الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثلاثية الشعرية الحوارية/والعبور بالحلم من اسيا الى افريقيا

وجدان عبدالعزيز

2015 / 12 / 12
الادب والفن



المشتركات الانسانية المحبة للحياة ، جاذبية تضم لها كل جماليات الحب والحياة والحرية ، والتعبير عنها، حينما يكون بالحرف ، ستكون الحرية محلقة في سموات الحلم ، كما هو الشاي والخبز الحار والوجه المبتسم ، والجلوس على بساط الارض يأخذك الى ارض الواقع وبين هذا وذاك ، ينبع احساس يخالج النفس ، احساس الشاعر تحسين عباس ، تهمسه الحبيبة ، ها اني منطرحة على العشب الندي ، هامسة بكلماتي الراقصة حولك ، وتلك العصافير في وقار تنصت وترهف السمع لك .. لتكون (رسالة من بقايا الليل) ، تقطر عسل الحب المتوج بالحرمان ، والحب الافتراضي الذي يتعالى صعودا على العشب ، ذلك المطرح الندي لها .. ثم تبدأ سمفونية الهمس تتشظى في عالمه الافتراضي .. صوتا ممتدا عبر قارات الظلام .. (ياغاية لايدركها جنوني ولايحتملها سباتي/ روحك اثملتني)، وتسقط في حب الصوت الافتراضي هذا شاعرة من قارة اخرى .......... يتعالى همسها فوق السحب .. انها الشاعرة خديجة العلام ، بذبذبات هامسة مرددة : (على حَمامةٍ بيضاءَ سَبحْتُ في سَمائِكَ/أحْملُ زادي من آهاتِ عشقِك/اروي عطشي من همسِ رمشِك)، ويتعانق هوى القارات ، ويكون النبع الاخر مواصلا الهمس الخفي ...( تَسألُني عِشتار/متى/يملأ خزائنَ ذكراه/ويصنعُ تماثيل َالعشق /في لحظاتِ اهتياجِ القبل/ليحتضنَ قلبي مُيولي/وبرهبةِ العدلِ تُحاكيني/كيف أزنُ ليلَكُما وأزفُّهُ/دخانه فاق أركانَ معابدي ؛)، بصوت ناعم يطارح قيثارة الحب والقبل ، انه صوت الشاعرة بلقيس كريمة ، تلك الشاعرة التي تتلفع بهدوء عوالم الجمال المغربي وتمتطي صهوة الحلم ...... انها الثلاثية الشعرية التي انطلقت من اسيا الى افريقيا ، وطرزت حروف الكلمات بالخجل والهدوء ، رغم انفعال العاطفة وضجيج الرغبات المقموعة في منتصف الطريق .. وكما نعلم تُعد نفسية الإنسان نتاجاﹰ-;- لارتباط حتمي بين ثلاثة عناصر هي : دوافع الإنسان وغرائزه ومفاهيمه عن هذه الحاجات التي تراد لها أن تشبع بفعل الطاقة الحيوية الكافيـة ، فالإنـسان شبكة من الرموز التي تعبر عن حقيقة بوصفه شخصية وعلى ذلك لابد من وصف يجلي ما يحيط هذه الشخصية ، ومن هنا فتسليط الضوء على الإنسان بعيداً عن الزمكان الذي يحصرنا من الناحية الإبداعية من خلق إحداثيات جديدة لكل ما هو معروف ومتداول على الإطلاق. لا شك أن استخدام الرمزية بهذه الصورة تتطلب قدراً معقولاً من الثقافة لا يغفله الشاعر في عمله الفني. وبعيداً عن المحور الخاص بالشاعر، أنتقل إلى الجانب الآخر أو طرف المعادلة الإبداعية الثاني، ألا وهو القارئ. فما الذي يبحث عنه القارئ عند قراءته لأي قصيدة؟ هل يبحث عن فكرة معينة تحاول الاختفاء بين السطور؟ أم يبحث عن إبداع ؟ هذا السؤال يحدد لنا بشكل أدق مناطحات الشعراء الإبداعية التي أتحدث عنها. لأن الكتابة الإبداعية بهذا الفهم لا يمكن أن تتشابه أبداً إذ أن المحور الأساسي عندها سيكون الخيال والرمز ، وفي هذه الحالة سيكون للقارئ أن يحدد وبسهولة فائقة مكامن جماليات كل ابداع شعري يقرأه، لأنه من قبل، استطاع الشاعر أن يحدد بالتالي لنفسه مسارات مغايرة تماماً عما سواه،. وقد اصل الى نتيجة من خلال التمظهرات التي تتجلى في الصور الشعرية الرومانسية التي حملتها النصوص الثلاث ، والتي قد تصبح معادلا موضوعيا لاشياء مقموعة بمثابة مناطق محرمة ، وبالتالي فان البعض ينظر للرومانسيه من منظور ضيق على انها هى مشاعر الحب بين الطرفين على الرغم من ان الرومانسيه لها معنى اشمل وادق من ذلك ، المرء قد يكون رومانسى لنفسه, لذاته، فالرومانسيه مع شخص اخر..هى احد الاحاسيس الناعمة الرقيقة التى نشعر بها عندما يملئنا حب الحياه والاستمتاع بجمال الطبيعه وان يتولد لدينا رغبة في الحب والجمال .. فحينما تتصارع الرومانسية وتتلاقى ومشاهدة قطيرات مطر دافئه تتساقط والشعور بالسعادة حينما نتابع النجوم وهى تلمع وتتألق بالسماء الصافية ويمر فى اذهننا حينها شريط من الذكريات السعيدة وخاصة الحبيب بتجلياته الجسدية ... لاقول اذا استطعنا ان نرى كل مايحيط بنا جميلا ونظرنا لايجابيات الامور وتجنبنا السلبيات المحيطه بنا حتما نحن رومانسيين ، فكن جميلا ترى الوجود اجمل فالرومانسيه انصهار فى الطبيعه وامتزاج مع الحياه ببساطه وعفويه ، وامتزاج مع الذات الاخر الذي هو صنو الحب والجمال، ولهذا اجد الشاعر تحسين عباس ، قد غاص في عوالم الحبيبة بكلمات عزفت موسيقى العاطفة، وكانت دعوة ظاهرها يختفي في باطنها ...

(سأعودُ إلى ليلي مزفوفاً باهتياجاتي
حتى تَرْتَشِفَني مَساماتُ حبِّكِ
منتشية ً بزيتي الدَفيقِ
من ينابيع الرغبة ِ
سأعودُ .. لا تَقْلَقِي
يا سَحابَة َ وجدي
سأعودُ لأدوِّن اعترافاتي على تاءِ تأنيثِكِ
ليَكونَ مَحلُّ إعرابِها
احتراقاتي .... ،
سأعودُ لأجدِّدَ ألْفَ الاثنَيْن في قامُوسِ سَريرِنا
وأورِثَكِ ....
فُصولَ دفْئِي التي لم تُفارِقْها حُمّى الانْتِماء .
سأعودُ بلا بداية ٍ
مُكْمِلاً أبْجَديَّةَ الغَزَل ِ عَلى مَهْدِ التَفاصِيْل ِ)

ويأتي الصوت الاخر عبر القارات يبحث عن اثار دعوة الشاعر تحسين عباس .. انه صوت الشاعرة خديجة العلام :

(يا نوراً لا تبعثُه شمسي
نظراتُك تحملُ ظلّي المتعب
تدفعُني خارجَ مساري
خارج زماني ....
أتعلَّقُ بوجهِ المساء
عندما يَصغي إلى صمتي
مُتدفِّقاً نحوَ اكتساحِ حلمي
أَظْفُرُ ذاتي مَمْزوجَةً بنفسِك
يراودُني بعضُ العَبث
أحملُ وزري من نسماتِ صبابتِكَ
مطراً مُتعنتاً يَصبُّ عليَّ أسئلتهُ
وأنا أُجرُّ من قلبي نحوَ شوقي
أُعْلِنُ الصَبابةَ ثمراً ... ورداً ...)

ومن نص الشاعرة العلام تتبدى لنا الحقيقة التي اسسنا عليها ، وهي انعدام الزمكانية في النصوص الثلاثة ، يتبعها الصوت الخفي الثالث ، انه صوت الشاعرة بلقيس كريمة الذي يحاول جادا الخروج من المكان محلقا فوق قيود الزمن ايضا ..

(لما تكبِّلُني بأصفادِ حُلمِ العودةِ
ليحرقَ الضوءُ رسائلكَ
رفقاً بهذا القلب
وأنا انتظر عودتكَ حنينا ً
بأتساع قلبِ المحيطِ
متى
وأنا منذُ التقيتكَ نجماً في السماء
محوت كل َّقوانينَ الأرض
ووحَّدتَ لغةَ العالمين
وأقمتَ للحبِّ صلاةً في محرابِ عشقي)

وبهذا تتلاقح الرؤى وتتحد في مسار واحد وعبر اثير الشعر في حوار متناغم ، بيد انه يحمل ثلاث نكهات مختلفة ، وبهذا يكون (النص الشعري الحديث حوار دائم ودينامي مع الاشياء، حوار ثر مبني على ديالتيك خاص، مشحون بقيم اصيلة تتسم بالتشابك والعمق والتعقيد، يقوم بمهمة تشكيل النسيج الداخلي عن طريق ربط الاجزاء المتوازية والمتقاطعة والمتضادة في النص الشعري، وينعدم في هذا الحوار ذلك التواطؤ التقليدي القائم بين عالم القصيدة ومساحة الفاعلية الذهنية المستقبلة عند المتلقي، والمعتمدة على خاصية الاشباع المحايد لمراكز الانتظار والتوقع فيه، لذلك فهي تصدم ذوق المتلقي التقليدي بما لاينتظر ، بمعنى ان المتلقي سيفقد فيها لذة تعود عليها، وتأسس نمط ذوقه على اساسها، لذلك فانه سوف يحتاج على هذا الاساس نوعا من تطبيع العلاقات مع عوالم النص الشعري الحديث،الذي ينهض بذوق المتلقي ويرتفع به الى مناطق جمالية طرية وطريفة ومباغتة، تضج بسحر غير قابل للنفاد فيكبر وعيه نحو استثمار قدرات العقل على نحو اكبروافضل واكثر جذبا ومتعة. على هذا الاساس يخرج النشاط الشعري من اطار اشباع الحاجة، فليس هو تمرينا جماليا مجردا، انما هو فعل خلاّق خصب، يلد قدرة لامتناهية على الابداع والخلق واستمرارية الانجاز)1، وتكون القصيدة الحديثة منقادة لخلجات شعراء الحداثة في الحوار وطرح رؤى جاذبة للمتلقي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضحية جديدة لحرب التجويع في غزة.. استشهاد الطفل -عزام الشاعر-


.. الناقد الفني أسامة ألفا: العلاقات بين النجوم والمشاهير قد تف




.. الناقد الفني أسامة ألفا يفسر وجود الشائعات حول علاقة بيلنغها


.. الناقد الفني أسامة ألفا: السوشيال ميديا أظهرت نوع جديد من ال




.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي