصّب والوحشية..
وعليه،فنحن مطالبون-الآن..وهنا-بوضع خطط مرحلية وأخرى طويلة المدى للتصدي للحملة الغربية الموجّهة ضدنا والتي لا يمكن تفسيرها إلا كونها صدى للصراع الحضاري والتاريخي بين الشرق والغرب،وهي تهدف بالأساس إلى اجهاض المد الإسلامي المتنامي،علاوة على الرغبة في تكريس التخلّف العربي وكل مظاهر الإنكسار والتصدّع..
وحتى لا يسوء حالنا،أكثر مما نحن فيه،بات لزاما علينا اعتماد تخطيط إعلامي ينأى عن الإرتجال،ويتلاءم مع التنمية العربية،والإعلام المحلي والإقليمي الرامي إلى تغيير الصورة،ولن يتأتى ما نرومه إلا من خلال التخلّص من التبعية الحضارية التكنولوجية التي تطبع التكوين الإعلامي،والنجاح في خلق فكر إعلامي عربي لا يرتهن لنفوذ الخطاب الغربي،وبالإضافة إلى هذا وذاك أصبح من الضروري التفكير في إنشاء محطة فضائية عربية تتجه إلى الغرب وتخاطبه بالأسلوب المقنع والمناسب،وتردّ في ذات الوقت على الإفتراءات،بما من شأنه أن يظهر الحقائق عبر إيصال الصّوت العربي إلى الأجهزة الإعلامية المباشرة،سيما وأنّ العديد من الأصوات الإعلامية العربية قد تعالت في المدة الأخيرة منادية بتجسيد هذا الطموح..






محمد المحسن
(كاتب صحفي وعـــضو بإتحاد الكتاب التونسيين)









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام