الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم من مدينتي، سعيد حمد عواد الهيتي

قحطان محمد صالح الهيتي

2015 / 12 / 15
سيرة ذاتية


ولد سعيد حمد عواد في هيت في عام 1917،وانهى دراسته الابتدائية فيها، وفي عام 1935 اكمل دراسته المتوسطة ،ودخل الإعدادية، ولكنه لم يكمل دراسته ،فقد تركها وهو في الصف الرابع الثانوي.
-
في 15 /1 / 1936 عين معلما على شهادته المتوسطة، ومارس التعليم في مدينة الحويش في بعقوبة،بعدها نقل الى القائم معلما في مدرسة القائم الابتدائية ، وسكنها هو وعائلته ، حتى نقل منها في عام 1938 الى منطقة عنزة (النخيب) معلما في مدرستها المتنقلة (بيت شعر) على إثر قضية إدارية .
-
لقد كان السبب وراء نقله من القائم الى مدرسة عنزة المتنقلة وعلى وفق ما ورد بكتاب معاونية الكمارك والمكوس – لواء الدليم في الرمادي 1316 في 18 / 5 / 1938 هو ابيتاعه دراجة هوائية لوالده من شخص سوري وعدم دفعه الرسم الكمركي البالغ(500) فلس،وحيث ان هذا التصرف لا يليق بمعلم(على وفق ما ورد بالكتاب) فيجب نقله الى مدرسة بعيدة عن قضاء عنه ، وهذا ما حصل فعلا فقد وجهت معاونية مديرية معارف منطقة بغداد في الدليم بكتابها المرقم 2 / 3 / 2299 في 9 / 7 / 1938 بنقله.
-
بقي في النخيب عامين دراسيين هما 1938 / 1939، 1939/ 1940 ، أدى في خلالها واجبه بإخلاص، ونظرا لدماثة خلقه فقد أحبه الشيخ محروت الهذال مما حدا به الى الطلب من السلطات الرسمية عدم نقله الى خارج عنزه، ولم يشفع له إلا عندما قرر الزواج ، فوافق الشيخ احتراما لرغبته .
-
بتاريخ 5 / 7 / 1940 قدم طلبا الى معاونية مديرية معارف منطقة بغداد في الدليم يروم فيه النقل الى مدينته هيت. وقد كتب في طلبه أنه كان يظن أنه سيكافأ بعد أن قضى ثلاث سنوات في القرى والارياف ،ولكنه نقل الى مدرسة عنزة المتنقلة، وأنه نفذ الأمروخدم أبناء المنطقة البعيدين عن المدنية والمحرومين من الثقافة، وأنه واجه الكثيرمن المصائب والأهوال الى درجة حق له أن يقول:
-
تجرعت كاسات زعافا مذاقها
تهون لعمري دونهن منيتي
-
في 1 / 9 / 1940 باشر عمله معلما لتعليم الأشياء والصحة في مدرسة هيت الابتدائية للبنين، وصار واحدا من الأسرة التعليمية التي علّمتْ الكثير من أبناء هيت ممن طار صيتهم في سماء العلم والثقافة والمعرفة، واستمر بالعمل فيها بعد أن تزوج حتى نقله الى الفلوجه بناء على طلبه،وفي الفلوجة استقر ، بعدها انتقل الى بغداد وسكن في العامرية وتوفي فيها سنة 2008 . ويعد والده حمد عواد واحدا من المعمرين الهيتين حيث تجاوز عمره المائة عام .
-
كان سعيد شاعرا،انيقا، مترفا الى حد ما،حتى انه كان فارسا فقد روى تلميذه الدكتور قاسم أمين الهيتي هذه الرواية:"كنا شبانا صغارا واقفين قبل مغيب الشمس قرب باحة متوسة هيت قبل اكمال بناء سياجها. وكنا نستمع الى حديث رجل مسن كما كانت العادة للاستماع الى ارشادات من هم اكبر منا، وفجأة ظهر قربنا فارس على فرسه، واوقفها بالقرب منا، وحيّانا بالسلام،فبادره الرجل المسن بالقول:" يا وليدي لو تتزوج مو احسن من هالفرس؟ فاجابه الفارس: عمي اني اشتريتها قبل اشهر، والان كبرت وتعطي ثمن اكثر من ثمن شرائها ،وانوي ابيعها في هذه الايام كي اتزوج بثمن البيع. فقال له الرجل المسن بارك الله بيك اكمل دينك".
-
ويروي الصديق الدكتور قاسم قصة أخرى عن سعيد حمد عواد تمثل موقفا وطنيا جريئا في ذلك الوقت فيقول :"جاء شخص اسمه كريم بخشي(ساحر) من الهند، وعمل حفل في مدرسة البنات(مدرسة خديجة الكبرى) ببطاقات دخول، وكان ذلك في بداية الخمسينات بعد الوثبة ، وغنى صداع صكر ابيات شعر درّبه عليها الاستاذ المرحوم سعيد حمد عواد، وهي وطنية.لا زلت اتذكر بعض منها:
-
سعيد اللي كضه عمر ه بلا داي
وعايش دوم وخـلك الله بلا داي
الغريب اصبـح يزاحمني بلادي
الثمــر للاجنبــي ويحـرم ْعليّ
-
لا شك ان تلك المرحلة بعد وثبة كانون كانت عصيبة وهذا النوع من الغناء الوطني الذي كان مدربه الاستاذ سعيد ليس هنيا بل كان جراة كبيرة زرعت فينا نحن الصغار بذرة من بذور الوطنية."
-
اكثر من عبرة وردت في قصة هذا العلم ، منها: أن الدولة كانت لا تتساهل في حقها، فمن أجل (500) فلس رسم كمركي حققت وقررت نقل المعلم من المدرسة التي كان فيها حفاظا على كرامة المدرسة وكرامة المعلم. ومنها أن الدولة كانت مهتمة في تعليم أبنائها ولم تبخل عليهم ؛فحتى في الصحراء كانت تسعى الى تعليمهم ( مدرسة في بيت شعر) وكيف أن الإنسان المخلص يعمل في كل الأمكنة مهما كانت الصعاب، ومنها الموقف الوطني الشجاع الجرئ . هذه هي حكاية ابن مدينتي الذي لم التقيه ، ولكني سمعت به ، كتبتها لكم فخذوا منها العبر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حراك دبلوماسي لافت بشأن مفاوضات التهدئة في غزة


.. كأس أوروبا.. ما حظوظ المنتخبات الأربعة في الدور نصف النهائي؟




.. مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية يعقد في القاهرة


.. في ظل الحرب.. سيدة تحوّل منزلها في الجنوب اللبناني إلى مصنع




.. ما أبرز ما أوردته الصحافة الدولية بشأن الحرب الإسرائيلية على