الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((الفكر السياسي الشيعي بين التحوّل، والثبات)) . قراءة في متغيرات الأحداث، وأثرها في تفكير الفرد الشيعي .

مرتضى عصام الشريفي

2015 / 12 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945م، ومع بدء النضال السياسي العربي للتحرير، والاستقلال حتى رحيل جمال عبد الناصر: لم يكن للفكر الإسلامي كأيديولوجية سياسية حضور، وقد كانت تدوي أفكار ماركس، ولينين في الشرق الأوسط محفّزة الأمم للنضال، والحرية من قبضة العدوّ المستعمر الكولونيالي، فقد كانت الشيوعية هي الرؤية السياسية التي أقنعت العرب في خروجهم من واقعهم المأساوي الذي فرضه المستعمر؛ وممّا ساعد على رسوخ هذا الفكر الشيوعي في الأمة العربية النظام الإقطاعي الذي أرهق الفلاح، والطبقة العمّالية .
.
استمر هذا الفكر سائداً حتى مجيء الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، فقد أحدثت هذه الثورة هزّة فكرية كبيرة ليست في إيران فقط، بل في العالم العربي الإسلامي؛ إذ عدّت الصرخة التي أيقظت الأمّة من سباتها، فقد كانت الأمّة العربية حينذاك منفتحة على بعضها فكرياً، ولم تكن تشهد هذه المقاطعات الفكرية التي نعيشها في زماننا؛ إذ كان التعصّب فتيّاً؛ لم يشيخ في عقول الدعاة؛ فضلاً عن عدم نشوئه في عقول المسلمين بصورة عامّة .
.
كان العراق البلد الأكثر تأثراً بهذه الثورة الكبيرة؛ فهو يعدّ مهدها الأول الذي نبتت فيه أفكارها الأولى، وفي النجف الأشرف منه خاصة، فالإمام الخميني ابن النجف، فهو ينتمي إلى حوزتها العريقة، ولا سيّما قد أيّدها كثير من العلماء، وباركوا قيامها، وعلى رأسهم الإمام الخوئي، والسيد محمد باقر الصدر، ونتج عن هذا التأثر بزوغ أحزاب إسلامية تتبنى أفكار الثورة، وأطروحاتها، وأصبحت فيما بعد بين أحضانها؛ بسبب معارضتها للنظام البعثي آنذاك .
.
ومضت الأيام، والسنون، وشاءت الأقدار أنْ تتربع تلك الأحزاب على دفّة الحكم في العراق بعد سقوط البعث المقبور؛ لكن المفارقة الكبرى تباين مواقف هذه الأحزاب من مواقف إيران؛ بسبب توالي الأحداث الداخلية، والخارجية، واستلزم ذلك تبايناً لدى القواعد الشعبية التابعة لهذه الأحزاب، فبعضها عدّ الدور الإيراني إيجابياً في العراق، والآخر عدّه سلبياً، والتفصيل في ذلك يقصر عن بيانه المقام .
.
لكنّني بصدد بيان أثر هذا التباين على الفكر السياسي الشيعي؛ إذ أدّى هذا التباين إلى تشظي تنظيمات هذه الأحزاب، وكأنّي بالعراق يعيد تجربة الأحزاب الإسلامية في لبنان في عام 1975، فحركة أمل تقسّمت، والأدهى منه الصدام المسلّح بينها الذي أفقدها المئات من كوادرها؛ ممّا أدى ذلك إلى إضعافها، وانقراضها، فهي قد أصيبت بــ(الإيدز الحركي) على حدّ تعبير (فتحي يكن)، فمستقبل هذه التنظيمات لا ينبئ بخير، ومصدر القوّة الوحيد في الساحة العراقية، وصمّام الأمان للعراق، وشعبه هو (المرجعية الدينية العليا)، وهي في الوقت نفسه تعدّ الهاجس الخطير لهذه التنظيمات؛ لو شطّت عن جادة الصواب، وحاولت الإضرار بالمصالح العامة للبلاد جرّاء تكالبها على السلطة .
.
للأسف قد أصيبت أحزابنا الشيعية بهذا الفيروس، وقد أضعفها، وربّما سوف يفقدها هذا الوهن قواعدها الشعبية، ونجدها اليوم تحتضر، وبالكاد تقوى على الفعل، فهي أقدر على الكلام فقط، ونرى اليوم مواقفها من دخول القوات التركية أرض العراق ضعيفة؛ لا تخيف تركيا، ولم تغمز قناة كردستان، وأعني مسعود برزاني، فبعضها لاذ بالصمت الغبي الذي يفصح عن ضعف حيلته، وسوء تدبيره، وحوّل هذا الأمر إلى جدل سياسي بينها كالعادة، والآخر فتح من خلاله ملفات معروفة لدى الشعب؛ لإقناعه بما يفكّر به، وللأسف لم نرَ إجراءات رادعة، وقويّة تردع الطرف الكردي، والتركي .
فلنتعلم من روسيا ما صنعته مع تركيا عقب إسقاط طائرتها، فلنا فيها أسوة حسنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران