الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى سوريا.. العجلة بدأت تدور

رياض حسن محرم

2015 / 12 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


أدرك الغرب أخيرا أن إستمرار الصراع فى سوريا سوف يؤدى بالضرورة الى إطالة عمر داعش وتحولها الى تهديدهم فى عقر ديارهم، لقد أيقن الجميع أن الحسم العسكرى بات من المستحيلات بعد أن أنهكت جميع الأطراف وتحول خطر داعش الى أماكن عديدة إقليميا ودوليا وخاصة بعد تفجيرات باريس وهجوم سان برناردينو بكاليفورنيا ما دفع بالجميع لأول مرّة الى الإنخراط فى عملية سياسية جادة لمحاصرة ذلك التمدد، فالسعودية التى هى غارقة فى حرب مأزومة باليمن مع سقوط رهانها على أمريكا وتركيا التى تعيش أزمات داخلية معقدة وقد تكثفت أكثر بعد إسقاطها للطائرة الروسية وليس الوضع الروسى بأفضل كثيرا بينما قررت الولايات المتحدة نفض أيديها من صراعات الشرق الأوسط بعد تفاقم أزمتها الإقتصادية.
تعيش سوريا منذ أكثر من 4 سنوات مأساة أشبه بالميثالوجيا الإغريقية من قتل عشوائى لمئات الالآف وتدمير البنية التحتية منذ أن تحولت الإنتفاضة الشعبية السلمية المطالبة بالحريات والكرامة فى مارس 2011 الى صراع مسلح ذو أبعاد طائفية مرتكزا على قمع النظام من جهة والى التدخل الخارجى الإقليمى والدولى من تمويل وتدريب وإمداد المعارضة التكفيرية بالأسلحة من جهة أخرى، فى الجانب الآخر فإن إيران من خلال كتيبة القدس والحرس الثورى وحلفائها فى العراق "كتائب أبو الفضل العباس" و "حزب الله" إتخذت قرار التدخل فى سوريا لمساندة نظام الأسد، وأخيرا قرار روسيا التدخل بكل قوتها الى جانب الجيش الوطنى السورى والنظام، وإندفاع فرنسا وبريطانيا وألمانيا ودول غربية أخرى للإعلان عن إرسال قواتها لمحاربة داعش.
مازال النظام الدولى الجديد فى مرحلة تشكل، ولكن الثابت أنه قد بدأت مرحلة الخروج من الأحادية القطبية الى عالم متعدد الأقطاب فلم تعد أمريكا بقيادة الليبراليين الجدد تتخكم منفردة فى مصائر الشعوب وإندفاعها لتحطيم الكيانات القومية خاصة دول الطوق المحاذية لإسرائيل لتظل وحدها الدولة القومية القوية بالمنطقة وذلك من خلال الحرب بالوكالة أو الحروب البديلة التى يمكن أن تحقق ما عجزت عنه تلك الحروب المباشرة من تمزيق المجتمعات العربية وإرجاعها الى أصولها البدائية والعرقية والقبلية الأولى، بل علينا أن ندرك أن قوى جديدة فاعلة بدأت فى المنافسة الحقيقية للدور الأمريكى فى المنطقة والعالم من بينها بالطبع الصين وروسيا.
من خلال ذلك التنافس بين الغرب وروسيا على ضرب داعش فإن هناك مصلحة مشتركة فى تصفية التنظيمات الإسلامية المتطرفة مع الإدراك بأن ذلك لن يتأتى الاّ عبر الحل السياسى فى سوريا، من هنا بدأ التقارب الروسى- الأمريكى فى تسوية إستمرار بقاء الأسد خلال المرحلة الإنتقالية بما يعنى محاولة إطفاء الحريق السورى وإخراج اللعبة من يد اللاعبين الإقليميين، وتوصل الطرفين من خلال لقاءات عديدة الى ضرورة أن تبدأ المفاوصات لفتح الطريق أمام مرحلة إنتقالية يشارك فيها النظام والمعارضة وتغيير الدستور تمهيدا لإجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية حرة تحت إشراف الأمم المتحدة مع الإتفاق على شكل النظام القادم وضرورة أن يكون علمانيا، رغم ذلك سوف تستمر التجاذبات بين جميع الأطراف خصوصا حول الموقف من الأسد ومؤتمر المعارضة السورية بالرياض فى 8 ديسمبر الحالى خير شاهد على ذلك.
فى الرياض حاولت السعودية مبكرا "بالتنسيق مع واشنطن" حرف المؤتمر لتبنى وجهة النظر التى تعتمدها بدئا من الدعوة لذلك الإجتماع الذى ضم تنظيمات مسلحة تكفيرية تسعى لإقامة دولة إسلامية على غرار داعش والقاعدة مثل (جيش الإسلام، أحرار الشام، فيلق الشام، جيش اليرموك، سيف الشام، ثوار سورية، شباب السنة، تجمع أحمد العبدو، الجبهة الجنوبية، حركة شباب السنة في بصرى الشام، جبهة ثوار سوريا التي يقودها أبو أسامة الجولاني) "وجميعهم يشاركون جبهة النصرة فى جيش الفتح الإسلامى"، بينما أعلن "هيثم منّاع" الممثل للجنة مؤتمرالقاهره رفضه المشاركة بسبب حضور منظمات إرهابية معروف تنسيقها المسبق مع القاعدة وداعش، وقد توافق المشاركون على رحيل نظام الأسد بكافة رموزه وخروج القوات المحتلة الإيرانية والروسية وحلفائهم من سوريا دون الإشارة الى عشرات الالآف من الإرهابيين المدعومين من تركيا والسعودية ودول الخليج بينما تم إستثناء "الإتحاد الوطنى الكردستانى" الذى يضم قوات حماية الشعب العدو اللألد لداعش مراعاة لخاطر الحليف التركى، ربما كان الإنجاز الوحيد لهذا المؤتمر هو تجميع قيادات سياسية وأخرى عسكرية ميدانية على نفس الطاولة لأول مرّة، ومن المفارقات أن يعلن إتفاق جميع القوى بالرياض على مدنية الدولة السورية "متجاوزين ما تم الإتفاق عليه قبلا من علمانية الدولة"، علما بأن شعار مدنية الدولة يعد فى حقيقته خادعا وتلاعبا لفظيا سبق لتيار الإسلام السياسى فى مصر تمسكه به بينما كانوا يضمرون تفسيرهم الخاص بأن ما يقصدونه بالمدنية هى دولة الرسول بالمدينة.
رغم التباينات والتناقضات الكثيرة حول مؤتمر الرياض والإختلافات الجذرية حول ما تمخض عنه ولكننا ننتظر رحلة طويلة من الصراع السياسى فى لقاء واشنطن ومؤتمر جينيف 3، ولكن الحقبقة الثابتة أن عجلة الحل بدأت فى الدوران.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 10 سنوات من الحرب.. أطفال اليمن، أجيال مهددة بالضياع!


.. ماكرون يقامر بانتخابات مبكرة... هل يتكرر سيناريو ديغول أم شي




.. فرنسا: متى حُلّت الجمعية الوطنية في تاريخ الجمهورية الخامسة


.. مجلس الحرب الإسرائيلي.. دوره ومهماته | #الظهيرة




.. هزة داخلية إسرائيلية.. وحراك أميركي لتحقيق الهدنة | #الظهيرة