الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احزان يعقوب *

عامر سليم

2015 / 12 / 12
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



( قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُون َ‘ قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُون ) من كتاب القران

كتب يعقوب ابراهامي مقالا في الحوار المتمدن بتاريخ 6 – 12 – 2015 بعنوان يوسي سريد
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=495668

لا اريد ان اعيد واكرر النقاش الذي دار حول طبيعة الدوله وماهيتها حتى تكون هذه الدوله لكل مواطنيها .. فالدول الديمقراطيه الغربيه بدساتيرها المعروفه خير دليل على امكانية تحقيق ذلك.
ولكنني سأتحدث عن حزن ابراهامي ..طبعا ليس على المستوى الشخصي والانساني لان الكاتب لم يكتب مقاله ليقول لنا انه حزين على رحيل شخص عزيز عليه.. بل كانت رسالته اكبر من ذلك الحزن الشخصي.. رساله تنقل لنا ولابناء جلدته تشاؤمه على مستقبل دولته برحيل من كان حريصا على هذا المستقبل ..يوسي سريد الذي دعا الى التمسك بحقوق الشعوب والعداله الاجتماعيه.
يوسي سريد احزن يعقوب الذي يعيش في دولة اسرائيل العلمانيه ‘ العصريه ‘ وواحة الديمقراطيه في المنطقه.. وهذه الدوله عاجزه عن انجاب يوسي سريد اخر! وقد تحتاج لسنوات طويله لتعويضه في الوقت الذي تنجب الاف الكتاب والاكاديميين والعلماء ومنهم الحاصلين على جوائزنوبل ..دوله لها قاعده صناعيه معقوله قياسا لحجمها ‘ و تمتلك ترسانه هائله من الاسلحه بما فيها اسلحة دمار شامل ..دوله يقف معها العالم الغربي بكل قوه ويدعمها بكل المجالات..ومع ذلك رحيل يوسي سريد يُحزِن يعقوب ويجعله يعيش في تشاؤم كبير!
فلو كان سريد في المانيا او امريكا او بريطانيا مثلا فهل كان لرحيله ان يتجاوز الحزن الطبيعي ويخلق جوا من التشاؤم لحد القلق على مصير دوله!
كلا... لان في هذه الدول يشيّع سريد الى مثواه الاخير مليون سريد!
إذن ماهي الرساله التي تنقلها لنا احزان وتشاؤم يعقوب ؟
في العوده الى النص القراني ‘ هل يمكننا القول ان احزان يعقوب لم تكن لفقدان ابنه الاثير الى قلبه (يوسف).. بقدرحزنه الكبيرعلى اولاده البقيه (العصبه) ‘ هذه العصبه التي اهملت احد الابناء واعترافها بأن هذا الاهمال ماهو الا دليل خسارتها!
هذه العصبه الخاسره لايمكنها ان تكوّن عائله..فكيف بها لتكوّن دوله.
ان التشاؤم على مستقبل وحاضر دوله بفقدان شخص مهما كان دوره يجعلنا نلتفت الى حقيقة هذه الدوله..ونراجع صدقية علمانيتها وعصريتها وما الذي جعلها دوله يتوارثها اليمين الفاشيستي منذ نشأتها على الخرائط الحديثه والى الان.
الدساتير المكتوبه بالبندقيه لاتصنع الا دوله خاسره.. مهما كانت متسامحه وتلتزم بحقوق الاخرين..فالتسامح يعني هناك طرف قوي وفوقي ويهب تسامحه للاخرين وهذا هو الاستعلاء الذي لايمكن ان يقترب من المساواة ابدا.
الدوله ليس لها انتماء لفئه معينه حتى ولو كانت هذه الفئه تشكل الاغلبيه..واي اشاره لانتماء معين كالدين او القوميه او العرق او حتى كلمة مثل (ستان)* التي تلحق بأسماء بعض الدول... بمثابة زرع بذرة الفشل لهذه الدوله حتى ولوبعد قرون ‘ واي تبريرلهذا العمل لايقوى على اخفاء رائحته العنصريه‘مهما كان مغلفاً بالانسانيه واليساريه وعبارات الحقوق والمساواة والعدل.
اعترف بان الدوله المنشوده في منطقتنا صعبة المنال في الوقت الحاضر على الاقل ‘ وشرطها الاول الوعي ‘ (وعي مفهوم الدوله التي تمثل الجميع) حتى يمكن قيامها.. فالوعي يسبق بناء هذه الدوله ودستورها... فالدساتير لاتكتب بحبر النيات الحسنه لان من السهوله مسحها والقوه الوحيده التي تحافظ عليها وتصونها هي هذا الوعي.
وعندما اتحدث عن الوعي اعني وعي الشعوب التي تصنع حاضرها ومستقبلها ولا اختصرها بفئه ايضا كما يفعل بعض اليساريون الفئويون عندما يحصرون هذا الوعي بالطبقه العامله وكأنها جني المصباح القادرعلى كل شئ!
ختاما..لابد من القول ان احزان يعقوب احزان نبيله..في الوقت الذي تفضح حقيقة دولته .. فانها لاتغمط جهود ونضال رجالها الاوفياء حاملي شعلة الانسانيه وهموم حقوق الانسان والعداله الاجتماعيه للجميع بدون استثناء بعكس الاحزان الملونه لبعض المهرجين والنواحين من ابناء اوطاننا الذين صدْعونا بالصياح والعويل على غياب المتنورين واليساريين والنخبه.. والاسطوانة المشروخه.. نحن نغرق.. وعلى شفير هاويه... وغطيني ياصفيه ما فيش فايده*!...الخ ويسبق هذا العويل والتهريج اتهامهم للاخرين بالحمق والغباء.







هوامش
*هذه المقاله كانت مشروع تعليق على مقال استاذنا ابراهامي ولكن نظرا لطول التعليق فضلت نشره كمقال.
*الرئيس الكازاخي نور سلطان نزارباييف اقترح اجراء استفتاء لتغييراسم كازاخستان لانه يحوي المقطع (ستان) والذي يُنفِر السياح ويُبعِد المستثمرين!
الارض land تقابل (ستان) في اسماء بعض الدول مثل England , Finland , switzerland وغيرها... هذه الاسماء ستختفي يوما ما لان العولمه وخصوصا الاقتصاديه هي التي تقرر مصير الاوطان واسمائها!
* العباره الشهيره التي قالها السياسي المصري سعد زغلول لزوجته صفيه تعبيراً عن يأسه!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إلى الزميل عامر سليم: اليسار الصهيوني خسر المعركة
يعقوب ابراهامي ( 2015 / 12 / 12 - 11:50 )
شكراً على المقال وعلى مشاعرك الصادقة
قد أعود إلى الموضوع في مناسبة ملائمة
الآن أريد فقط أن أقول ما يلي: بالنسبة لي حمل موت يوسي سريد دلالة رمزية على موت الحلم باسرائيل يهودية وديمقراكية (دولة كل مواطنيها). اليسار الصهيوني خسر المعركة. هل كان هذا الفشل مكتوباً منذ البداية؟ لا أعرف
هل أن خسران المعركة معناه خسران الحرب؟ لا أعرف
تحياتي وشكري لك ثانيةً


2 - الى استاذنا ابراهامي
عامر سليم ( 2015 / 12 / 13 - 04:38 )

اسعدتني قرائتك للمقال ..في الحقيقه كنت اتوجس ان (يخلط!) البعض بين مفهومي الوطن والدوله... فاغلب دول المنطقه فاشله ولكن هذا لايلغي حقها في الوجود!

وحتى عودتك للموضوع في الوقت المناسب (نحن!) في الانتظار وان طال الزمن.

تحياتي لك


3 - تحياتي أخي عامر سليم
عبد الحسين سلمان (جاسم الزيرجاوي) ( 2015 / 12 / 13 - 08:14 )
تحياتي أخي عامر سليم

هذه مبادرة جميلة منك , تستحق التقدير و الاحترام.
الأستاذ يعقوب هو علم من اعلام التنوير والعقل , ونعلم جميعاً كم هو صريح و واقعي ومتواضع .

شكراً لك عامر


4 - الصديق الجميل الزيرجاوي
عامر سليم ( 2015 / 12 / 13 - 09:59 )
اسعدتني زيارتك الهادئه
ابراهامي وقوجمان والعشرات الذين تعرفت عليهم في هذا الموقع يذكروننا دوما بأن اوطاننا كانت حدائق غناء تعج بكل انواع واشكال والوان الزهور والورود.
لازلت اذكر قول يعقوب عندما سُئل يوما عن العراق فاجاب...انا العراق لساني قلبه ودمي فراته .. وكياني منهُ أشطارُ ‘ ولا اتخيل قوجمان الا وهو يدندن بالمقامات العراقيه واغانيها القديمه العذبه.
اكرر تحياتي وتقديري

اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف