الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين سُلَم مزركش وأرجوحة

فرج بصلو

2005 / 11 / 5
الادب والفن


أحياناً-
عند المساء تزداد فيّ الأشواق
لشيء شكله غاب
عن عقلي

ها قد لفتتني عطور الحياة
برودة الخريف القارصة تصفع محياي
صخب الصغار يسير في أفكاري
ويفتح لي فوهة في جدار الذاكرة

بينما خيط القدر
نسج قماشاً كالحاً
وحيوات الحزن تجلت بألف لون
توأم
لظلمة الألماس
والفحم

*
وعند الغروب ليوم عادي جداً
بمسيري في الشارع
بديت لنفسي طويلاً
ومرتفعاً جداً من على كهرباء الشارع
تعجبت فتعجت لي
إذ بدا لي أن السماء ملء دررها ونورها
تحوم عند جبيني
وبيني لبيني على الأرض الدافئة
مجملها ساحرة, سارت أمامي مواكب الصبايا
تبعث ضجة حداثة
لا شيء يمتثل حلاوتها

"أواه يا نهر الزمان كيفها
أصواتك تعج بدمي!"

*
الشهوات الصغيرة, الشهوات الكبيرة
والمطالبة بالكمال التام
شبيهة اشتهاء شيء
ربما مستحيل

ضناء العقل –
خراب الجسد يومياً
بهجة التجلي وفاجعة الضياع
شيء مغزول شيء منسوج كالعجب
زهاء شهقات أنثى تلد
زهاء تشعب النبات في الأرض

ورحيل الطيور الدقيق. المحدد
خلف الحرارة
خلف القوت
وخلف المناظر المشبعة بالخلبة والحنين

*
من عين البعد بالبصر يوَّثق أفقاً
آخراً
فيتجلى على هيئة أخرى
لن تكتمل هيئتها أبداً
كملامح الحياة نفسها
وبالتيار يستمرون دورة وإختلاف
تكاثر وزمان
وبياض الأعماق المتجلي بفاجعة المعرفة
كبياض شرشف ينفرش إزاء النظر
ليتفجر ببخار الفصل
الحار
بكل تلميحة تشع طية مخفية
كالدقة المشعة
التي تفترشها الروح

*
كي يستوعب مشاهد عمره
على الإنسان المشي في الشارع
وبمروره أمام منشآت الملاهي
المهجورة يدرك
أن طفولته منسية هناك
وهي متروكة بين سلم مزركش
وأرجوحة
وإذ من تلة التراب
تسطع له معلقة
يسطع معها كل ما دمفنه الزمان
(سطوح سكن وغرسات الثمار الحلوة)

وثم بدائلاً حضارية
ومعمارية
جزر القضاء وانعدام العزاء

*
أيفسر هذا الرخاء بالسعادة!
يعج الشارع ويفرغ كعادته
دون عين اخرى لتكبح
شلالات النور
وكل هذه الفتنة الآتية من الهباء
إلى الهباء تزول كرفة العين

أيفسر هذا الرخاء بالسعادة!
إلى الحيطان الزرقاء يوصد الفؤاد
وبشرى النهار قد تصَل بالرنين
وبشرى النهار قريبة بالتأكيد
لا تتذمر
ففي الشكوة تضمحل عدة أشياء
ومسافات الزمان تُحتضن
أبداً في الزرقاء ومن الأبد في العلاء

*
سافر ايها السائق سافر ففي نهاية الطريق
تنتظرني الحسرة وينتظرني الخبز
فانا هجّيت إلى الدنيا
كما ضباب تشرين الممسوس
الذي فقط رياح السماء تضبط
إتجاهه
سافر واعبر الإزدحام
فهذه السهول الممتدة من الأنحاء
إلى الأفق المثقل بالغيوم
مخصصة لإنماء توتٍ
وورود في ميعادها

سافر بالتأكيد:
ترابها الأحمر الخصب
مازال ينفي إحتضاني

*
ذات مرة رأيت غرسة ضئيلة
بمرور الأيام تضخمت
وفرعّت أفنانها
يدي وحنكي أدركوا حلاوة ثمارها
وهي طوال الأيام إنتصبت
على حدود الأيام

وبمرور الأيام رأيتها خالية عارية
لكنها تعلو إلى ما فوق السطوح
وتتشابك بمناظر الغيم
وزرقة السماء ترتسم
بين أفنانها الرمادية

آواه أيتها الزرقة التي لن تتبخر أبداً
شجرة الأيام
المتفرعة في معابر العمر والزمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة عبر الزمن من خلال الموسيقى.. السوبرانو الأردنية زينة بر


.. السوبرانو الأردنية زينة برهوم تبدع في الغناء على الهواء في ص




.. السوبرانو الأردنية زينة برهوم تروي كيف بدأت رحلتها في الغناء


.. بعد استقبال جلالة الملك للفنان عباس الموسوي.. الموسوي: جلالت




.. صباح العربية | بحضور أبطاله ونجوم وإعلاميين ونقاد.. افتتاح ف