الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفوذ التركي في العراق الى اين .......

عمار سعدون البدري

2015 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


النفوذ التركي في العراق الى اين .......

عمار سعدون البدري
تركيا هي واحدة من اللاعبين الإقليميين الأكثر تأثيرا في السياسة العراقية ويظهر هذا التاثير من خلال تدخل تركيا في كركوك والموصل بحجة حماية التركمان في العراق مدعية بان لها حقوق تاريخية في هذه المدن العراقية فقدتها بسبب البريطانيين عام 1925. تأثير تركيا في السياسة الخارجية للعراق يظهر بوضوح عندما شاركت تركيا في الصراع على السلطة تحت رعاية الأمم المتحدة لحماية الأكراد العراقيين من بطش نظام صدام بعد انتفاضة عام 1991 في شمال العراق. في بداية عام 2003، تركيا لم تدعم الحرب التي شنتها الولايات المتحدة ضد العراق عام 2003 بسبب الضغط الجماهيري. ومع ذلك، في 21 مارس 2003، سمح البرلمان التركي للأميركيين إلى استخدام القواعد التركية في قصف الاراضي العراقية والاطاحة بنظام صدام .
استمرت تركيا في عدم تراجعها عن سياساتها التوسعية في العراق , حيث رفضت الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي العراقي الذي تشكل عام 2003 لسببين الاول ، ان هذا المجلس يسمح للأكراد بتوسيع نفوذهم السياسي ، والثاني هو اعتقادهم بان هذا المجلس لا يمثل التركمان بشكل عادل . اضافة الى ذلك رفضت تركيا عدة مواد من الدستور العراقي بعد صدوره رسميا في ديسمبر 2005. وخاصة تلك المواد التي تتعلق بالفيدرالية والمناطق المتنازع عليها في كركوك (على سبيل المثال، المادة 140 من الدستور المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد) . الى جانب ذلك تحليق الطائرات التركية في شمال العراق بعمق 20كم في يوليو 2006، قصف القرى الكردية العراقية بالقرب من الحدود التركية من قبل المدفعية التركية، إصدار البيانات مثل تلك التي صدرت من هيئة الأركان التركية العامة في يونيو 2006 حول إمكانية دخول القوات التركية (أكثر من 140,000 جندي تركي) في شمال العراق، وقرار البرلمان التركي في أكتوبر 2007 للسماح للقوات التركية بدخول الأراضي العراقية ومطاردة حزب العمال الكردستاني. الى جانب اصرار تركيا على بناء السدود على نهري دجلة والفرات وحرمان العراق من حصته من المياه كان له أثر سلبي على الأراضي الصالحة للزراعة في العراق.
النظام السياسي العراقي في الوقت الحالي شهد حالة من الفوضى وعدم الاستقرار على المستوى البرلماني والحكومي نتيجة للتدخل التركي في عملية صنع القرار السياسي العراقي ، ان دخول القوات التركية الى الاراضي العراقية وخرق السيادة العراقية مخالف لمبادىء القانون الدولي , وعلى الرغم من التهديدات المترددة لرئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي باتخاذ اجراءات رادعة ضد القوات التركية واهمالها ثماني واربعين ساعة للانسحاب , وموقف البرلمان العراقي الهزيل الذي ياخذ اعلى الرواتب والامتيازات من اجل ان يندد ويستنكر فقط , و جعجعة بعض الاحزاب السياسية في السلطة العراقية التي لاتملك اي حنكة دبلوماسية في ادارة الازمات والداعية الى تصعيد الموقف العسكري ضد الاتراك, رفض رئيس الوزراء التركي اردوغان انسحاب القوات التركية من الاراضي العراقية تحت ذريعة ان وجود القوات التركية كان باتفاق مع الحكومة العراقية من اجل مهام تدريبية للحشد الوطني في منطقة بعشيقة في الموصل لمحاربة تنظيم داعش الارهابي.
ان وجود القوات التركية في الاراضي العراقية في هذا الوقت بالتحديد له اكثر من مغزى , ولعل اولها احلام السلطنة العثمانية التي يمني اردوغان نفسه بتحقيقها من جديد مستغلا ضعف الحكومة العراقية والفساد السياسي الذي ينخر بمؤسساتها الامنية والاقتصادية, وغياب الخطاب الوطني الموحد والصراعات الحاصلة بين الكتل السياسية , والمغزى الثاني هو محاولة تركيا لخلط الاوراق بعد التهديدات الروسية لتركيا بسبب حادثة اسقاط تركيا للطائرة الروسية على الحدود السورية ,فالجميع بات يدرك العلاقة الحميمة بين تركيا وداعش من خلال الدعم المالي واللوجستي والصحي الذي تقدمه الحكومة التركية للدواعش ,حيث جاء تدخل القوات التركية في العراق لمساعدة داعش خصوصا بعد الخسائر التي تكبدها داعش على ايدي الطيران الروسي الذي ضرب اماكن تواجده العسكري وشاحنات نقل النفط المهرب من سوريا الى تركيا,كما سعت القوات التركية من خلال تواجدها داخل الحدود العراقية الى مشاغلة قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي الذي يحاصر داعش في مدينة الرمادي من كل جانب , والجميع يدرك اهمية مدينة الرمادي للارهابيين فهي القلعة الحصينة والملاذ الامن لهم. اما المغزى الثالث من هذا التدخل العسكري للاتراك وبايعاز من الامريكان هو لاجبار الحكومة العراقية على الموافقة لدخول قوات برية امريكية للعراق خصوصا بعد الرفض الشعبي والحكومي في العراق لوجود هذه القوات وكذلك محاولة الامريكان الى الحد من توسع النفوذ الروسي في المنطقة.

التدخلات التركية الأخيرة وتجاوزها على السيادة العراقية لم تواجه رداً عراقياً رسمياً يتناسب معها ، كما وإن الإجراءات والتصريحات التركية تُشير إلى عدم التراجع عن ما ذهبت إليه أنقرة منذ بداية توغلها العسكري ، بل إننا بتنا نلمس تصعيداً في التصريحات لا سيما من الرئيس التركي ” أردوغان ” بإتهامه للعراق وإيران بتبني الطائفية , ولهذا يجب أن يكون للحكومة العراقية رداً رسمياً واضحاً وإجراءاً إقتصادياً سريعاً لمواكبة تطورات وإنعكاسات هذا التصعيد ، كما ويجب أن يكون لجميع الكُتل السياسية موقفاً وطنياً موحداً بدعم الحكومة ورئيسها لتجاوز أتون الأزمة” للخروج من حالة الضعف والوهن الخطير الذي جعل كل من هب ودب يطمع بالاراضي العراقية.. وأخيراً ، نأمل من الحكومة التركية أن تراجع مواقفها وسياساتها اتجاه دول المنطقة والالتزام بمبادى حسن الجوار وأن تتجنب الإزدواجية في التعامل ، فقد شهدنا كيف إن تركيا قد جن جنون قادتها بتجاوز الطائرة الروسية لحدودها لبعض ثوان ولتسقطها على الفور ، فكيف لذات الدولة أن تقبل لنفسها أن تدخل الأراضي العراقية بالمئات من جُندها ودروعها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ