الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عدوان ثلاثي على سوريا

هويدا طه

2005 / 11 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


هناك عدة ملاحظات عن قرار مجلس الأمن رقم1636الذي طالب سوريا بالتعاون التام غير المشروط مع لجنة ميليس التي تحقق في قضية اغتيال الحريري، الملاحظة الأولى أنه لا يوجد مواطن عربي تابع تلك الجلسة إلا وتذكر جلسات وقرارات المجلس نفسه التي نحرت العراق سياسيا واقتصاديا وأخيرا عسكريا، على يد حرب أمريكية عليه ارتبطت في الوعي الجمعي للشعوب العربية.. بالتليفزيون! فقد كانت حربا تعرض على التليفزيون بجميع مراحلها الدبلوماسية والعسكرية في حلقات مسلسلة، وكما يستطيع المشاهد التنبؤ بنهاية مسلسل تليفزيوني طبقا لخبرته في متابعة الأعمال الدرامية.. فالمشاهد العربي الذي تحول أمام حروب الدول العظمى في العصر الحديث إلى كائن تليفزيوني يمكن أن يتذكر بسهولة المسلسل العراقي السابق ويتنبأ بنهاية المسلسل السوري.. طالما أن المخرج هو نفسه! رغم أن القرار لم يشر صراحة إلى عقوبات اقتصادية وإن كان ذلك بضغط من روسيا والصين على الدول الثلاث التي صاغت مشروع القرار، بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة (وهو ما يذكرنا بالعدوان الثلاثي على مصر في خمسينيات القرن الماضي.. وللصدفة كان أيضا على يد بريطانيا وفرنسا وإسرائيل.. التي لا تغيب عن ذلك القرار وإنما تنوب عنها هذه المرة الولايات المتحدة)، تلك النبرة (المخففة) في القرار لم تطمئن من جربوا كيف أن القرارات الأولى تمهد لقرار أساسي حتى لو جاء الأخير!
الملاحظة الثانية هي في نبرة كلمات أعضاء مجلس الأمن التي استمعنا إليها من خلال البث المباشر للجلسة، فقد كان هناك نوعان من الخطاب: أحدهما خطاب (شمالي) عدواني تبنته دول العدوان الثلاثي ودول شمالية أوروبية مثل الدنمارك، وثانيهما خطاب يمكن وصفه بأنه (جنوبي) بدعم روسي صيني، فكلمتا البرازيل والجزائر كانتا تؤكدان على ضرورة عدم استغلال القضية لمعاقبة سوريا اقتصاديا أو عسكريا، وإن كان القرار صدر في النهاية بالإجماع! وهو ما يؤكد رؤية البعض للصراع العالمي بأنه يدور بين شمال غني متقدم يحوز بيده قوة المعرفة.. وجنوب يتطلع إلى النهضة وهو مثقل بقيود فقر وتخلف لا يغيب دور الشمال في صنعه تاريخيا، وهو صراع ليس للجنوبيين فيه من وسيلة للتصدي إلا (تكتل) جنوبي، حتى لو استغرق تشكيله بفعالية عقودا قادمة من الزمن.
الملاحظة الثالثة هي هذا الخلط الدولي المتعمد تجاه البلدان العربية بين الأشخاص والأوطان.. بين الدول والأنظمة، فلو أن الولايات المتحدة تصيدت صدام حسين واغتالته أو حاكمته بعيدا أو دمرته شخصيا لما بكى عليه أحد، ولو أنها أخذت الأسد وكل عائلته الآن لتفعل فيهم ما تريد بعيدا عن سوريا لما بكى عليه أحد، بل ربما قال المواطن العربي لنفسه (أحسن.. فخار يكسر بعضه)! لكن ما يحدث هو أن الشعوب هي من تنحر بجريرة أنظمتها المستبدة، وهو ما يعني أن هذه الشعوب وتلك الأوطان هي المستهدفة، فالدول القوية الغنية المتقدمة لا تغامر بأموالها ودماء أبناءها من أجل إحلال نعيم الديمقراطية علينا! وإنما تغامر بهم لما هو في نظرها غنائم أغلى.. أوطاننا وثرواتها ومستقبلها هي تلك الغنائم، لذلك لا يأتي الدفاع عن سوريا أو العراق دفاعا عن هذه الأنظمة الكريهة التي نحلم كل يوم بغرقها- وحدها- في البحر، وإنما هو دفاع عن وجودنا وبقاءنا كشعوب وأوطان، حتى لو داخلنا للحظة شعور بالتشفي ونحن نرى هؤلاء المستبدين يتصببون عرقا ويرتجفون خوفا من عقاب على ما اقترفته أيديهم، لكن وبينما الشعور بالتشفي يداخلنا.. لابد أن نتذكر أن ثمن رؤية صدام حسين في القفص كان هذا العراق الذي نراه الآن ممزقا منهوبا مستباحا لكل الأطراف، من منا يتمنى هذا المصير لبلده؟ أنا كمصرية لا أريد إزاحة نظام مبارك- وهو حلم الأمس واليوم وغدا- برؤية المدن المصرية تقصف والشعب المصري تحصد أرواحه كاصطياد العصافير وكرامة وطني تستباح بهذه العنجهية الغربية.. فالأفضل والأكرم أن يكون قفص الاتهام للحاكم المستبد صناعة محلية، وربما ينبغي على السوريين بدء تصميم ذلك القفص قبل استباحة بلادهم.. الأفضل أن يقولوا: بيدي.. لا بيد بوش وشيراك وبلير!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله