الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات (أبو طه)

قحطان محمد صالح الهيتي

2015 / 12 / 9
سيرة ذاتية


لم يكن يجيد القراءة والكتابة،ولم يكن كاتبا ولا شاعرا، ولا فنانا، ولاعالما، ولم يكن شيخا ولا مختارا. لم يكن ياسين إبراهيم حمادي الجمعة المحمدي الهيتي(أبو طه) واحدا من هؤلاء، ولكنه ترك في قلوب الهيتين الذين عاصروه الكثير من ذكريات ذلك الزمن الجميل؛ فله مع الأحداث قصص وحكايا ونوادر، لا يتسع المجال لذكرها لأنه كان سريع البديهة واسع الخيال، ولكني سأذكر منها حكايتين كنت شاهدا عليها.
-
في الحكاية الأولى: (حكاية عنزة غاندي وعنزة ياسين)، وفيها يثبت لنا أنه عالم ببعض أمور السياسة ورجالاتها ،وأنه معتز بنفسه وليس بمنزلة أو مكانة أقل من الزعماء والرؤوساء .
-
في يوم من أيام الصيف، دخل (أبو طه المقهى) كعادته متبخترا رافعا رأسه، ملوحا بيديه، وخلفة (عنزة).تصدر على أحد التخوت في وسط المقهى وربط عنزته به، وحين قال له المرحوم شريف عبيد:(أبو طه) هذه مقهى لراحة البشر لا للماعز، أجاب على البديهة وبصورة تلقائية ومن غير تفكير: (خو عنزة غاندي مو أحسن من عنزة ياسين؟).
-
ولا بد من الإشارة إلى أن عنزة غاندي هي اشهر عنزة في التاريخ؛ تلك العنزة التي رافقته في حله وترحاله، واعتاش على حليبها عندما قاد شعبه في مقاومة سلمية قوامها عدم التعامل مع الإنكليز، ومقاطعة بضائعهم. وما هي إلا سنوات عدة حتى رضخت بريطانيا إكباراً لهذا الرجل الذي خلّده التاريخ ، وشاع القول "إن عنزة غاندي قلّمت أظفار الأسد البريطاني".
-
أما الحكاية الثانية، فهي حكاية حبه وولعه بالأرض، وبأن تكون له واحة زراعية صغيرة.وقد صرف كل ما جناه في حياته من مال من أجل تحقيق هذا الهدف ، وازدادت رغبته في ذلك بعد أن تعاقد صديقه (المناكد له) قدوري جاسم عرب على ارض زراعية في (عين أبه) على طريق هيت-كبيسة.
-
في اليوم الذي احتفل فيه قدوري بتشغيل مضخة بئره أقام لنا- نحن من ساعدناه في مديرية الزراعة- وجبة عشاء في تلك المنطقة وكان (عگيد) الجلسة (أبو طه). في ذلك اليوم اقسم أبو طه بأن يقيم لنا وجبة أحسن من وجبة (غريمه) قدوري في مزرعته؛ فقبلنا الدعوة . و عندما دعانا (أبو طه) كانت مزرعته (ارضا) على الخارطة فقط.
-
عاونا (أبو طه) في إجراءات التعاقد ، ووقع العقد. وبدأت المعاناة، بحفر البئر، واستمر بالحفر بكل الأدوات و شتى الطرق ولم يصل الى مستوى المياه الجوفية في المنطقة ، فما كان عليه إلا أن يذهب الى المرحوم الشيخ صبحي الهيتي قائلا له:" شيخ تقول أن الأرض سبع طبقات وأنا حفرت سبعين طبقة ولم يخرج الماء، شنوأسوي؟" عندها ضحك الشيخ ودعا له بتحقيق غايته.
-
ومع هذا لم ييأس (أبو طه) فاشترى مضخة الماء، ونصبها ووفرالوقود اللازم لتشغيلها،وحيث أنه التزم تجاهنا بوجبة عشاء في مزرعته عند تشغيل المضخة؛ فقد برَّ بوعده فكانت الدعوة في ليلة مقمرة من ليالي خريف هيت.وصلنا (مزرعة) أبو طه وبدأ (بالشوي) ، وشغل (الماطور) ووخرج الماء، عندها بدأ يهزج ( بيرنا مايه حلو على عناد قدوري). انتهت الليلة بفرح غامر وذكريات جميلة لا تنسى عن تلك الليلة.
-
لم تنتهِ القصة بتلك الليلة عند هذا الحد، فبعد أيام ورد الخبر من جهينة بأن الماء الذي كان في بئر (أبو طه) يوم الوليمة ماءً فراتا وصله بسيارتين حوضيتين من سيارات بلدية هيت وأن بئره بدون ماء .
-
هذه حكايتي عن ( أبو طه)، وهناك الكثير منها أتمنى ممن يعرف منها شيئا أن يذكره ، لتبقى ذكرى هذا الرجل الطيب خالدة في قلوب من عرفه ومن أحبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القط لاري حارس مكتب رئيس الوزراء في بريطانيا • فرانس 24


.. رئيس الوزراء البريطاني الجديد يبدأ زيارة إلى أجزاء المملكة ا




.. وجه فرنسا يتغير.. زلزال سياسي بعد اقتراب أقصى اليمين من الحك


.. هل يعاني نجوم إنجلترا مع ساوثغيت؟ ولماذا انهار الأتراك في ال




.. حزن يخيم على عائلة مقدسية أثناء هدم الاحتلال منزلهم