الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاطع .. والحبر في إصبعه ..

محمود الزهيري

2015 / 12 / 11
الادب والفن


اتصلت به زوجته بلهجة تتسارع نحو الإنقاذ من مصيبة أو داهية أو كمن يشارف علي بلوغ ناصية الهلاك , وهو يردد ماتتلفظ به من كلمات لأنه لايدري ماذا تقصد زوجته من هذا الإتصال :
إبنة شقيقتك منعوها من دخول اللجنة للإدلاء بصوتها لمرشحي التيار الذي يقف ضد مرشحي تيار آخر ظل في الحكم والسلطة سنوات عجاف علي الشعب سمان لطاف علي من في السلطة , وصاحبهم قانون الطواريء والأحكام العرفية طوال مدة حكم هذا الحزب التي اتسمت بالفساد والطغيان والإستبداد الراعي الرسمي لهذه المنظومات الملعونة , فما كان منه إلا أن يذهب بنفسه ليحرض أشقاؤه وشقيقاته وأبنائهم للإدلاء بأصواتهم ضد مرشحي السلطة , وحال دخول شقيقته اللجنة الإنتخابية تناست شقيقته أن معها بطاقة الرقم القومي الخاص بإبنة شقيقتها الأخري , ولذلك منعوها من الدخول إلا ببطاقتها , وحال وصوله حسب اتصال زوجته , ردت عليه قائلة بأن المشكلة لم تعد موجودة , فحال وصوله خرجت شقيقته من اللجنة لتعطي إبنة شقيقتها بطاقتها لتدلي بصوتها داخل اللجنة , وحال وجوده أمام اللجنة تصادف وجود أحد الأصدقاء جالساً أمام منزله فأشار له بشرب كوب من الشاي وكرسي دخان زغلول علي النرجيلة , فرفض الشاي واكتفي بالنرجيلة , وحال ذلك أتي إليه أحد أعضاء الحزب الحاكم بتفاهته المعهودة وكذبه المشلول العاجز عن بلوغ مراميه إلا مع أسرته وأقاربه الذين ينطوي سلطانه عليهم بالتصويت لمرشح الفساد , مثله في ذلك مثل صاحب النرجيلة , إلا أن الفارق بينهما يسكن في المصلحة الفردية والأثرة والأنانية بدرجة مفرطة في الحقارة المساندة لمسيرة الإستبداد والطغيان والفساد , أما هو فيحتفي علي الدوام بمفهوم النقاء الثوري , والشرف الوطني عبر مسيرتهما السياسية بأبعادها الإجتماعية المعاصرة لألام وأحزان ومشاكل وأزمات المواطنين المهمشين من سكان المقابر وعشش الصفيح وتحت الكباري والعشوائيات ..
حضر إليه وهو يدخن النرجيلة قائلاً له من غير أن يسأله :
بصدق وبصراحة , مازلت مقاطع للإنتخابات لأنها لن تجدي نفعاً , ولن تصلح ماتم إفساده لمدة 30 سنة عجاف من حكم حزبه الذي ينتمي إليه ويتنكر للإنتماء إليه ولا يجد سوي حكاية واحدة يتشرف بها ويزين تاريخه الملوث بها , قائلاً ومردداً لها بلا خجل وبلا حياء من تكرار ها , فهو من حمل المعارض الثوري علي كتفيه في سبعينيات القرن الماضي , وهو من استقبل الشيخ إمام ومعه عمي أحمد فؤاد نجم , وهكذا يري في هذين المشهدين نقاؤه وثوريته ولا يجد غيرهما , برغم كذبه ونفاقه وغشه بل سرقاته وسلبه ونهبه عبرترتيب الأوراق في بند الصادر والوارد والمصروفات في الدفاتر الرسمية ..
تركه بالرغم من كذبه ونفاقه وظل يسترسل في الحديث إلا أن قام بالتوجه بالقرب من اللجنة بعد نداء أحد أبنائه عليه , ثم دلف خلسة إلي اللجنة وأدلي بصوته , وصار صابع يده مازال مبلل بالحبر الذي يمنعه من تكرار الإدلاء بصوته حسب تعليمات اللجان الإنتخابية , وفي هذه اللحظة شاهده , وحضر إليه مسرعاً قائلاً له :
أليس أنت من تدعي أنك مقاطع للإنتخابات ؟!
فرد عليه وهو في حالة من الإرتباك والحيرة والخجل المرضي وكأنه أرتكب جريمة أخلاقية يتوجب سترها عن أعين الناس , قائلاً : بالفعل لم أنتخب , ومازلت مقاطع للإنتخابات , وأشار بيده بدلالة عدم وجود الحبر علي أحد أصابعه , وأخفي يده الأخري خلف ظهره , وماكان منه إلا أن أمسك بيده الأخري ليظهر الحبر الذي لوث أصابعه بتصويته لمرشح الفساد والسرقة والنصب والواسطة والمحسوبية : وهناردد عبارات يغلب عليها التهتهة ومفادها أنه حر في رأيه سواء بالإدلاء بصوته أو بالمقاطعة , وفي هذه اللحظة حضر جميع أشقاؤه وأبنائهم بعد أن أدلوا بأصواتهم ورحلوا عن اللجنة الإنتخابية , إلا هو ظل يراقب ويفضح أدعياء الكذب والنفاق والغش من أرباب الفساد والطغيان الساقطين في بحيرة الإستبداد الآسنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس


.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8




.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و


.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح




.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة