الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في القطيف: العيد عيدان وأكثر!

علي فردان

2005 / 11 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


كعادة كل عام، وكعادة شيوخ منطقة القطيف، يأتي العيد عيدين، وأحياناً ثلاثة، كما حدث قبل سنوات حيث كان للقطيف عيدين ولسيهات وتاروت والعوامية وصفوى عيدين متداخلين فأصبح العيد ثلاثة أيام.
وأنا أكتب هذا المقال، في البحرين الشقيقة، قام أكثر من 25 شخصاً رأوا هلال العيد وذهبوا للشيخ لإثبات العيد، وكان الرد أن المرجع لم يفتي بأن العيد "الخميس"، ولم يأخذ شهادتهم. الأسوء ليس ما يحدث في البحرين، بل في منطقة القطيف حيث ليلة العيد يقوم شيوخنا "الأفاضل" والمحسوبين علينا بأنهم المتحدثون الرسميون باسم شيعة المنطقة، يقوم الشيوخ بفصل هواتفهم الخلوية والثابتة ولا يردّون على الهاتف.
في الوقت الذي يحتاج الناس لهؤلاء الشيوخ للرد على تساؤلاتهم حول العيد، وإن كان هناك من رأى الهلال وتم تثبيت شهادته، يُصاب الناس بخيبة أمل تتكرر كل عام، فلا يصلون إلى نتيجة حاسمة، وبهذا ترى البيت الواحد به عيدان. يحاول البعض الاتصال ببعض مشايخ الشيعة في مناطق مختلفة مثل الأحساء والمدينة المنورة، وأحياناً الكويت، ولكن الوضع هو هو، فماشيخ الشيعة ينتمون لنفس الفكر. بعض الشيوخ أو المشايخ يفتي بأن "غداً" ليس بعيد، ويقوم بقطع مسافة ويفطر، ويقوم بتوريط الناس، حيث يفتوا لهم بأن العيد لم يأتي، مع أن من رأى هلال العيد هم أنفسهم الذين رأوهم العام الفائت.
إذاً، لما لا يتم تثبيت العيد، إذا كان نفس الأشخاص يرون الهلال وهم ثقة عند الشيخ؟ الجواب عند الشيوخ، تارةً تحت الخوف من الله وأن يتسبّبوا في أزمة أو خطأ، ولكن السبب الحقيقي هو أن هؤلاء الشيوخ لهم مصالح مع هذا العالِم أو ذاك، أو من تحت يده الأوقاف والمواريث في المحكمة الجعفرية في القطيف والذي يستطيع أيضاً أن يوقف تصديق عقود الزواج إذا ما خالفه هذا الشيخ أو ذاك. لهذا يرجع الموضوع في صلبه إلى مصلحة دنيوية وليست دينية يضيع فيها عامة الناس لمصالح هؤلاء الأقلية من الشيوخ الذين باعوا دينهم من أجل مصالحهم الشخصية.
عامة الناس هم ضحايا هؤلاء "المتمشيخين" فهم يختفوا عند الحاجة وأهم حاجة لهم هي البت في مسألة عيد رمضان. لا أدري لماذا يصر أكثرية الناس في سؤال هؤلاء المشايخ الذين أثبتت السنون والأحداث بأنهم لا يأبهون لمصالح الناس وعلى استعداد لبيع دينهم من أجل مصالحهم الخاصة، وبالتالي يضيع الناس خلفهم بسبب ثقة مزعومة بأن هؤلاء الشيوخ أفضل من يمثّل عموم المواطنين الشيعة في منطقة القطيف.
هذه الحادثة قبل سنوات كان بطلها أحد الشيوخ من الكويت، وقد أجاب بعدم وقوع العيد وبعدها اتضح بأن الذين رأوا الهلال أتوه، وهم أنفسهم الذين يأتوه كل عام ولم يقم بتثبيته لأن "شيخاً" آخر يتبعه هذا الشيخ لم يرى في وقوع العيد، وتربط هذا الشيخ بذاك مصالح. الشيخ وهو متأكد من أن العيد قد حان، قام وقطع مسافة وأفطر، تاركاً ألوف الأشخاص الذين وثقوا فيه وسألوه يصومون يوم العيد، ولم يكتشفوا الحادثة إلاّ بعد أيام من العيد. لكن الناس في عمومهم بسطاء، ويحاولوا البحث عن أعذار وأسباب لهذا الشيخ، ولكن لا يبدو أن الشخص العاقل يستطيع أن يتقبل هكذا آراء مخالفة للدين ومخالفة للعقل.
تتكرر المشكلة كل عام، والآن يبدو أن أحد الشيوخ في العوامية قد قام بتثبيت العيد ضارباً بعرض الحائط ما يراه بقية الشيوخ الذين تربطهم ببعض مصالح مادية كبيرة، على إثرها بقيت هواتفهم صامتة صمت الليل البهيم. أمام ناظري حاول أحد الأخوة الاتصال بمكتب الشيوخ المعروفين إثباتاً لي بأن هذا الشيخ قد أقفل هاتفه ولن يرد، وفعلاً لم يرد المكتب على الهاتف، والسبب كما ذكرت سابقاً هو التهرب من الرد على سؤال حلول العيد.
يزداد الوضع تعقيداً عندما نتعرف على أن كثير من مشايخ القرى والمدن يرفضون تثبيت الهلال واستقبال الشهود لأن شيوخ مدينة "القطيف" لم يروا أن العيد قد أتى، وبالتالي تتضارب مصالحهم مع أهل منطقتهم الذين يدفعون أخماسهم لهؤلاء المشايخ. هؤلاء المشايخ يصدّقون على شهادات الشهود فقط حين يكون قد تم تثبيت العيد في مدينة القطيف على يد ذلك الشيخ "الهزبر"، ويتفاخرون بأنهم قاموا باستقبال الشهود، ولكن حين يتضارب ذلك مع "أصحاب المصلحة"، تراهم يرفضون شهادة الشهود أو أن يقولوا بأن عليهم أن الذهاب للقطيف لتثبيت شهادتهم، أو على أقل تقدير يختفوا من المنطقة أو تصمت هواتفهم مثل الأموات.
الأيام تلوى الأخرى تثبت لي على الأقل، بأن أكثر شيوخ المنطقة، ولن أقول كلّهم، هم من أصحاب الهوى، ولا يروا غضاضة في استغلال الناس والسيطرة عليهم باسم الدين ويستلموا تبرعاتهم وأخماسهم ليعيش بعض هؤلاء الشيوخ في بيوت فارهة ويستثمرون مبالغ ليست بالقليلة في محافظ بنكية تدر عليهم أموالاً إضافية، في الوقت الذي يعيش الكثير من الناس حياة الفقر والحاجة.
للأسف، فإن أكثرية الناس لازالت ترى هالة تحيط بهؤلاء الشيوخ، هذه الهالة لها تاريخ قديم ولا يبدو أنها ستتوارى قريباً فهؤلاء الناس يتم تجييشهم باسم الدين وباسم الطائفة الشيعية فيدفعوا أموالهم بعاطفة ونخوة لبناء مسجد يكلّف 8 ملايين ريال، في الوقت الذي يعيش البعض لا يستطيع أن يجد قوت يومه، وكأن بناء مسجد بهذا المبلغ أهم من توفير وظيفة لمحتاج أو لقمة عيش لفقير.
أتصور هؤلاء المشايخ يتهامسون فيما بينهم ويقولون "يا لهؤلاء البلهاء الذين لم يتعلمّوا ولن يتعلّموا أبداً من دروس الماضي"، أتصور هؤلاء المشايخ يدعون الله ليل نهار لأن يطيل في أعمار هؤلاء الناس حتى يستمر اعتمادهم على هؤلاء الشيوخ ليسلبوا مالهم وعقلهم ودينهم أيضاً.
أكتب هذا المقال ولم يتبقى على بزوغ فجر العيد إلاّ ساعات قلائل وأرى أن المنطقة قد انقسمت بين صائمٍ وفاطر، سائلٍ لشيخ هنا وهناك باحثاً عن إجابة شافية، ولا أعتقد أن الإجابة الشافية ببعيدة، هي فقط أن هؤلاء الشيوخ ليسوا أهلاً للثقة، ولا أهلاً للسؤال، فهم ينطبق عليهم "لقد باعوا آخرتهم بدنياهم".
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لمحة عن حياة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي


.. بالخريطة.. تعرف على طبيعة المنطقة الجغرافية التي سقطت فيها ط




.. شاهد صور مباشرة من الطائرة التركية المسيرة -أكنجي- والتي تشا


.. محاكاة محتملة لسقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في م




.. أبرز حوادث الطائرات التي قضى فيها رؤساء دول وشخصيات سياسية و