الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن السعيد وشعار الكلسون – أدب ساخر -

تحسين يحيى أبو عاصي

2015 / 12 / 10
كتابات ساخرة


الوطن السعيد وشعار الكلسون – أدب ساخر -
على ألحان تحت الشجر يا وهيبة يا ما أكلنا برتقال ، أُزيح الستار وبدأت مسرحية الوطن السعيد ، ممثلون من هواة الرقص أجادوا ادوارهم بمهارة ، كانت المسرحية على شرف الموسيقار الصهيوني دانييل بارنباوم الذي أيد مذبحة غزة ، ومعه فرقته المشهورة المكونة من العرب واليهود معاً . كان الممثلون يتكلمون بكل لغات الأرض ، ويرفعون شعار الكلسون والبكيني والسيجار الكوري الفاخر ، ويتحركون كالرسومات المتحركة ( سبستو العصر ) وهم يغنون ( بحبك يا حمار ) ، ظهر الممثلون بدون لباس يستر عوراتهم ، يشربون نخب النصر، فقد باتت سوآتهم مكشوفة من بعد أن وقعوا في الخطيئة لأنهم أكلوا من تلك الشجرة ، وطفقوا يخصفون عليهم من ورق يحسبونه من ورق الجنة ، من الممثلين على خشبة مسرح الوطن السعيد من كان ينهق بالوطنية ، ومنهم من كان ينعق بالثورية ، ومنهم من كان ينبح بالتقدمية ، ومنهم من كان يعوي بالحرية ، ومنهم من كان يُنقّق بعلمانية لا دينية ، ومنهم من كان يخور بالإسلامية بعقول محشوة بالجبس والأسمنت المسلح ، وقد تقطعت حبال صوته وهو يردد إسلامية إسلامية لا شرقية ولا غربية ، وكل يرغب في حق تقرير مصير الوطن السعيد على أنغام دبكة على دلعونة ، لقد أجادوا تشخيص وحل مشكلات شعبهم ، مشاكل البنية التحتية والفوقية على الطريقة العونطجية ، وحل مشكلات البيئة والتلوث على طريقة اللف والدوران ، ومشاكل الأمن والمياه والحدود على طرية زقزق رقص ، ومشكلات الأزمات السياسية على موسيقى هوك بوك ورقصات مايكل جاكسون صديقهم الحميم ، والجميع يرغب في صناعة الفلسطيني الجديد ، وملء الفراغ الدستوري وفق القانون المسرحي المدون في ملفات وثيقة جنيف ... فعاش الوطن عاش ، فلقد نجح نهج التمثيل السياسي بامتياز . كان المتفرجون عبارة عن مزيج من التبر والعجم والقش والتبن وزوان القمح ، وكانوا يصفقون وينفعلون وفق الأداء المسرحي ، وكان من بينهم السياسي والدبلوماسي والعسكري ، والتاجر والمستقل والمؤطر ، والمتعلم والمثقف ، والجاهل والأمي ، والتقدمي والرجعي ، والخائن والوطني ، والمقاوم والمقاول ، والمفرط والمتمسك ، والعامل والبائع ، والصانع والعاطل ، ورجل المال والأعمال ، وجميع مدمني الترومان والفاليوم ، وكل أصحاب البيزنس مان ، من أنصار ومؤيدي ودعاة وقادة وكوادر ومحبي العروبة والقومية والدين ، والاقتصاد والمال ، والعمال والكادحين والفلاحين ، ومن آكلي البلح والبيض ، وشاربي حليب النوق ، واللص والحرامي ولعيب الثلاث ورقات ، وجميعهم في خدمة الوطن السعيد من فوق خشبة المسرح الفلسطيني ،وكانوا تارة يجلسون ، وتارة يقفون ، وتارة يتمايلون كالثمالى ، وتارة يتحمسون ، وتارة ينفعلون ، وتارة يصرخون ، وتارة يصخبون ، وتارة تعلو أصواتهم وتموج أجسادهم ، وتارة يترقبون فينصتون وتارة يرقصون على أنغام طبّل طبّل يا عبود ورقّص أم لعيون السود ، واختلط الحابل بالنابل كما اختلط الرقص بالسياسة ، وكما اختلطت السياسة بالتمثيل ، كأنهم مصابون بمراض الزهايمر ، وقف جميع الممثلين ( وقفة استراحة المقاتل ) لكي يحصل كل واحد منهم على نصيبه من لحس الآيسكريم العربية ، وشرب البسبس كولا الوطنية ، وأكل هامبرغر الثورية ، وعض بيتزا التقدمية ، في زمن الهبِّ والدبِّ الإسلامية والوطنية ، فعاشت الأمة العربية . وعند نهاية المسرحية كان المخاض عسيرا ، فقد أسدل الستار، وانتهت المسرحية ، وخرج الجميع من المسرح في الوقت الذي أغلقت فيه جميع أبواب العيادات والمصحات النفسية ، وسط ليل حالك السواد ، امتلأت سماؤه بخفافيش الظلام التي لا معارض لحلكة ليلها غير نقيق الضفادع ونعيق البوم .
عظم الله أجركم ورحم موتاكم .... وعاش الوطن السعيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال