الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طنش تعيش تنتعش

محسن حسن

2005 / 11 / 4
كتابات ساخرة


ذهب رشيد المنفلوطي إلى طبيب الأمراض النفسية شاكياً باكياً مقهوراً مذعور, فهو يعاني من ضغوض كبيرة تجعله في حالة من الشعور الدائم بالقلق, والمزاج الغائم بالحزن فالراتب لا يكفي عشرة أيام هذا في حالة التقتير فما بالك بالتبذير وكيف لك أن تبقشش على نفسك بعض الدراهم في المقاهي والمطاعم..
أظن وان بعض الظن إثم, انجق يكفيك اخو الشليتي أربعاً وعشرين ساعة, سيما والأولاد يصرخون ويولولون نريد كذا, والزوجة تريد مزا, لذا آثرت يا دكتور أن تكون الشرفة مقهى, والمطبخ مطعم, والأولاد شماعة, والنادل زوجتي حفيظة, التي مافتئت تأتي وتذهب بصحون الفول وكاسات العرق, وأنا أعب منها دون حساب علّه يبدد ذا اللون الأبيض المكسور بماء الفيجة شيئاً من تلك البلاوي التي تربض فوق صدري كأنها جبال الهملايا...
هذا غيض من فيض ما أنا فيه يا دكتور ولك أن تصدق بأنّ ما أسلفته ليس سوى البداية
كان يحكي وهو مضجع على أريكة مريحة يحدق في سقف العيادة, لكأنه يستحضر تلك الكلمات المحصورة في زاوية عقله المتبلد, ليطلقها قنابل انشطارية في وجه العالم, والطبيب يسمع ويهز رأسه إن استمر يا رشيد, فضفض يا ابن الغربة, ولسان حاله يقول: صحيح بعض البلدان عدوّة أبنائها...
ورشيد لديه من الفضفضة والكلام المكبوت ما يعبئ جرائد ومجلات الأنظمة الشمولية مجتمعة دون أن ينتهي, وبعد إن أعياه السرد وروكب لسانه على كلمة, مغبونٌ أنا اخشيني, انتصب واقفا وقال: يا دكتور أما من دواء يجعلني اقل قلقاً وأطول بالاً, فأنا اضرب أولادي بذنب أو بدون ذنب, افتعل مع واحدهم مشكلة لا علاقة له بها يا ولداه, فقط لأصفعه طيارة على قفاه, أفرّغ شحنة كبيرةً من حمقي على نقرته البريئة, فليس هناك من يتحملني سواه وذنبه الوحيد انه ابني..
فما تراك فاعلاً لي وأنا على شفير هاوية سحيقة
نظر الطبيب مليّاً في عينين غائرتين وانف طويل مشدود كأنه نشم صاحبه للتو واللحظة حبة فياكرا من العيار الثقيل وقال له: لا أظنك تحتاج إلى أية حبوب سواء كانت للمعالجة النفسية, أو حتى من نوع المهدئات الفوستانية, فأنت سليم ولست بسقيم لكنك بحاجة ماسة إلى نصيحة, سوف أقدمها لك مجاناً, نظراً لحالتك البائسة , وربما تكون يائسة إن لم تعمل بها, مفهوم؟...
المهم بلا طول سيرة أخذا الطبيب ورقةً بيضاء وكتب عليها (طنش تعيش تنتعش) وناولها لرشيد المنفلوطي قائلا عليك أن تقرأ تلك الجملة جيدا وتعمل على تطنيش كل شيء يعكر مزاجك, خاصةً نخرات الأشباح عفواً نشرات الأخبار, علاجك الوحيد يا بني هو التطنيش,(اسأل مجرب ولا تسأل حكيم) وربما تفوق خبرتي في هذا المضمار تحصيلي العلمي بما لا يقارب, فكيف لك أن تعيش وتنتعش دون أن تنضوي تحت مظلة التطنيش, في بلد التنبيش والتهبيش .
عاد رشيد المضغوض بقنينة سينالكو إلى المنزل يحمل وصفته على كفوف الارتياب وأخذ يتناول حرفاً واحدا من حروف تلك الوصفة بعد كل صحن فول وقدح عرق مثلث حتى أتى على آخر حرف من حروفها شعر بإيقاع راقص يحرك عضلاته اللا إرادية ويتلاعب بلسانه على نحو ما.
لذا كنت ترى وتسمع المنفلوطي يرقص و يهز أكتاف ما فتئت تهتز على أنغام جاي تقاقي وارايي زيغا وانا الشلفوني
و يدندن كلمات بصوت مسموع للشاعر المصري المخضرم فطوطة غانم (أنا اليّ طول عمري ما طنشتش نهار ما جيت اطنش ما عرفتش)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها


.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-




.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق


.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا




.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟