الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين الصين من الثورة السورية؟

خالد قنوت

2015 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


في حوار مع أحد الاصدقاء و هو دكتور في الاقتصاد, تحدث عن دور الدولة الصينية الاقتصادي في الحرب القائمة على الأرض السورية حيث شرح الصراع المحتدم بين الصين و بين الولايات المتحدة الامريكية الجاري في بحر الصين و التوسع العسكري الصيني هناك على حساب الوجود العسكري التاريخي لأمريكا.
أشار إلى المعلومات و الدراسات عن حرب بادرة بين الطرفين و عن الاهتمام الكبير للادارة الامريكية, الذي يزداد يوماً بعد يوم بتلك المنطقة على حساب منطقة الشرق الأوسط رغم اهمتها الاستراتيجية, فلقد ازدادت مؤخراً حدة التصريحات المتبادلة بين أمريكا و الصين وسط تزايد التوتر بشأن عمليات البناء التي تقوم بها الصين في أرخبيل "سبراتلي" ببحر الصين الجنوبي و أظهرت الصين استيائها الشديد من تحليق طائرة تجسس أمريكية فوق مناطق قريبة من تلك الجزر و تبادل الطرفان الاتهامات بالتسبب بزعزعة الاستقرار في المنطقة.
الصين تاريخياً دولة لا تحفز الحرب العسكرية و يذكر التاريخ كيف احتلتها اليابان لسنوات و كيف بنى الصينيون القدماء سوراً عظيماً لصد هجمات المنغوليين عليها, كبديل عن محاربتهم.
الصين اليوم تؤمن بأن الحروب ليست بالضرورة حروب عسكرية رغم كل قوتها في هذا المجال و لكن الحروب الاقتصادية قد تكون أشد نجاعةً مع دول عظمى أخرى و لا يمكن للصينيين أن ينسوا نتائج الحرب الامريكية على الاتحاد السوفيتي و كيف اسقطته دون ان تطلق رصاصة واحدة.
في موقف الصين من الثورة السورية, فقد ساندت نظام الأسد منذ البداية رغم التردد الروسي في البداية و شاركت الروس ثلاثة فيتوهات ضده في مجلس الأمن لكن ماذا يمكن للصين أن تفعل أكثر من ذلك؟
التدخل الروسي العسكري في سورية بشكل فاضح و واضح لم يكن نتيجة مزاج بوتيني توسعي امبراطوري و حسب بل كان نتيجة تحضيرات لوجستية و عسكرية و سياسية خلال اربع سنوات و بالتأكيد كان نتيجة تفاهمات دول حلفاء لنظام الأسد, ليست ايران و حسب و إنما الصين الدولة القوية اقتصادياً و الدولة المرشحة لتزعم العالم خلال العقود القادمة.
لا يمكن للعقلية السياسية الروسية أن يغفل عنها أن الولايات المتحدة, و إن استفادت من تدخل روسيا العسكري في سورية بالمدى المنظور, سوف تقف مكتوفة الايدي أمام تحقيق انتصار عسكري روسي في سورية سيطرق ابواب بغداد و يزيح الهيمنة الامريكية المشرعة دستورياً في عراق ما بعد الاحتلال الامريكي, فالروس يعرفون قراءة التاريخ و كيف هُزموا أمام خصمهم التاريخي في حرب اقتصادية شرسة فككت امبراطوريتهم السوفيتية.
الحرب العسكرية المباشرة بين روسيا و أمريكا, أمر مستحيل و خارج كل التوقعات و الحسابات, فسورية ليست مكان يمكن أن تشتبك على ارضها قوات لدول عظمى و ليس من اجلها يمكن أن يتقاتلا. خاصةً, أن هناك سوريين يمكن أن يقوموا بهذه المهمة لصالح الولايات المتحدة الامريكية التي تستغل حاجتهم للسلاح و الدعم لتحرير ارضهم من دولة احتلت بلدهم.
المجابهة الامريكية الروسية بدأت, عسكرياً بتزويد قوات المعارضة السورية بأسلحة مضادات دروع أثبتت عجز قوات النظام الأسدي و ميليشيات طائفية تحارب معه عن تنفيذ مهمامها على الأرض بعد انتهاء سلاح الجو الروسي من القصف على مناطق المعارضة و نتائج المعارك قد تحدد امكانية تزويد تلك القوات بمضادات جوية مخزنة منذ زمن بعيد في مستودعات بتركيا.
المجابهة الامريكية الروسية بدأت, اقتصادياً بخفض اسعار النفط نتيجة زيادة انتاج السعودية و العراق و إدخال إيران لنادي انتاج و تصدير النفط العالمي بعد الاتفاق الامريكي الايراني, حيث يعتبر النفظ أهم موارد روسيا الاقتصادية و التي تقدر بنصف ايرادات الميزانية فيها مما ادى لهبوط حاد في سعر صرف الروبل الروسي في الاسواق العالمية مترافق مع العقوبات الاقتصادية الامريكية و الاوربية بعد الازمة الاوكرانية.
هنا من المنطقي أن تقف الصين كحليف اقتصادي عملاق في تمويل التدخل العسكري الروسي في سورية محققة عدة مكاسب:
1- مكسب سياسي كبير على حساب الولايات المتحدة في التخفيف من اهتمامها بمنطقة بحر الصين الجنوبي و الغوص في صراع منطقة الشرق الأوسط لصالح هيمنة صينية في بحرها.
2- مكسب اقتصادي يضمن استثمارها المستقبلي في روسيا الاتحادية نفسها و في دول الشرق الأوسط في حال استطاعت روسيا تحقيق انتصارها العسكري فيها و إعادة تأهيل انظمة تاريخياً متوافقة معها كنظام الأسد.
3- مكسب عسكري في توسيعها في مناطق جنوب بحر الصين دون أن تضطر لخوض حرب عسكرية مع امريكا لا يحمد عقباها.
الصين الشيوعية تغيرت و اصبحت عملاقاً اقتصادياَ يبتلع العالم يوماً بعد يوم, و الصراعات الدولية يمكن أن تفيدها و تساعدها على توسعها شرقاً و غرباً و بنفس الوقت لا توسخ أيديها طالما هناك من يفعل ذلك.
يبقى الحمل الكبير على الشعوب الصغيرة أن تتحمل وزر تلك السياسيات الدولية و تدفع الاثمان الباهظة في حروب و صراعات دموية تعيدها إلى الوراء رغم أن تلك الشعوب تناضل من أجل أن تتقدم و تزدهر بعد أن تسقط أنظمة استبدادية محترفة في اللصوصية و التجارة على حساب أوطانها.
السوريون, يدفعون فواتير ثورتهم اضعاف مضاعفة لم تكن بحسبانهم و لكن نظام الأسد كان أكثر من عرف كلفة الثورة عليه عندما قال أن إسقاطه سيعني زلزال في المنطقة و العالم لأنه نظام وضيع يعرف كيف يستغل الاوراق و يستقدم أطماع دول العالم لتأمين بقائه على جثث الشعب السوري, كل الشعب السوري, مجسداً مقولة خلدونية تاريخية: (الطغاة, يجلبون الغزاة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي