الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم من مدينتي ، سطام سبتي السعدي الهيتي

قحطان محمد صالح الهيتي

2015 / 12 / 11
سيرة ذاتية


الزمان خريف 1955 والمكان هو (ملحق) مدرسة غازي الابتدائية للبنين ، وهو البيت المعروف ببيت (خويصيدام) .في ذلك (الملحق) الواقع في الشارع الذي كان معروفا في ذلك الوقت بشارع (الحلاب)،ثم عرف بشارع (حجاب) كانت بدايتي مع التعلم.
-
في ذلك الزمان وذلك المكان،عرفت معلما اسمه سطام سبتي. في ساحة ذلك البيت الصغير تزاحمت أحلامي، فنسيت بعض هموم سنواتي الست التي تسبق الدخول الى المدرسة، ومابين فرحي في مدرستي وهمومي، سمعت صوتا لم أسمعه من قبل، ولكني عرفت بأنه الصوت الذي علينا أن نحترمه من الآن فصاعدا. إنه صوت جرص المدرسة.
-
دق الجرص،وكان عبارة عن قطعة شيلمان صغيره معلقة على الجدار.وقد تولى الأمر أحد الطلبة بأمر من أحد المعلمين. أرشدنا الأكبر منا والراسبون في الصف الأول الى غرفة من غرف الدار؛ وقالوا هذا صفكم ، إدخلوا، وانتظروا المعلم، بعدها أخذ من نصب نفسه مراقبا علينا بإصدار الأوامر تلو الأخرى، وأهمها الجلوس على الرحلات، والهدوء والسكوت لحين حضور المعلم.
-
جلسنا على الرحلات التي كانت اقل عددا منّا ننتظر المعلم الذي دخل الصف؛ فصاح المراقب قيام؛ فقمنا استقبالا للمعلم.سالت من كان جنبي عن اسمه فقال: هذا أستاذ سطام. وبعد أن أمرنا الأستاذ سطام بالجلوس، بدأ حديثه معنا فكان حديثا أبويا تربويا ما زلت اذكره ، واعمل به كلما تذكرت (أوائل) من أثروا بي وتأثرت بهم.
-
ويبقى الفضول عند الصغار اكثر مما عند الكبار، وتبقى أسئلتهم تبحث عن الأجوبة، وهذا ما كان عندي في ذلك اليوم ؛فبعد أن انتهى الدوام ولم استلم الكتب ولا الدفاتر في ذلك اليوم خرجت فرحا راكضا الى حيث بيتنا . وكالعادة كانت كثيرة أسئلة الأهل عما جرى في ذلك اليوم كونه أول يوم دراسي لي. ولكن أسئلتي كانت أكثر من كل أسئلتهم، وكان محورها سؤالا كبيرا هو : من هو المعلم سطام سبتي؟
-
عرفت من الإجابة في ذلك اليوم، ومن مسيرة هذا العلم المعلم ،أنه ولد في هيت في يوم من أيام عام1920 ، ودخل مدرسة هيت الابتدائية للبنين، وبعد أن أكمل دراسته فيها التحق بدار المعلمين الريفية في بغداد وتخرج منها عام 1941.
-
في 29 / 10 /1941 عُينَ معلما في لواء المتفك، ونسب للعمل في مدرسة من مدارس الأهوار وتقع في المنطقة التي تسكنها عشيرة أل جويبر، وبقي فيها بحدود العامين.بعدها مارس التعليم في اكثر من مدينة في العراق حتى نقل الى مسقط رأسه معلما في مدرسة الهاشمية.
-
وبتاريخ 1 / 9 / 1953 نقل الى مدرسة غازي واستمر بالتعليم فيها حتى عام 1964 حيث صدر الامر الإداري ذو الرقم/ 23142 في 20 / 10 / 1964 بتعينه معاونا لمدير المدرسة، واستمر بهذا المنصب حتى احالته على التقاعد في عام 1970بموجب الامر الإداري 21 / 11263 في 7 / 6 / 1970بعد ثلاثين سنة قضاها في التعليم، وكان في خلالها مثالا للمعلم والمربي القدير. وبعد احالته على التقاعد غادر مدينة هيت واستقر في بغداد ليوفرالمناخ المناسب لأبنائه وبناته لإكمال دراستهم الجامعية.
-
لقد تم فتح ملحق مدرسة غازي بسبب عدم اكتمال بناء الصفوف الأربعة التي أضيفت الى بناية المدرسة ،وهي البناية القائمة لحد اليوم والمشغولة حاليا من قبل اعدادية الزراعة واعدادية الصناعة.و بعد أن انتهى بناء الصفوف الجديدة تم نقلنا اليها ؛وصار مرشد الصف علينا المعلم حسين رجب محمد، وتخليدا لذكرى هذين العلمين وأثرهما في حياتي؛ فقد ذكرتهما في قصيدتي دار سعدى :
-
فجئتُ أسالُ عن صحْبي ومدْرستي
غازي و عن بيرق ٍ ما زال مُنعقـِدا
-
عن (النضال)التي صارت شريعتنا
فصرتُ مـن صفوِها ساق ٍلمن وَرَدا
-
ففي النضال ِارتدتْ نفسي محاسنَها
علمــا ًوحُبّــا ًوأخلاقـــــا ًومعتقــدا
-
كـان الأميـرُ على صفـّي بملحقهـــا
( سطام سبتي ) وكـنّا أخوة ًسُعـَـدا
-
فـــي صفـّها الأول ِالألفــيِّ علّمني
(حسينُ بن رجب ٍ) الحرف والعددا
-
بمبادرة مشكورة من الصديق العزيز عامر سلمان هندي التقيت معلمي سطام في عام 1995 في الرمادي، وقد حدثني عن بدايات تعينه في إحدى مدارس الأهوار وبالتحديد في مدرسة عشيرة آال جوبير وكيف كان يتواصل مع زملائه المعلمين من أبناء مدينة هيت بالمشحوف وعن معاناته بعد الزواج في تلك الفترة.
-
دونت ما حدثني به في دفتر مذكراتي واحتفظت به كشهادة صادقة عن تاريخ علم من أعلام مدينتي، ولا أدري اليوم أين أصبحت تلك الشهادة بعد أن احتل أعداء الحضارة والتاريخ والعلم مدينتي وبيتي ومكتبتي، وما اكتبه اليوم هو ما بقي في ذاكرتي من ذلك الحديث.
-
ما اتذكره من حديثه أنه كان طالبا في مدرسة هيت الابتدائية للبنين في العام الدراسي 1935/ 1936وكان معلم الرياضة عندهم المعلم أحمد حسن البكر رئيس الجمهورية الأسبق، وتقررأن يشارك طلبة مدرسة هيت في مسيرة الاحتفال بذكرى تتويج الملك غازي، وقد وافق المعلم أحمد حسن البكر أن يشترك بالإستعراض مع طلابه بشرط أن لا يلبس طلبة مدرسة هيت الابتدائية للبنين المشاركين بالاستعراض أية ملابس أجنبية ، وهذا ما عرف به أبناء مدينة هيت حيث ذكره الكاتب ميخائيل أفندي توماس ،في مقاله المنشور بمجلة النجم الموصلية ، السنة السابعة،العدد السابع، ايلول 1935،حيث قال:" ومما يثنى على أهل البلد روح الوطنية فيهم وخاصة التلاميذ، فهم يقاطعون البضائع الأجنبية منذ ست سنوات وكلهم يلبسون السدائر الوطنية والأقمشة الوطنية." وقد شاركوا بالاستعراض ونالوا إعجاب الحضور بانضباطهم وبملابسهم الوطنية.
-
رحم الله سطام سبتي، المعلم الذي كان أول من علّمني، وأول من وقف أمامي مرشدا الى طريق الحق والفضيلة والصواب، وما زال ذكره في قلوب ووجدان طلبته ومحبيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القط لاري حارس مكتب رئيس الوزراء في بريطانيا • فرانس 24


.. رئيس الوزراء البريطاني الجديد يبدأ زيارة إلى أجزاء المملكة ا




.. وجه فرنسا يتغير.. زلزال سياسي بعد اقتراب أقصى اليمين من الحك


.. هل يعاني نجوم إنجلترا مع ساوثغيت؟ ولماذا انهار الأتراك في ال




.. حزن يخيم على عائلة مقدسية أثناء هدم الاحتلال منزلهم